للأسبوع الثالث، يتداول اليمنيون وغيرهم من المهتمين بالشأن اليمني اسم منطقة "العصايد" كواحدة من أبرز القواعد العسكرية الرئيسية لجماعة الحوثيين، ذراع إيران في اليمن، التي طالتها غارات أمريكية مكثفة منذ بدء الإدارة الأمريكية بزعامة دونالد ترامب، 15 مارس المنصرم، عمليات ضد الجماعة الحوثية المصنفة منظمة إرهابية.
الغارات العنيفة التي شاركت فيها قاذفات أمريكية واستخدمت فيها ذخائر خارقة للتحصينات وقذائف شديدة الانفجار، تركز العدد الأكبر منها في محافظة صعدة شمالا، على الحدود مع السعودية، وكانت مديريتي الصفراء وكتاف- البقع مسرحا لأكبر وأعنف تلك الغارات.
تقع منطقة "العصايد" امتدادا للمرتفعات الجبلية الممتدة غربي مديرية كتاف- البقع، إلى الشرق من مدينة صعدة وشرق مديرية الصفراء.
وهي عبارة عن سلسلة مرتفعات جبلية مترابطة تبدأ من غربي العشاش بمنطقة آل مقبل وتمتد شمالا إلى أطراف مناطق عمق عزلة وادي الفرع، المحاذية لمنطقة نشور غربا.
وهي ذات أهمية استراتيجية، استهوت الجماعة الحوثية التي اتخذت منها مركزا عسكريا حيويا، كغيرها من المرتفعات المنيعة في صعدة التي تتحصن فيها الجماعة وحولتها إلى قواعد ومدن مدفونة تحت الأرض ومخابئ منحوتة أسفل الجبال.
طبيعة تضاريس المنطقة ساعدت الحوثية في تحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، محظورة، وتطوير مخابئ حصينة للأصول الحربية المتطورة ومقار للقيادة والسيطرة أسفل الجبال المرتبطة ببعضها، تم تأمينها بنقاط حراسة ومراقبة، وتأمين مرافق لوجستية ومراكز إمداد، وربطها بشبكة من الطرق وخطوط وصول متعددة.
ترتبط العصايد بالطريق الاسفلتي الرئيسي الذي يصل مدينة صعدة بكتاف والبقع، الذي يمر من جغرافيا المنطقة. كما تساعد المنخفضات والسوائل الكبيرة في تسهيل حركة القوات والمناورة بالمعدات القتالية، وتتيح المواقع الحاكمة توزيع الأسلحة وتوفير مجال نيراني واسع لذخائر الدفاع الجوي والقوة الصاروخية وتمركز جيد لمحطات المراقبة.
كما ترتبط المنطقة جنوبا بثلاث قواعد عسكرية مركزية على الأقل تقع إلى الغرب من منطقة العشاش والحجر، قرب منطقة "كدم والرحبة الخضراء"، وتتصل بشبكة مواقع ممتدة على جوانب الطريق الرئيسي، وصولا إلى مخابئ في منطقة نشور. وتلك المنشئات كانت عرضة للهجمات الأمريكية منذ مطلع العام الماضي.
خريطة توضح موقع منطقة "العصايد" في كتاف صعدة.
انفوجرافيك "ديفانس لاين"
منطقة تعسكر ومنصات إطلاق
تشير صور الأقمار الصناعية ومصادر استخبارية إلى تطوير الحوثية عدة مخابئ قديمة وأخرى حديثة في تلك المنطقة، وكذلك مراكز رئيسية للتقنيات الإيرانية وأنظمة الاتصالات وورش تصنيع وتخزين وقود الصواريخ.
كما توضح الصور التي تتبعها فريق "ديفانس لاين" إنشاء الجماعة شبكة واسعة من الخنادق والأنفاق المتفرعة موزعة على مساحات متباعدة، لاستخدامها كمخازن فرعية للأسلحة والذخائر وعدم تكديسها في مخازن رئيسية كبيرة تخشى الجماعة أن تكون عرضة لهجمات.
تلك التحصينات المؤمنة بسواتر ترابية قد بدأ العمل فيها منذ ما بعد العام 2021، وبعضها تم تطويرها حديثا، وفقا للصور التي وثقتها الأقمار الصناعية.
وهي توفر لجماعة مرابض للأسلحة الجوية والرادارات وأنظمة التوجيه ويمكن استخدامها كمنصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، إذ يمكن من خلالها تحريك منصات لإطلاق ذخائر من مواقع مختلفة وتعود للاختباء في الأنفاق أو في القواعد العسكرية القريبة.
تفيد معلومات ومصادر "ديفانس لاين" أن الجماعة الحوثية تقوم بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من تلك الهضاب، وبعض صواريخ أرض- جو استخدمت لاعتراض طائرات استطلاع أمريكية.
ويرجح أن الجماعة قد قامت بإعادة تعبئة مخازنها المركزية منذ ما بعد انطلاق عمليات "عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية والإمارات ضد الجماعة في مارس 2015، وأعادت توزيع مخزوناتها في مخابئ صغيرة ودفنها في تلك المناطق المحظورة الممنوع اقتراب المواطنين منها.
وقد كانت العصايد هدفا لغارات مقاتلات التحالف العربي خلال ما قبل أبريل 2022، لكن تلك الهجمات كانت محدودة.
خلال عقدين من نشأتها وجهت الجماعة الحوثية استثمارات هائلة لتطوير بنى عسكرية مؤمنة تحت الأرض وإنشاء
شبكة مخابئ وملاذات محصنة في محافظة صعدة، على غرار قواعد "قشم والخجير" في أصفهان إيران
، وتسارعت تلك المجهودات منذ ما بعد إعلان الهدنة الأممية في ابريل 2022م.
إذ قامت الجماعة بتوزيع المنشئات والمقار على مختلف مناطق محافظة صعدة، مستغلة معظم المرتفعات والمواقع الاستراتيجية.
وتقع في
مديرية كتاف إحدى أكبر المجمعات العسكرية الحوثية
. خصوصا في المناطق الجبلية التي تقع إلى الجهة الغربية والشمالية الغربية لكتاف.
تلك
القواعد العسكرية تمتد جنوبا إلى عزلة آل سالم
التي تقع فيها شبكة من المخابئ والكهوف طورتها الجماعة مستفيدة من جبالها المنيعة وطبيعة تضاريس المنطقة.
وتمتد مناطق
التمركز العسكري للحوثية إلى مناطق نشور شمالا
باتجاه الحدود مع السعودية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news