في معنى الرأسمال الرمزي عند بورديو

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 72 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
في معنى الرأسمال الرمزي عند بورديو

في إطار نظريته الجديدة في الرأسمال الرمزي، بلور عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوريو نسقا فلسفيا جديدا في السوسيولوجيا الثقافية. نسق يحتوى على سلسلة منهجية من المفاهيم المفتاحية منها مفهوم الرأسمال الثقافي فضلًا عن الرأسمال المادي والرأسمال الاجتماعي والرأسمال الاقتصادي انطلاقا من الفرضية التي ترى في الثقافة مجموعة متواشجة من العناصر التي يمتلكها الإنسان بوصفه عضوا في مجتمع ما وتشتمل على؛ التحيزات الثقافية: التي تضم القيم والمعتقدات المشتركة بين الناس.

والعلاقات الاجتماعية: التي تشمل على العلاقات الشخصية التي تربط الناس بعضهم ببعض وأنماط وأساليب الحياة: وهو الناتج الكلي المركب من التحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية. فكل فرد في المجتمع يمتلك رأسمال مادي ورمزي يتعين في مختلف عناصر ومقومات العيش التي تخول له الاستمرار في ممارسة حياته الاجتماعية بهذا القدر أو ذاك ففي مقال السوسيولوجيا، “أشكال رأس المال” (1985)، يحدد بيير بورديو ثلاث فئات من رأس المال:

رأس المال الاقتصادي

: قيادة الموارد الاقتصادية (المال، الأصول، الممتلكات).

رأس المال الاجتماع

ي: الموارد الفعلية والمحتملة المرتبطة بامتلاك شبكة دائمة من العلاقات المؤسسية من التعارف المتبادل.

رأس المال الثقافي

: تعليم الشخص (المعرفة والمهارات الفكرية) الذي يوفر ميزة في تحقيق مكانة اجتماعية أعلى في المجتمع.

فما هو الرأس المال الثقافي؟!

ويعني به مجموع المنابت والينابيع والمصادر الثقافية التي ينهل منها الفرد وتتوزع الى العادات والتقاليد والأعراف والسرديات والأساطير والرمز والدين والفنون. كما يفيد جملة المؤهلات الفكرية التي ينتجها المحيط الأسري والنظام التربوي وتشكل أحد أدوات التحكم والتوجيه والتأثير في الفرد ويتم مراكمتها عبر الزمن وتمريرها من شخص الى آخر عن طريق المحاكاة والمشاركة والتقليد ويمكن كذلك نقلها من جيل الى آخر عبر آلية اعادة الانتاج واحترام النفوذ. بناء على ذلك ان الرأسمال الثقافي يحصل عليه المرء بعد مراكمة للتجارب المتنوعة ومثابرة في العمل ويعطيه نوعا من الامتيازات في المجتمع ويتوزع الرأسمال الثقافي الى ثلاثة عناصر

هناك ثلاثة أنواع من رأس المال الثقافي:

رأس المال الثقافي المتجسد يتألف من الفهم المكتسبة عن وعي والموروثة بصورة سلبية، عن طريق التنشئة الاجتماعية للثقافة والتنطقيد. وعلى عكس الملكية، فإن رأس المال الثقافي لا يمكن نقله، بل يتم اكتسابه مع مرور الوقت، حيث أنه يؤثر بعادات الشخص (الشخصية وكيفية تفكيره)، التي تصبح بدورها أكثر تقبلاً للتأثيرات الثقافية المماثلة. ان رأس المال الثقافي اللغوي هوإتقان اللغة وعلاقاتها؛ ورأس المال الثقافي المتجسد والذي هووسيلة اتصال الشخص وعرضه الذاتي والمكتسبة من الثقافة الوطنية.

رأس المال الثقافي المحسوس يضم ممتلكات الشخص (مثل العمل الفني، والأدوات الفهمية، وما إلى ذلك) التي يمكن نقلها من أجل الربح الاقتصادي (الشراء والبيع) والنقل ملكية رأس المال الثقافي رمزياً. ومع ذلك، ففي حين حتى الشخص يمتلك عملاً فنياً (رأس مال ثقافي محسوس) لا يمكن للشخص حتى يستهلك الفن (فهم معناه الثقافي) إلا بالأسس المفاهيمية والتاريخية المناسبة لرأس المال الثقافي السابق. وعلى هذا النحو، لا ينتقل رأس المال الثقافي في بيع العمل الفني إلا بالسببية المتزامنة والمستقلة، عندما يشرح البائع أهمية العمل الفني بالنسبة للمشتري.

رأس المال الثقافي المؤسسي يضم الاعتراف الرسمي للمؤسسة برأس المال الثقافي للشخص، وعادة ما تكون مؤهلات أكاديمية أومؤهلات مهنية. أكبر دور اجتماعي لرأس المال الثقافي المؤسسي هوفي سوق العمل (وظيفة)، حيث يسمح التعبير عن مجموعة الشخص من رأس المال الثقافي كقياسات نوعية وكمية (والتي تتم مقارنتها مع تدابير عاصمة ثقافية لأشخاص آخرين). وييسر الاعتراف المؤسسي تحويل رأس المال الثقافي إلى رأس المال الاقتصادي، من خلال العمل كحل عملي يمكن للبائع حتى يصف به رأس ماله الثقافي للمشتري.

