رغم واقع السياحة المتردي في اليمن؛ ازدهرت خلال السنوات الأخيرة “الاستراحات السياحية”، التي مثلت متنفسات للشباب والعائلات، وعززت السياحة الداخلية. وتتميز تلك الاستراحات بغرفها المريحة ومسابحها والحمامات البخارية، ومساحات خضراء. وعادة ما يتم تأجير الاستراحات في فصل الصيف، لكنها في صنعاء تمثل مقصدًا طوال أيام العام، خاصةً للنساء والعائلات.
وبحسب عدد من النساء تحدثنّ مع “المشاهد”، فإن هذه الاستراحات تُعد متنفسًا لهنّ. وقد تزايدت أعداد الاستراحات النسائية في صنعاء. وأصبح الإقبال على الاستراحات النسائية يجذب المستثمرين. يوجد بصنعاء 35 استراحة فيما ينتظر عدد مماثل إجراءات التراخيص، بحسب وزارة السياحة التابعة للحوثيين.
خصوصية وأمان
مالكة إحدى الاستراحات بصنعاء، تغريد النويرة، عملت على تخصيص استراحتها للنساء فقط. وتم توظيف كادر نسائي بشكل كامل، من موظفات الاستقبال والكافتيريا، وعاملات المساج والخدمات، وحتى الحراسة والأمن.
رغم واقع السياحة المتردي في اليمن؛ ازدهرت خلال السنوات الأخيرة “الاستراحات السياحية”، التي مثلت متنفسات للشباب والعائلات، وعززت السياحة الداخلية، وتتميز بغرفها المريحة ومسابحها والحمامات البخارية، ومساحاتها الخضراء، وعادة ما يتم تأجير الاستراحات في فصل الصيف، لكنها في صنعاء تمثل مقصدًا طوال أيام العام، خاصةً للنساء والعائلات
تقول النويرة لـ”المشاهد”: “وفرنا فرص عمل للنساء سواءً اللواتي حصلنً على شهادات تعليم وخبرة، أو اللواتي لم يكملنّ تعليمهنّ. وندفع لهنّ أجورًا تتناسب مع ظروفهنّ المعيشية الصعبة؛ لأن غالبيتهنّ معيلات لأسرهنّ وهذا أمر إيجابي”.
وتحرص النويرة على عدم الترويج لاستراحتها عبر وسائل الإعلام، من خلال أخذ انطباعات زبائنها؛ لأنها تخشى من مضايقة عميلاتها. حيث يتجنبنّ التأثير على قناعات بعض الرجال، الذين يظنون أن الاستراحات ليست أماكن آمنة لنسائهم.
وتضيف أنها وغيرها ممن يملكنّ استراحات نسائية يأخذنّ بعين الاعتبار مسألة الخصوصية بحذر؛ للحفاظ على تقاليد وقيّم المجتمع اليمني. وضمان عدم تعرضهنّ لمضايقات مجتمعية أو حتى من السلطات الحاكمة في صنعاء.
وتؤيد مديرة مؤسسة “شهرزاد” المعنية بثقافة المرأة، منى المحاقري، ما أشارت إليه تغريد النويرة. وترى “أنه بعد انتشار ظاهرة قاعات الأعراس والمناسبات الفخمة في كل شارع بالعاصمة صنعاء، انتشرت ظاهرة الاستراحات والمنتجعات. وأصبحت غالبية الأماكن السياحية الاستثمارية تتركز بمنطقة عصر الجبلية، وباتت مقصدًا للنساء للاستمتاع بأوقاتهنّ مع صديقاتهنّ وأطفالهنّ وممارسة الرياضة والسباحة”.
مالكة إحدى الاستراحات: وفرنا فرص عمل للكثير من النساء والفتيات، سواءً المتعلمات أو اللاتي لم يستطعنّ إكمال تعليمهنّ، كما نأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على تقاليد وقيم المجتمع اليمني وخصوصية النساء المترددات على الاستراحات، وضمان عدم تعرضهنّ لمضايقات مجتمعية أو حتى من السلطات الحاكمة في
صنعاء
وتقدم هذه الاستراحات خدماتها بأسعارٍ تناسب الطبقة المتوسطة. وتتشارك مجموعة من الفتيات أو العائلات تكاليف استئجار الاستراحات؛ ما يجعلها أقل كلفة. وبحسب المحاقري فإن ما يجمع بين كل هذه الاستراحات هو النظافة والحفاظ على الخصوصية.
