أبحر الجميع على قارب إسمه ” دولة المواطنة”

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 59 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
أبحر الجميع على قارب إسمه ” دولة المواطنة”

*د/ ياسين سعيد نعمان:

استدعاء الماضي السياسي لمعالجة مشاكل الحاضر وصياغة المستقبل خطأ جسيم . هذه قاعدة عامة في الحياة السياسية لا يجوز إغفالها .

يزخر الماضي بكنوز المعرفة التي تشكل تراثًا انسانيًا هائلاً ، لكن هذا التراث يُفرز منه السياسي باعتباره حالة خاصة لا تتكرر ، وكل الذين حاولوا تكرارها في ظروف وحقب مختلفة تقطعت بهم السبل وتخبطوا في معارك أفضت إلى انهيارات متلاحقة .

الماضي تاريخ له دوره في الاستدلال على المعطيات والاحداث والوقائع التي تكونت منها وبسببها الهوية الوطنية لكل شعب من شعوب الأرض ، ولكل أمة من أمم الكون ، عبر عمليات طويلة ومعقدة يشترك فيها المجتمع بكل مكوناته ، وقدم ويقدم من خلالها التضحيات الجسيمة .

يتوقف دور التاريخ في مدّنا بما يسهم في بقاء حلقات التواصل مع الماضي عندما يتعلق بهذه المسألة ، أما إدارة هذه الهوية فإنها تجسد حلقات التطور الطبيعي التي يستنبطها الانسان من حاجاته وظروف عصره وبأدوات يختارها بإرادته ، والتي لا تستقيم حياته بدونها انطلاقًا من كونه يمتلك عقلًا ينتج المعرفة ، ويتطور بالمعرفة في علاقة جدلية تتجسد في التكوين السياسي والاجتماعي الذي يدير بواسطته شئون حياته .

لا أذهب باستدعاء الماضي هنا إلى الأفراد كأفراد مؤهلين للقيام بدور سياسي واجتماعي ما ، وإنما إلى الرمزية والمسميات الماضوية التي يتم بها استدعاؤهم لتمثيل المكونات السياسية والاجتماعية لما قبل الدولة للقيام بهذا الدور .

مكر التاريخ ، في ظروفنا ، يضع قراراً من هذا النوع ، بغض النظر عما يحمله من أهداف ، في فك الماضي ؛ وللماضي السياسي في الجنوب فك تمساح توارى طويلاً في المياه الضحلة ينتظر أن يأتي اليه القارب المُتْعب والمبحر وسط العواصف ليصفي حسابات قديمة .

لا يمكن أن يُسلّم هذا البلد الى فك التمساح بحثاً عن طريق يوصله بالمستقبل . لتكن لدى البلد الوجاهات الاجتماعية التي يعتد بها ، والتي تستولد من رحم المواطنة والدولة والأهلية والكفاءة ، لا من أرحام المنزلة الاجتماعية والتراتبية المتيبسة ، والتي تعيد تفكيك الجنوب إلى تكويناته السياسية والاجتماعية القديمة من خلال استدعاء الماضي السياسي الذي طوته الثورة ، وأنتجت عوضاً عنه دولة صار فيها الجميع مواطنين . أصبح فيها السلطان القديم لجغرافيا لا تتعدى حدود القبيلة محافظًا لرقعة جغرافية وبشرية واسعة عابرة لحدود القبيله الصغيرة التقليدية ؛ وأصبح الشيخ قائدًا عسكريًا يضم في لوائه أو فرقته أو جيشه كل البلاد متجاوزًا حدود السلطنة والمشيخة والامارة ، وغيره .. وغيره ممن بإمكانه أن يصبح قائدًا لما هو أعم وأكبر ، فكيف لنا أن نعيد ترسيم هؤلاء “المواطنين” في حدود قبيلتهم أو إمارتهم .. الخ . الدولة الوطنية أكسبت الجميع “المواطنة” ، وفتحت أمامهم الطريق الى أن يكونوا قادة وطن ، وتكون الدولة بهذا قد تشكلت من ذلك النسيج الذي لم يعد بالإمكان فرزه دون أن يؤدي ذلك إلى تفكيكه .

مرة أخرى أقول إن استدعاء الماضي السياسي لمعالجة مشاكل الحاضر والمستقبل خطأ كبير ، لقد أبحر الجميع على قارب اسمه ” الوطن” واشتقوا منه صفة المواطنة ، والتي تعني المساواة في الحقوق والواجبات ، ومنها حقه في أن يصبح قائدًا في دولة عابرة لحدود القبيلة أو الامارة و السلطنة وغيرها من التكوينات السياسية القديمة ، وحق البلاد عليه في أن يسهم في تحويلها إلى وطن .

كل عام وانتم بخير .

* سفير بلادنا بالمملكة المتحدة


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

إشارات عسكرية أم تحركات استراتيجية؟؟؟..تحليق الطيران الحربي في عدن

جهينة يمن | 926 قراءة 

عشرة أهداف جعلت الرئيس ترامب يوقف الغارات الجوية على المليشيات الحوثية في اليمن بشكل مفاجئ

جهينة يمن | 822 قراءة 

اليمن يَقصف.. وإسرائيل تجهز الرد وتحدد الاهداف

مساحة نت | 730 قراءة 

عاجل: إسرائيل تكشف بنك أهدافها القادم في اليمن بعد الهجوم الحوثي الجديد

المشهد اليمني | 684 قراءة 

أول رد إسرائيلي على إعلان الحوثيين تجديد قصف مطار بن غوريون

المشهد اليمني | 679 قراءة 

الوزير الارياني يدعو كافة اليمنيين في الداخل والخارج لامر هام سيحدث بعد ساعة

جهينة يمن | 598 قراءة 

مسؤول أمني إسرائيلي يتوعد بتدمير هذه المواقع في اليمن

عدن نيوز | 546 قراءة 

عاجل: غارات إسرائيلية تستهدف ميناء رأس عيسى بالحديدة

الأمناء نت | 539 قراءة 

غضب كبير للمغتربين في السعودية بعد ظهور مواطن سعودي يكشف ارباحهم ويطالب بترحيلهم فورآ!

اليمن السعيد | 531 قراءة 

أسعار صرف الريال اليمني مساء الجمعة 9 مايو 2025

عدن تايم | 401 قراءة