الأستاذ عبدالباري العرشي اعلامي متميز، وله باع طويل في المجال الإذاعي والتلفزيوني، وهو كاتب رشيق الحرف، المعي الفكرة، له نظرات عميقة ورؤى خاصة تكشف عن تميزه، عن قدرته على النفوذ إلى مكامن مايشغل ذهن الإنسان في عولم متعددة. أكانت دنيوية أو أخروية جوهرها الإنسان وخالقه وما يقع عليه من متغير أو لنقل فاعلية كسب، كإنسان مؤثر فاعل ومنفعل أيضًا هو على نفسه بصير.
والأستاذ عبدالباري العرشي في كل محطاته وأفكاره، يستند إلى أدلة يقراءها بما يصل إليه من استنتاجات ويلقي بها علينا، لنقف متسائلين عن هذا النفاذ أو مندهشين من هذا الاستنتاج الذي يصل إليه. هو لايكف عن البحث وعن مشاغلة ذهنه وملامسة العوالم المختلفة برؤية ناقدة فاحصة. لذلك يجوب الزمان والمكان الدنيوي والاخروي، العبادات ومايتصل بها من حلال وحرام وثواب وعقاب. لكنه في كل هذا ليس قاريء، كيفما اتفق، ولكنه متأمل، عميق النظر، تناوشه الأسئلة، كما يحذق في الاجابة، ويترك لنا فرصة الاتفاق أو الاختلاف معه، بمعنى أنه ليس حديًا. ضمن هذا المسار الكتاب الذي يقع بين أيدينا تجربة معرفية متميزة، لنا أن نقبلها او نقف منها موقف الناقد والمتسائل، في كل الأحوال هو ينكش ذهنيتنا، يلقي حجرًا على الآسن لنمحره استكشافًا أو ماذا بعد؟ بمعنى أنه يثور العقل، يرج الافكار أو المسلمات بحيث أنها تقبل التأويل والنقاش.
الاستاذ العرشي يمقت الافكار الصنمية أو الحدية، كما أنه يقلب الفكرة ويدورها حتى يصل إلى مايراه حسنًا. في كل الأحوال ليس فكره أو استنتاجاته قطعية، وإنما هي إسهام فعلي في مجرى النهر المعرفي، في جوانب كثيرة من الحياة كقيمة أخلاقية كمسيرة يحاسب الانسان عليها باعتياره مسئولًا عن افعاله.
بهذا المعنى يكتنز الكتاب بين دفتيه مجالات متعددة. يحسب له أنه فطن إليها واستخلصها بمايراه كإنسان يمتلك ضميرًا ونزوعًا جماليًا إلى ماهو رقراق ونقي، منبعه (الحق) كقيمة سامية من خلالها ينتصر الإنسان لإنسانيته في الحرية والتوق إلى نوال الاستنارة.
بهذا المعنى الأستاذ العرشي له شذرات وتأملات وفسح وسياحة فكر، يصلنا بالماضي والحاضر والمستقبل، ويلقي بنا أيضا في عوالم الغامض لنراه من منطلقه متفتحًا قابلًا لأن نقترب منه ونفهمه.
في كل الأحوال ثمة رشاقة لغوية وأسلوب بسيط تخطه أنامل الأستاذ العرشي عبدالباري بأسلوب جمالي لا يمل، ويزيدنا إمعانًا في الاتجاه صوب مايريدنا أن نعرفه. لاشك أن الكاتب أجهد فكره وأضناه السير في طرق متشعبة ومواضيع متعددة لانستطيع الوقوف عليها جميعها. ولكننا نأتي بما استلهمناه من هذا السفر الجميل البسيط المتواضع المتعدد الرؤى والافكار والاتجاهات. وفي المحصلة لكل هذا ثمة وحدة عضوية تجمع الكتاب بمعنى أننا أمام كتاب تعددت أفكاره ومايجمعها رغبة الكاتب واصراره على لم هذا التعدد ضمن رؤية فسيحة لاتناقض نفسها، وإنما تعزز الفكرة بالفكرة، وبمايستدل به من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو قولات لمفكرين وعلماء اسلام.
في كل الأحوال للقاريء الكريم فسحة التامل وأن ينهل من عطاء الأستاذ العرشي. الذي امتلك ناصية المعنى واستحضاره لنقف عليه ونقراء مداخلاته الغزيرة التي يتفق فيها ويختلف مع آراء الآخرين كمايضيف إليها أيضا مايراه، وهو في كل هذا صاحب نظرات عميقة. نعم إنها نظرات عميقة نترك للقاريء الكريم الوصول إليها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news