تواجه الولايات المتحدة انتقادات متزايدة بشأن استراتيجيتها العسكرية في اليمن، حيث أدت الضربات الجوية الأخيرة ضد جماعة الحوثي إلى تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد، وسط تحذيرات من أن هذه العمليات قد تطيل أمد الصراع وتعزز نفوذ الجماعة المدعومة من إيران.
تصعيد عسكري ورسائل سياسية
بدأت الولايات المتحدة في 15 مارس/آذار حملة ضربات جوية ضد مواقع الحوثيين، مبررة ذلك بأنه رد على هجمات الجماعة على السفن البحرية في البحر الأحمر. ووفقًا لتقارير أمريكية، استهدفت الضربات مقرات القيادة وشبكات الاتصالات ومنشآت تصنيع الطائرات المسيّرة.
ورغم تأكيد مسؤولين أمريكيين، من بينهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز، على نجاح العمليات في "القضاء على قادة رئيسيين"، يشكك خبراء في قدرتها على إضعاف الحوثيين بشكل حاسم. ويرى مراقبون أن هذه العمليات تحمل في طياتها رسائل سياسية محلية، حيث يسعى الجمهوريون إلى تصوير إدارة الرئيس جو بايدن بأنها فشلت في ردع الحوثيين، بينما تُستخدم العلاقة بين الجماعة وإيران كجزء من حملة ضغط جيوسياسية أوسع.
مخاطر استمرار القصف
يحذر محللون من أن استمرار الضربات الأمريكية قد يأتي بنتائج عكسية. ووفقًا لأسامة الروحاني، من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فإن "الدمار الواسع والإصابات المدنية يمكن أن يثيرا غضبًا عامًا، ما يمنح الحوثيين فرصة لتعزيز الدعم الشعبي". كما يؤكد على ضرورة تبني نهج شامل يعالج تهريب الأسلحة من إيران والأسباب السياسية والاقتصادية التي تدعم الجماعة.
وفي ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط، قالت الباحثة ندوى الدوسري إن "الضربات الجوية ستبطئ الحوثيين لكنها لن تقلل من التهديد بشكل دائم". كما أشار الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل إلى أن الحوثيين اكتسبوا خبرة كبيرة في حماية مواردهم خلال سنوات الصراع.
كارثة إنسانية متفاقمة
يأتي التصعيد العسكري في ظل أزمة إنسانية خانقة في اليمن. وتشير التقارير إلى أن نحو 17 مليون شخص – أي ما يقارب نصف السكان – يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما تحول انهيار الاقتصاد إلى أزمة نقدية تُعقّد وصول اليمنيين إلى احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والماء والرعاية الصحية.
وقد أدى قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية إلى تعقيد جهود الإغاثة الإنسانية. ووفقًا لمنظمة أوكسفام، عرقل هذا القرار تدفق التحويلات المالية من المغتربين اليمنيين إلى عائلاتهم في الداخل، وزاد من صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وفي ظل استمرار العمليات العسكرية دون حل سياسي شامل، يخشى مراقبون من أن يبقى اليمن ساحة لصراع إقليمي ودولي، يدفع ثمنه المدنيون الذين يواجهون أوضاعًا كارثية تتفاقم يومًا بعد يوم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news