في السابع من أبريل 2022، تم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في خطوة اعتبرها كثيرون بداية جديدة لليمن، توحدت حوله القوى الوطنية، وأُعلن عن تعهدات صريحة من أعضائه لاستعادة مؤسسات الدولة اليمنية والتصدي للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران، إلا أنه وبعد مرور ثلاثة أشهر على آخر اجتماع للمجلس، يتساءل العديد من المتابعين عن مصير هذه الوعود في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية في المناطق المحررة.
الاحتفاء في غياب الفعل
في الذكرى الثالثة لتشكيل المجلس، ألقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، سلسلة من التدوينات عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) احتفاءً بهذه المناسبة، معربًا عن تجديد التزام المجلس بمواصلة العمل على استعادة مؤسسات الدولة ورفع المعاناة التي أفرزتها حرب المليشيات الحوثية.
واعتبر العليمي أن تشكيل المجلس كان "محطة هامة في توحيد القوى الوطنية"، مشيرًا إلى أنه شكل "نقطة انطلاق لمواجهة التحديات الكبرى"، وعلى رأسها تحدي إسقاط الانقلاب الحوثي، وبينما كانت هذه التصريحات تعكس التفاؤل بالمرحلة المقبلة، كانت الأوضاع في الواقع لا تعكس هذا التفاؤل.
ثلاثة أشهر مرت دون أن يلتئم المجلس في أي اجتماع رسمي، رغم التغيرات الكبيرة في المنطقة والملف اليمني، وكذلك التصعيد العسكري المستمر والتدهور الواضح في الخدمات الأساسية.
غموض الصمت وغياب المبادرة
الغياب المستمر للاجتماعات على الرغم من الأحداث المتسارعة في الداخل والخارج أثار العديد من التساؤلات حول فعالية المجلس واستجابته للأزمات المتفاقمة، في وقت يواجه فيه اليمن أزمات اقتصادية خانقة، وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية، فضلًا عن تردي الخدمات الصحية والتعليمية، يظل غياب مؤسسات الحكومة ومجلس القيادة عن الواجهة مثارًا للدهشة.
لم يتمكن المجلس الرئاسي من عقد أي اجتماع منذ بداية العام 2025، وهو ما أثار استياء الأوساط السياسية والشعبية التي طالبت بضرورة أن يقوم المجلس بدوره في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي يتعرض لها البلد، في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون توسيع سيطرتهم، وتواجه الحكومة الشرعية تحديات غير مسبوقة على كافة الأصعدة.
تأثير غياب الرؤية الموحدة
إن غياب الاجتماعات وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة يثير القلق حيال قدرة المجلس على مواجهة التحديات التي تعصف باليمن، هذا الصمت الذي يهيمن على المجلس في وقت يحتاج فيه الوطن أكثر من أي وقت مضى إلى قيادة قوية وفاعلة، قد يعكس إما أزمة داخلية في التنسيق بين الأعضاء، أو ربما صراعات بين الأطراف السياسية المكونة للمجلس، وهو ما يعطل أي محاولة للنهوض بالوضع في المناطق المحررة.
في السياق نفسه، يرى مراقبون أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والتي تشمل تراجع العملة المحلية وارتفاع الأسعار قد يكون سببًا مباشرًا في تصاعد الغضب الشعبي من أداء الحكومة والمجلس الرئاسي على حد سواء. هذا الصمت في ظل معاناة الشعب يجعل من الصعب التوفيق بين الشعارات التي يرفعها المجلس، وبين الواقع الذي يعايشه المواطنون يوميًا.
التحديات المقبلة: هل يمكن للنظام السياسي اليمني أن يتجاوز حالة الجمود؟
مع مرور الوقت، تزداد الأسئلة حول مصير المجلس وحكومته.. هل ستستمر هذه الأزمة السياسية والاقتصادية؟ أم أن المجلس الرئاسي سيستطيع إعادة تنشيط عمله والانتصار على الجمود الذي يهدد شرعيته؟ في ظل الأزمات الحالية، يبقى الأمل في أن تتمكن القوى السياسية من تجاوز الخلافات الداخلية والاصطفاف خلف المجلس لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات الوطنية.
إن "الفرصة التاريخية" التي تحدث عنها العليمي في خطاباته، تظل بحاجة إلى تفعيل على الأرض، فالتحديات التي تمر بها اليمن اليوم، سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي، تتطلب تكاتف الجهود وقرارات حاسمة تتجاوز الشعارات إلى أفعال ملموسة تنعكس إيجابًا على المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن والاستقرار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news