استعرض الكتاب لـ”يمن ديلي نيوز” عبدالله العطار:
(الهجرات اليمنية من بون صنعاء إلى البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا)، للمؤلف القاضي/عبدالله عبدالوهاب المجاهد الشماحي، الطبعة الأولى1976م دار البيان في لبينان في 115 صفحة.
تصدرت هذا الكتاب مقدمةٌ كتبها الرئيس اليمني الراحل المعروف بحب الشعب اليمني له وهو المقدم إبراهيم الحمدي، والذي شهد بتميز المؤلف وأهمية الموضوع الذي طرقه بالنسبة لليمن وللعرب.
يقول الحمدي: استعرضتُ هذه النبذة التاريخية لمؤلفها مستشار العدل الوالد القاضي العلامة عبد الله بن عبد الوهاب المجاهد الشماحي، وإنها لتحفة تكمن متعتها في أنها طرقت مواضيع تاريخية جديدة مدعمة بالأدلة العلمية استوحى المؤلف منها أن سكان شمال إفريقيا ما فيهم القبائل البربرية ترجع أنسابهم إلى (البونيين) اليمنيين الذين هم من منطقة صنعاء المتناولة (بون عمران) نزحوا قبل عصور التاريخ إلى شمال إفريقيا وغيرها إلى ما هناك من مواضيع تاريخية جديدة كانت في أصدافها محجوبة، ففتح المؤلف إليها الطريق لمن يطلب الارتواء من التاريخ.
وإنا لنرجو من المؤلف وأمثاله المزيد من الجهود لبعث تراثنا التاريخي الغني بكل مقومات الحضارة، وفقنا الله جميعاً لما يرضيه.
إبراهيم محمد الحمدي.
إثبات عروبة شمال إفريقيا
وقد وضح الشماحي في بداية الكتاب بأن سبب تأليف هذا الكتاب هو إثبات عروبة شمال إفريقيا، وفضح اليهود الذين زوروا التاريخ وغالطوا المؤرخين والنسابين.
بدأ الكتاب أيضا بمقدمة قال فيها إن الدراسات قد أثبتت أن الجزيرة العربية هي الأصل للإنسان الأول، وأن اليمن هي أصل الإنسان سواء الأفريقي أو البريطاني أو الذي كان في بلاد الرافدين وغيرها، والدليل على ذلك أن بعض المدن في أروبا وغيرها ما زالت تحمل أسماء تدل على ذلك.
وذكر أن البربر ليسوا من الفينيقيين ولا الكنعانيين ولا الحميريين ولا العدنانيين كما قال اليهود بل هم أقدم من هؤلاء جميعا، فالبربر هم من استقبلوا الفينيقيين والكنعانيين وتمازجوا معهم، ولذلك فالبربر هم من اليمن، فاليمن هي مهد الحضارة وهي الأصل، وهو ما أثبتته الدراسات والدلائل.
التاريخ والأنساب والبشرية والعبرانيون:
إن ما أثبته العلم يدل على أن العرب ليسوا فرعاً من السامية بل هم الأصل، بل أن هناك من قال إن اللغة الحميرية ليس لها صلة باللغة العربية وهذا ليس صحيحاً، والمشكلة الكبرى كما يقول المؤلف أن الإسرائيليين هم من قزموا العرب بهذه الأفكار الكاذبة وتبعهم المؤرخون للأسف مع أن القرآن الكريم قد فضحهم وفضح كذبهم بكثير من الآيات القرآنية التي أورد المؤلف كثيراً منها.
تاريخ العبرانيين
لقد بدا تاريخ العبرانيين من يعقوب بن إسحاق عليه السلام وليس قبل ذلك، وهذا كله من كذب الإسرائيليين.
ثم وضح بأن اليهود حكموا مصر وغيرها بمساعدة بعض حكامها آنذاك، لكنهم كانوا متعصبين لمذهبهم ويهوديتهم ولم يوفوا لمصر ولا لحكامها الذين ترجع أصولهم إلى العبرانيين الذين سكنوا لبنان وسورية وأجزاء من فلسطين.
فترة الرخاء القصيرة
خلال حكم داود عليه السلام بعد انتصاره على الفلسطينيين ومن بعده ابنه سليمان عليه السلام، عاشت فلسطين برخاء في فترة حكمهما وقد كانت هذه الفترة 72عاماً فقط، فبعد أن مات سليمان عليه السلام انقسمت فلسطين، وقويت مصر، وهجم الآشوريون على مملكة إسرائيل حينها وقضوا على مملكتهم نهائيا، وفي عام 604 ق.م غزا “نبوخذ نصر” مملكة يهوذى ودمر القدس وقضى على كل اليهود.
بابل واليهود
بعد القضاء على اليهود هم في فلسطين لجأ بعضهم إلى بابل وتجمعوا فيها حينها تذكروا ما لحق بهم من قبل المصريين والسوريين والآشوريين وبدأوا بالتخطيط للانتقام.
