الحلقة الثامنة والخمسون: يمانيون في موكب الرسول.. مالك بن ذي المشعار الهمداني “كبير أقيال حاشد وبكيل”

استعراض خاص بـ”يمن ديلي نيوز”:

من كبار أقيال اليمن الزعماء الذين وفدوا على رسول الله ونالوا شرف صحبته هو مالك ذو المشعار بن حمرة ذي المشعار الناعطي الخارفي الهمداني.

آل ذي المشعار وآل ذي مران من بني مرثد بن حجر بن ناعط الهمداني، سليل الملكة بلقيس والقيل ذي بَـتَع بن سميفع بن بتع الحميري السبئي، وكان حمرة ذي المشعار بن ايفع، قيلا زعيماً لناعط وهمدان في عهد الملك الحميري سيف بن ذي يزن (572-592).

والمشعار إسم حصن أو قصر في مدينة ناعط الحميرية السبئية التليدة، فقيل ذو المشعار بمعنى صاحب حصن أو قصر المعشار بناعط، وقد حمل ذلك اللقب عدد من الأقيال آل ذي المشعار، وعند ظهور الإسلام كان مالك بن ذي المشعار ملك ناعط هو كبير أقيال همدان جميعها.

وقد تعاقب آل ذي المشعار على زعامة ناعط وقبيلة همدان في عصر الدولة الحميرية، فكان أعظمهم شراحيل ذوهمدان الناعطي.

وبينما كان شراحيل زعيماً لناعط وهمدان انتقل أخوه القيل نوف ذو سفل إلى منطقة “ذي سفال” محافظة إب، قال الهمداني “إن نوفا ذا سفل سمي ذا سفل لأن خاله حسان بن تبع صير في يده سفل يحصب، فسمي ذا سفل، والسفليون لهم ثروة وغنى بأرض يحصب”.

ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن مدينة ناعط، كانت أكبر وأعظم مدينة في جميع بلاد همدان (حاشد وبكيل) منذ عصر دولة سبأ وفي عصر الدولة الحميري.

إسلامه

لقد أخذ دين الإسلام ينتشر في قبائل همدان منذ كان رسول الله صلى الله عيه وسلم، يدعو إلى الاسلام بمكة التي كان يقصدها في الجاهلية رجال من اليمن للحج وللتجارة في موسم الحج، وقد انتشر الإسلام في همدان على يد الصحابيين الجليلين قيس بن مالك الناعطي البكيلي الهمداني، ومالك بن نمط الارحبي الذي برئاسته سار وفد يمثل كافة قبائل همدان (حاشد وبكيل) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، فوصلوا المدينة والتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا من غزوة تبوك في رمضان 9هجرية.

فلما وصلوا المدينة نزلوا، وكانوا 120 رجلاً، انقسموا إلى مجموعتين، إحداهما يتقدمها مالك بن نمط الأرحبي البكيلي، والأخرى يتقدمها ذو المشعار مالك بن ذي المشعار الناعطي الحاشدي.

توجهت المجموعتان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالمسجد النبوي، وهم يرتجزون، أي يزوملون، ثم اصطفوا بشكل دائري أو شبه دائري أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساحة المسجد النبوي.

ومما يشير إلى شكل ذلك قول العوام بن جهيل “فصادفت وفد همدان يدور بالنبي صلى الله عليه وسلم” فلما اصطفوا تقدمهم مالك بن نمط، لأنه أقدمهم إسلاماً ومن السابقين إلى السلام بمكة قبل الهجرة وقائد الوفد.

فقام مالك بن نمط بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، نصية من همدان، من كل حاضرة وباد، أتوك على قُلُض نواج، متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف، ويام، وشاكر، أهل السود، والقود، أجابوا دعوة الرسول، وفارقوا الآلهات والأنصاب، عهدهم لا يُنقض، ما أقامت لعلع، وما جرى اليعفور بضلع”.

وبعد أن عرّف الرسول صلى الله عليه وسلم بالوفد، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “نعم الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر، وأصبرها على الجهد”.

مكث الوفد في المدينة فترة من الزمن ونالوا كلهم شرف الصحبة، وأبرز من ذكرت كتب السير ” مالك بن نمط، وأبو ثور وهو ذو المشعار، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك السلماني، وغميرة بن مالك الخارفي”.

باستثناء مالك بن نمط الأرحبي البكيلي الهمداني فإن الأقيال الأربعة المذكورين هم من مخلاف خارف بما فيهم مالك ذو المشعار الناعطي لأن ناعط من مخلاف خارف.

