في خضم النقاشات المتصاعدة حول مستقبل الجنوب العربي، وتزامنًا مع محاولات البعض إحياء خرائط التقسيم الاستعمارية، خرج الدكتور حسين العاقل، الأكاديمي والباحث السياسي، بمقالٍ حاسم يعيد التأكيد على وحدة أراضي الجنوب العربي كجسد واحد لا يتجزأ، وينسف فيه سرديات التشظي التي يعوّل عليها خصوم القضية الجنوبية.
من حبروت إلى حنيش.. وحدة جغرافية وهوية وطنية
في مقاله الذي حمل عنوان "أراضي محافظات الجنوب العربي جسد واحد لا يتجزأ"، أشار الدكتور العاقل إلى الامتداد الجغرافي الموحد لأراضي الجنوب العربي من شرق المهرة إلى غرب باب المندب، ومن أقصى سقطرى جنوبًا إلى حدود الربع الخالي شمالًا، بمساحة تُقدّر بـ 336,000 كيلومتر مربع، هذا الامتداد ليس مجرد ترسيم على الخرائط، بل يمثل وحدة الأرض والإنسان والهوية التي حافظ عليها أبناء الجنوب رغم محاولات التمزيق التي فرضتها قوى استعمارية أو مراكز نفوذ سياسية لاحقة.
الرد على دعاة التقسيم: التاريخ لا يُزَوّر
ويرد الدكتور العاقل بقوة على من يحاولون توظيف الإرث الاستعماري لخدمة أجندات تقسيمية، قائلاً إن الاستعانة باتفاقيات الحماية البريطانية أو الموروث السلطاني لا تعني شيئًا أمام حقيقة أن شعب الجنوب قد خاض نضالًا مريرًا لتوحيد أرضه تحت راية واحدة.
ويضيف أن محاولات إعادة إنتاج هذه التصنيفات السياسية أو إحياء سلطات ما قبل الاستقلال ما هي إلا "مزاعم عبثية"، ثبت فشلها تاريخيًا، ولن تجد اليوم أي حاضنة شعبية أو مشروعية وطنية.
من التجزئة إلى الوحدة.. شعب يُعيد صياغة مستقبله
يشير العاقل إلى تجربة التوحيد التي خاضها الجنوبيون بعد الاستقلال عن بريطانيا، حين تجاوزوا أكثر من 23 سلطنة ومشيخة وإمارة ليعلنوا تأسيس "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"، ثم "الجمهورية الديمقراطية الشعبية".
ويوضح أن هذا التحول لم يكن نتيجة ضغوط خارجية فقط، بل نتيجة وعي جمعي وطني، أراد للجنوب أن يكون كيانًا موحدًا وقويًا.
الدولة القادمة.. فيدرالية عادلة لا مركزية
وفي تأكيد واضح على مشروع الدولة الجنوبية الجديدة، يرى الدكتور العاقل أن الجنوب يتجه نحو إقامة دولة فيدرالية مستقلة ذات سيادة، تُمنح فيها كل محافظة حكمها الذاتي الكامل، وتدير مواردها بشكل مباشر وفق تشريعات دستورية عادلة، تحفظ الحقوق وتمنع التغوّل أو الاستبداد باسم المركز.
ويؤكد أن هذا النموذج يحقق التوازن بين وحدة الأرض والهوية من جهة، والعدالة الإدارية والسياسية من جهة أخرى، مشددًا على أن الجنوب ليس بحاجة لوصاية من أحد، وأن خيارات شعبه واضحة ومستقرة.
تحذير للعبثيين: لا تعبثوا بإرادة شعبنا
بلغة حازمة، يوجّه العاقل رسالته إلى من وصفهم بـ"الباحثين عن الأوهام"، داعيًا إياهم إلى الترفّع عن اجترار المشاريع الفاشلة، والتوقف عن محاولات شق الصف الجنوبي.
ويذكّر بأن المجلس الانتقالي الجنوبي، بوثائقه وخطابه وأدائه السياسي، هو الحامل الشرعي لمشروع الاستقلال، وهو المؤطر قانونًا وشعبيًا لتحقيق تطلعات شعب الجنوب.
ويختم مقاله بدعوة صريحة إلى الاحتكام للعقل والحكمة، والانخراط في مشروع وطني شامل يُجنّب الجنوب مغبة الصراعات الداخلية ويحصّنه من محاولات الاختراق.
الجنوب أرضًا وشعبًا.. لا يقبل القسمة
إن ما أراد الدكتور حسين العاقل التأكيد عليه في مقاله لا يندرج ضمن إطار السجال السياسي العابر، بل هو تثبيت لحقيقة مركزية في الوعي الجنوبي: أن الجنوب كلٌ لا يُجزّأ، وأن الجغرافيا ليست قابلة لإعادة التفصيل وفق رغبات ضيقة أو مصالح مشبوهة.
في زمن تتداخل فيه المشاريع وتتنازع القوى على النفوذ، يظل الجنوب متمسكًا بوحدته، وهويته، ومشروعه الوطني المستقل، مدعومًا بتاريخ من النضال، ووعي سياسي لا تنطلي عليه الألاعيب القديمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news