يقول المؤلف إن اليهود قبل بابل لم يكونوا متحضرين، لكن في بابل ظهرت النزعة اليهودية والأفضلية التي ما زالوا حتى اليوم يدعونها، أما الفارسيون فقد استغلوا اليهود في بابل واتخذوا منهم جواسيس أو ما يسمى اليوم بالطابور الخامس، ودعموهم حتى استطاع اليهود مع دعم الفارسيين من ابتلاع الامبراطورية البابلية واحتلال عاصمتها، بعدها قاموا بتزييف التوراة وتحريفها لما يخدمهم.
الإيحاء المناخي والأثري
أثبتت السجلات الجيولوجية والأثرية أن الجزيرة العربية هي أصل الإنسان، وقد بدأت الحياة فيها في حين ان أروبا وإفريقيا والهند والصين كانت مازالت نائمة في سراديب الجليد الرابع.
وقد تكاثر الإنسان في الجزيرة العربية وجمعتهم اللغة، بل إن الاستقرار أدى إلى زيادة العدد.
لكنهم مع كثرة العدد انتقلوا إلى باقي الأمصار حاملين حضارتهم التي شيدوها، فحضارة الإنسان نشأت في الجزيرة العربية وخصوصاً في جنوبها ،ثم بسبب الجفاف انتقل كثير منهم إلى مناطق أخرى، وهذه الهجرات امتدت إلى البلقان وإفريقيا وأسبانيا.
لقد هاجر البونيون الذين كانوا في عمران اليمن إلى مناطق عديدة منها الجزائر وتونس ومصر وألمانيا وإيطاليا وغيرها.
وكثير من المؤرخين الأوروبيين وغيرهم أثبتوا أن اليمن هي أصل الحضارة والإنسان الأول.
ثم يوضح المؤلف بأن الفينيقيين العرب وهبوا العالم الأوروبي أبجديتهم، لكن الخط الفينيقي هو نفسه منقول من بلاد العرب فالخط المعيني وجد قبله، ثم يقول بأن اليمن هم الذين بلغوا مطالع الشمس ومغاربها بسلطتهم وفتوحاتهم، بل هم من أقاموا سد الصين العظيم، بل إنهم هم أول من بنى المنارات في بحر الظلمات، وأول من وصل أمريكا وغيرها.
ولهذا فإن ما سبق يثبت بأن الأصل هم العرب وليس السامية والحامية، وأن سكان شمال إفريقيا هم عرب دماً ولغة، وأن الحضارة العربية هي أقدم حضارة في العالم، وأن العرب في القرن الخامس عشر قبل الميلاد تقلدوا زمام العالم سياسياً واقتصادياً وهو ما أثبتته الدراسات والأدلة كما وضح ذلك مسبقا.
الفصل الأول
حمل الفصل الأول عنوان ما قبل التاريخ، وهدف المؤلف منه إلى الاشارة إلى زمان ما قبل الكتابة التصويرية والصوتية لتدوين أفكاره وأعماله، حيث قال إن نهاية هذه القبلية تختلف بين الشعوب وأول ما انتهت هذه المرحلة في اليمن والعراق ومصر والمنطقة الايجية في حين لم تنته هذه المرحلة إلا في عهود متأخرة.
واعتمد المؤلف في هذه الجزئية إلى خمسة مصادر هي البحوث الجيولوجية، وعلم الإنسان، وما خلفه الإنسان من آثار قبل العصر الحجري الحديث وما بعده، والكتاب المقدس القرآن الكريم وليس التوراة أو الإنجيل، والأساطير مع غربلتها.
ثم يقول إن كل الدلائل توحي بأن نوح من اليمن وهو رأيه الشخصي كما يقول.
الفصل الثاني
وحمل عنوان “العرب العاربة وفجر العشرة آلاف عام قبل الميلاد” حيث قال المؤلف إن فجر التاريخ الإنساني كان مع الألف العاشر قبل الميلاد، والجزيرة العربية حينها كان بها قوم عاد وصالح وثمود وغيرها، والتوراة لم تذكر هذا عن قصد لأنه تم تحريفها.
ثم يقول إن الأحقاف هي موطن عاد في جنوب اليمن، وقد كانت ذات جنات ورخاء واستقرار، وأن (يعرب) حكم الجزيرة العربية كلها وهو قائد قحطاني تغلب على العمالقة وثمود ثم حكم الجزيرة كلها، وقد كان من أولاده عبد شمس المسمى (سبأ).
ومن خلال التتبع والاطلاع خلص الباحث إلى أن الحضارة الإيجية بدأت في الظهور في الألف الخامس قبل الميلاد ولم يأت الألف الرابع إلا وهي تضاهي حضارات العراق ومصر والجزيرة العربية، وأن الجفاف وتكاثر السكان هو من جعل الناس ينزحون نحو العراق ومصر وإفريقيا وغيرها.
