‏لا للاهانة المزدوجة

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 127 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
‏لا للاهانة المزدوجة

‏تسعى الوكالات الإنسانية، وخاصة تلك التابعة للأمم المتحدة، إلى تقديم المساعدة للمجتمعات المتضررة وفقًا للمبادئ الأساسية للعمل الإنساني، والتي تشمل: الإنسانية، الحياد، عدم التحيّز، والاستقلالية. إلا أن قيام هذه الوكالات بتصوير أو تسجيل لحظات تسليم المساعدات، أو نشر مقاطع مصوّرة لنازحين أو متضررين من الحرب في اليمن، على سبيل التعريف بالوضع الإنساني أو إبراز جهود المنظمات أو تحفيز الداعمين لتقديم الدعم المالي، قد يثير تساؤلات جوهرية حول مدى احترام هذه الجهات الفاعلة في المجال الإنساني للكرامة الإنسانية، لا سيما في مجتمعات تُعلي من شأن الخصوصية، والشرف، والقيم الثقافية المحلية.

‏ندرك جميعًا أن الوكالات الإنسانية بحاجة إلى عرض أنشطتها وإبراز أثر مساعداتها أمام الجهات المانحة والجمهور، سواءً لأغراض الشفافية أو لجمع التمويل. فالصور ومقاطع الفيديو تُستخدم كوسائل فعالة لتحفيز التعاطف وتسليط الضوء على المعاناة. غير أن هذه الوكالات كثيرًا ما تنزلق إلى منطق تجاري صرف، تصبح معه الحالة الإنسانية مجرد “منتج تسويقي”.

‏والمفارقة أن هذا التسويق يجري في الوقت الذي تُلزم فيه هذه الوكالات والمنظمات نفسها بمجموعة من القواعد الأخلاقية والإرشادات الدولية التي تنظّم كيفية التفاعل مع المجتمعات المحلية، ومن بينها:

‏- مدونة السلوك الخاصة بالهلال الأحمر والصليب الأحمر،

‏- مبادئ “Sphere” للعمل الإنساني،

‏- الالتزام الإجرائي المبدئي بالحصول على الموافقة الحرة والمستنيرة قبل التقاط الصور أو إجراء المقابلات لاستخدامها لاحقًا.

‏لكن السؤال الجوهري يظل مطروحًا: هل يكفي الحصول على موافقة ضمنية أو علنية، مكتوبة أو منطوقة، لاستخدام صور أشخاص في حالة ضعف وحاجة؟

‏هل يُتوقع من شخص أصبح ضحية حرب سلبته جزءًا من كرامته وحقوقه، وهدمت حياته وممتلكاته، أن يملك القوة لرفض تصويره بينما تُمدّ له يد العون؟ 

‏في الحقيقة، تصوير المستفيدين في لحظات ضعفهم يُعدّ انتهاكًا للكرامة، أو شكلاً من أشكال الإذلال غير المباشر، خصوصًا في ثقافات تعتبر تلقي المساعدة أمرًا محرجًا أو مهينًا.

‏وقد تُسهم هذه الصور في ترسيخ صورة نمطية سلبية عن المتلقين للمساعدات، وكأنهم عاجزون أو فاقدو الكرامة. ليس ذنب الطفل أن يكون ضحية، لكن تصويره بهذه الطريقة، التي لم يخترها، يعني تخليد هذه الصورة النمطية طيلة حياته.

‏بل إن هذا النوع من “التسويق الإنساني” يُعدّ انتهاكًا مزدوجًا: انتهاكًا مضافًا إلى جراح الحرب وتبعاتها. وفيه نوع من الفوقية والاستعلاء؛ فالمتحاربون في نظر بعض الفاعلين في هذا المجال ليسوا سوى “همج” أو “متخلفين” يفتقرون للحكمة والعقل، وبالتالي، فإنهم – حسب هذا المنطق – دون المستوى الإنساني الذي تصوغه دول وشعوب ترى في نفسها معيارًا للحضارة والسلام. 

‏هذا “التسليع” يقتضي بالضرورة عدم احترام الكرامة والحق في الحفاظ على الشرف.

‏إن على الفاعلين في المجال الإنساني أن يُثبتوا للعالم أن العمل الإنساني ليس مجرد تقديم مساعدات، بل هو فعل يقوم على التراحم، والاحترام، والكرامة في كل مراحله.

‏قد لا يُجدي الوعظ، لكن الأجدى منه هو العمل على الملاحقة القانونية لكل من يمعن في الإساءة للناس، ما دامت الحرب قد أساءت إليهم بما فيه الكفاية، ويتعمّد تجاهل ثقافتهم وانتهاك حرماتهم. 

‏وعلى اليمنيين، وسط كل هذه الفوضى، توثيق مظاهر الإهانة والانتهاك، استعدادًا ليوم قريب تُفتح فيه أبواب المحاسبة والمساءلة القانونية لمرتكبيها.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تأكيد استشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي برصاص مسلحين في حي الصبرة بغزة

عدن نيوز | 2710 قراءة 

مليشيا الحوثي تقتحم منزل أرملة في صنعاء وتعتدي عليها بوحشية أمام أطفالها

حشد نت | 714 قراءة 

ريمة تصحو على جريمة مروعة.. أب يقتل 3 من أبنائه الشباب ويصيب آخر

بران برس | 433 قراءة 

شاهد اول صورة لحظة نقل الفنان علي عنبه الى عدن

كريتر سكاي | 412 قراءة 

الداعري يوجه كلمة حق يجب أن تقال لمجموعة هائل سعيد أنعم

مراقبون برس | 408 قراءة 

الإعلان عن البدء بصرف المرتبات

كريتر سكاي | 393 قراءة 

عاجل:انتشار امني غير مسبوق بعد قيام الزبيدي بهذا الامر(صورة)

كريتر سكاي | 377 قراءة 

العثور على خزنة أثرية تعود لتاجر يهودي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن

يمن فويس | 366 قراءة 

عدن: صرف مرتبات موظفين مدنيين وعسكريين ونازحين

يمن إيكو | 346 قراءة 

لن تصدق من يكون؟ مصر تفجر مفاجأة: هذا ”أغرب ضيف” سيحضر قمة شرم الشيخ

المشهد اليمني | 320 قراءة