حيث أنها مخصصة للنساء فقط، كما أن طاقم الخدمة من النساء كذلك. لافتةً إلى أن إدارات الاستراحات تمنع استخدام الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات تصوير داخل الاستراحة.
تنافس رغم المضايقات
بسبب كثرتها، تتنافس الاستراحات النسائية بتقديم عروض مغرية لزبائنها، خاصة خلال فصل الصيف. ويتم تخفيض أسعار الدخول في الصيف، وتقديم حفلات مجانية لعازفات وفنانات يمنيات. لكن الإعلان عن الحفلات يتم بشكل شخصي وسري. حيث تعمل بعض الفتيات على مراسلة صديقاتها ممن يرغبن بالحضور في مدة تسبق موعد الحفلة بشهر.
ويتم الترتيب لتلك الحفلات عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي؛ تجنبًا لملاحقة “الزينبيات”، وفقًا لـ”سميرة” إحدى العاملات في استراحةٍ بصنعاء. و”الزينبيات” هي الشرطة النسائية التابعة لجماعة الحوثي، التي تسيطر على صنعاء والمحافظات الشمالية من اليمن. وتحاول الجماعة تقييد مثل هذه الحفلات الغنائية، بعد منعها في الأعراس بصنعاء ومناطق سيطرتها، بحسب حديث سميرة لـ”المشاهد”.
تشكو غالبية مالكات الاستراحات النسائية في صنعاء من مضايقات “الزينبيات” أو الشرطة النسائية التابعة لجماعة الحوثي، وفرض السلطات الحوثية رسوم تراخيص باهظة من جهات ووزارات عديدة تابعة للجماعة، وجبايات أخرى تحت مسمياا المجهود الحربي وغيرها؛ ما يتسبب بتقويض الاستثمار في هذا المجال
بالإضافة إلى جبايات أخرى تؤخذ تحت مسميات متعددة، كالمجهود الحربي ودعم الجبهات، أو دعم أسر وأمهات الشهداء، بحسب مالكات الاستراحات. ويضيفنّ: تلك الممارسات تقوّض الاستثمار في هذا المجال، ورغم ذلك فإن الإقبال على هذه الاستراحات يتزايد.
وتعزو مالكات الاستراحات تزايد الإقبال إلى حاجة النساء والعائلات لجلسات ترفيه. والتغلب على التبعات النفسية للحرب والقصف؛ ما شجع رائدات الأعمال على الاستثمار في هذا المجال الذي تفتقده اليمنيات.
ويتراوح متوسط أعداد الوافدات إلى الاستراحات أسبوعيًا ما بين 300- 500 امرأة. ومن المحتمل أن يزداد العدد في حال استقرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية في صنعاء وتوقفت مضايقات السلطات الحوثية للمستثمرين.
دعم صناعة الترفيه
انتشرت الاستراحات بشكل مكثف في كافة أحياء مدينة صنعاء، بعضها تملكها نساء أو يتشاركنّ ملكيتها ومهام إدارتها. وتتركز هذه الاستراحات في أحياء الإذاعة، قاع القيضي، الستين، الدائري، حي الأعناب، وأرتل. ما يعني أن تواجدها لم يعُد يقتصر على الأحياء الراقية المتعارف عليها في صنعاء، مثل حدة، الأصبحي، والخمسين.
وعن ذلك، ترى الناشطة في ريادة الأعمال، شمس نصيري، أنه “يجب على البيوت التجارية دعم صناعة الترفيه. خاصةً في المناطق التي يقطنها ذوي الدخل المتوسط والمحدود بصنعاء، في ظل افتقار اليمن للكثير من الحدائق والمنتزهات”.
وتقول نصيري لـ”المشاهد”: “مشاريع الترفيه لها أثر في تخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية للحرب المندلعة في اليمن منذ عشرة أعوام. وتواصل: الاستثمار في مثل هكذا مشاريع وتشغيلها، غير مكلف. داعيةً رجال المال والأعمال داخل اليمن وخارجه إلى الاهتمام بمشاريع الترفيه لحاجة المواطنين والاقتصاد الوطني إليها بشكل عام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news