كما توصل إلى أن الشعوب البونية التي سكنت عمران وصنعاء هي التي هاجرت إلى المنطقة الإيجية وشمال الجزيرة العربية ونزلوا البحر المتوسط وإفريقيا، وقد أخذوا أسماء مختلفة في تلك المناطق ماعدا الذين في شمال أفريقيا فقد احتفظوا باسمهم (البونيون) وهو ما يؤكد أصلهم اليمني، ثم أطلقوا بعض الأسماء على أجزاء منهم مثل (البربر) وهم من البونيين.
فالبونيون هم الأصل وهم من استقبل الكنعانيين والفينيقيين وتزاوجوا وتكاثروا لكن الاسرائليين هم من زوروا التاريخ ولفقوا أخباراً كاذبة ومن ترهاتهم أن اليهود والفرس هما من أصل سام وغير ذلك وللأسف أن ابن خلدون تبعهم في مثل هذه الترهات كما يقول المؤلف.
الفصل الثالث
وفي الفصل الثالث الذي عنونه بـ “المعينيون والسبئيون والفينيقيون والبونيون” قال المؤلف إن معين وسبأ وحمير هم أسرة واحدة يتصل نسبها بعبد شمس المتصل بالملك يعرب، وعبده شمس له عدة ألقاب منها: معين وسبأ.
وقد تعددت الأسر المالكة في معين بسبب التفاهم فيما بينها. وقد كانت هناك صلة بين سكان شمال أفريقيا والمعينيين والسبئيين وخصوصاً في الاقتصاد، لذاك تحكما في البحر الأحمر والبحر المتوسط مما أثار أحقاد الآخرين مثل الأسكندر المقدوني الذي حاول ابتلاع اليمن وفشل ومات قبل تحقيق أمنيته.
والرومان حاربوا البونيين قرناً ونصف القرن، وفي الأخير تغلبوا عليهم في 141ق.م.
وبسبب الانتصار على البونيين تنبه السبئيون لذلك وأعدوا العدة وجهزوا أنفسهم عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وحينما حاول الرومان ابتلاع اليمن قام الملك (اليشرح اليحصبي) بسحق الرومان ثم قام بإعادة سد مأرب وبنى قصر غمدان وغيره، لذلك نجد أن العنصر الآري هزم شر هزيمة في اليمن.
الفصل الرابع
أما الفصل الرابع فخصصه المؤلف لعلاقة اليمن بالمغرب العربي قبل الإسلام، وأشار فيه إلى أن الجزيرة العربية ظلت المعقل الوحيد والأخير الذي صمد في وجه الطوفان الآري منذ عام 141ق.م.
وقد كان هذا الصمود أقوى الإرهاصات للنبوة المحمدية وظهور الإسلام وانتشاره.
لذلك كان العرب مهيئين للإسلام ونشره وقد اندمجوا مع من هم في شمال أفريقيا وهذا الاندماج دليل على الثقة والوحدة بين الجميع بل إن الصلة كانت قوية حتى مع البربر.
ثم يعرج المؤلف على علاقة اليمن والجزائر وأنها كانت علاقة قوية، فاليمنيون هم من فتحوا الجزائر وكانت تربطهم علاقة قوية في جوانب كثيرة، ثم يتحدث عن التلاحم الذي ظهر في القمة التي عقدت في الرياض وكيف أعجب بكلمة الأمير فيصل التي عبرت عن التلاحم العربي القوي وهذا الإعجاب قد ترجمه المؤلف بقصيدة شعرية طويلة، ليصل في النهاية ليؤكد أن عام1962م كان يوم قيام الثورتين اليمنية والجزائرية وهو ما يدل على العلاقة بين البلدين.
خاتمة:
هذا الكتاب مهم جداً كونه اعتمد على البحوث والدلائل التي تثبت أن الجزيرة العربية وبالأخص اليمن هي أصل الإنسان الأول والحضارة الأولى في العالم، وأن اليمنيين انتشروا في كل بقاع الأرض ونشروا حضارتهم التي أخذوها معهم، وأن الإسرائيليين هم من زوروا التاريخ وحاولوا تقزيم العرب بجزء صغير ينتمي إلى سام أو حام وأنهم بسبب الحقد حرفوا التوراة وشوهوا التاريخ من أجل مصالحهم ومذهبهم.
وللأسف أن هناك من المؤرخين العرب من تبعهم في كذبهم وتزويرهم مثل ابن خلدون كما يقول المؤلف وما جاء به المؤلف لم يكن اعتباطا بل قائما على الدراسات والدلائل التي أثبتت ذلك.
مرتبط
الوسوم
كتاب الهجرات اليمنية من بون صنعاء إلى البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا
الكاتب القاضي/عبدالله عبدالوهاب المجاهد الشماحي
الطبعة الأولى
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news