هي شكل متسجد في الهابيتوس الثقافي وتكمن وظيفته في جعل الانسان كائنا اجتماعيا ومشاركا في الفضاء العام، وشكل مموضع في مستوى ثان يتكون من منافع ثقافية وخيرات رمزية مثل الكتب والآثار الفنية والأدوات الرقمية وتتمثل مهمتها في حزن وحفظ العناصر الثقافية، وشكل مؤسساتي في مقام ثالث ويتمثل في العناوين المدرسية والمتاحف والمكتبات ودور الثقافة والمسرح والسينما وتتمثل مهمته في عرضه للمنتوجات الثقافية للفرجة والتقبل والتداول التوزيع والاستعراض والاستهلاك وبالتالي تتحول هذه المؤسسات الى سوق ثقافي. هكذا يقوم بيير بورديو بتعريف الطبقة الاجتماعية وتمايزها عن غيرها وفق حجم وبنية الرأسمال الثقافي الذي تمتلكه، وبالتالي هناك طبقة اجتماعية تكون قادرة على امتلاك نظرية مجردة بينما تحوز طبقات شعبية أخرى على منتوجات متعينة ومعطيات تجريبية لا تدوم بل تنقضي بمجرد استهلاكها من قبل المتلقين.

‎لقد جعل بورديو من التمايز Distinction  معيارا للنقد الاجتماعي لملكة الذوق وقام بعملية قلب لمقولات الجمال والفن والثقافة التي لم تخضع البتة الى المساءلة من قبل. وبيّن أن الجمال ليس مفهوما قبليا ولا غائية دون غاية وإنما الناس يذوقون من خلال خبراتهم الثقافية وتكوينهم العلمي والشهادة الأكاديمية الحائزين عليها وبالاعتماد على موقعهم الطبقي في المجتمع الذي ينتمون اليه. غير أن المفارقة تظهر حينما لا يتناسب الرأسمال الثقافي للطبقة المهيمنة مع الرأسمال الاقتصادي الذي تمتلكه فهو أقل بكثير وفي حالات نادرة أكبر بكثير ويرجع ذلك الى اضطراب نظام التعليم وخلل في المبادئ التوجيهية للفعل وتباين أنماط الحياة وتضارب المواقف والمصالح الايديولوجية للطبقات.

‎هكذا ينظم التمايز الفاعلين الاجتماعيين داخل الفضاء الاجتماعي في اطار مواقع مختلفة من أجل لعب أدوار متكاملة تجعل من الهابيتوس يحافظ على جاهزيته ويحقق تماسك النسيج العمومي، كما يربط التحليل المعرفي للمجتمع بالنقد الاجتماعي للثقافة واستعمالاتها كوسائل للهيمنة والتحكم ويخضع التمييز بين الحسن والقبيح وبين الغالي والرخيص وبين اللامع والمتهرئ الى الموقع الطبقي.

والخلاصة: هي إذا كان الرأسمال الاقتصادي هو مجموع العائدات والثروات الاقتصادية للفرد واذا كان الرأسمال الاجتماعي هو الثروات الناتجة عن اقامة شبكة مستقرة من العلاقات التفاعلية والتعارفية فإن الرأسمال الثقافي هو رأسمال رمزي يحظى بتقدير معنوي من قبل أفراد المجتمع ويتكون من المؤهلات والقدرات التي يحصل عليها الفرد نتيجة التعليم والرغبة في المعرفة والبحث المتواصل والاجتهاد العلمي والتجربة التاريخية المتركمة والعمل الجماعي الدؤوب والمثابر.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

القبض على مسئول رفيع يسرّب أسرار العليمي للحوثي

نيوز لاين | 545 قراءة 

من قلب صنعاء إلى مأرب.. انشقاق عسكري كبير يعيد ترتيب المشهد اليمني

نيوز لاين | 446 قراءة 

روايات مريبة لمصير الرئيس العليمي!

الحدث اليوم | 420 قراءة 

دولتان تتدخلان في اللحظة الأخيرة لإنقاذ وفد حماس

المرصد برس | 412 قراءة 

غارات تحوّل مقرات الصحافة في صنعاء إلى مقابر جماعية.. حصيلة جديدة للغارات

نافذة اليمن | 336 قراءة 

طائرة حربية عملاقة تحلق بصنعاء !

العربي نيوز | 305 قراءة 

صنعاء توجه دعوة وعرضاً لقطر

الحدث اليوم | 283 قراءة 

اعلان للجيش الاسرائيلي عن اليمن!

الحدث اليوم | 249 قراءة 

انقلاب مفاجئ في صفوف الحوثيين.. قيادي بارز ينضم للشرعية قادماً من صنعاء

المرصد برس | 244 قراءة 

الحوثيون يعلنون ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء والجوف إلى 211 قتيلا وجريحا

الموقع بوست | 243 قراءة