وكان مخلاف خارف يشمل مناطق واسعة من بلاد حاشد إذ أن خارف هو “خارف بن عبدالله بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد” فانحدر من خارف اثنى عشر بطنا من بطون حاشد.

ولما تهيأ مالك ذو المشعار ومالك بن نمط، للعودة مع الوفد إلى اليمن، كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة كتب، كتاب لذي المشعار، وكتاب إلى عمير ذي مران مع مالك بن نمط، وكتاب إلى قيس بن مالك بن نمط، يبين لهم تعاليم الإسلام ومصارف الزكاة على الفقراء والمساكين من بين قومهم”.

وفاته

لم يزل الصحابي مالك ذو المعشار بن حمرة ذي المعشار بن أيفع الناعطي قيلاً زعيماً لناعط ومخلاف خارف وقبائل همدان إلى أن توفي بمدينة ناعط في خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فانتقلت مرتبته في الرئاسة والقيالة إلى اثنين من أبنائه هما: رحيب وعميرة، فانطلق عُميرة مع الذين انطلقوا من ناعط وهمدان الى ساحات الجهاد والفتوحات في العراق وبلاد فارس بينما مكثي رحيب قيلا رئيسا فناعط وخارف، وانتهت القيالة والرئاسة إلى حفيده يزيد ذي المشعار الأصغر.

فضائل همدان

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر، وأصبرها على الجهد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام على همدان. ثلاث مرات.

كتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً استهله قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى عميرة ذي مران وإلى من أسلم من همدان: ِسلمٌ انتم فإني احمد الله اليكم الذي لا اله الا هو، أما بعد ذلكم فإنه بلغنا إسلامكم مرجعنا من أرض الروم، فأبشروا فان الله قد هداكم بهداه، وأنكم إذ شهدتم إن لا إله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، فإن لكم ذمة الله وذمة رسوله، على دمائكم واموالكم، وأرض البون (قاع البون مشهور في همدان) التي اسلمتم عليها، سهلها وحبلها وعيونها وفروعها، غير مظلومي ولا مضيق عليكم، وان الصدقة، انما هي زكاة تزكونها عن اموالكم لفقراء المسلمين”.

همدان عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

اجتمعت همدان في ناعط بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عمير ذي مران الناعطي فقال: يا معشر همدان، انكم لم تقاتلوا رسول الله ولم يقاتلكم فأصبتم بذلك الحظ ولبستم به العافية، وقد سبقكم قوم الى الإسلام، وسبقتم قوما، فان تمسكتم لحقتم من سبقكم، وان اضعتموه لحقكم من سبقتموه. فأجابوه الى ما أحب، فثبتوا على الإسلام وفدوا على ابي بكر وخرجوا في الفتوحات.

 سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:

الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات

الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول

الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة

الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء

الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن

الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن

الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها

الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا

الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية

الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي

الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن

الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب

”

الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى

الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله

الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت

الحلقة السادسة عشرة: “روبرت سرجنت” في مهمة دراسة الثقافة اليمنية

الحلقة لسابعة عشرة: جورج وايمان بري “جاسوس” بريطاني بعباءة مستكشف

الحلقة الثامنة عشر: رحلة الفرنسي “جان جاك بيربي” في البلاد المعزولة

الحلقة التاسعة عشرة: الألماني “سيتزن”: اكتشف اليمن ولم تُكتشف وفاته الغامضة في تعز

الحلقة العشرون: “لانجر”: مهمة علمية انتهت بترحيل 22 نقشاً حميرياً إلى فيينا

الحلقة الحادية والعشرون:“فارتيما”.. أقدم قصة تجسس لصالح البرتغال في اليمن

الحلقة الثانية والعشرون: القنصل الفرنسي “أرنو” الذي أصبح باحث آثار في مأرب

الحلقة الثالثة والعشرون: “انجرامز” ومهمة تثبيت أقدام بريطانيا في حضرموت

الحلقة الرابعة والخمسون: عرفجة بن هرثمة البارقي “قائد أول غزوة بحرية في الإسلام

الحلقة الخامسة والخمسون: حسام بن ضرار الكلبي “آخر ولاة الأندلس العظماء

”

الحلقة السادسة والخمسون: سعيد بن قيس العاقب ذو زود “زعيم همدان في العراق

”

الحلقة السابعة والخمسون: عمير ذو مران قائد همدان وجدّ رئيس الوزراء عبدالعزيز عبدالغني

مرتبط

الوسوم

يمانيون في موكب الرسول

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط