أكد رئيس كرسي "جاي. سي. وايلي" للاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية، جيمس هولمز، أن الجيش الأمريكي تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب تبنى نهجًا أكثر عدوانية ضد الحوثيين مقارنةً بالإدارة السابقة، لكنه لم يكن حاسمًا بالكامل. ويرجع ذلك إلى أن الحملة الأمريكية لم تعتمد استراتيجية تقدمية تؤكد التفوق النوعي للسلاح الأمريكي، ولم تفرض سيطرة كاملة على المواقع المستهدفة.
من الدفاع إلى الهجوم
وأوضح هولمز في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست" أن نهج ترامب شكّل تحولًا نوعيًا في التعامل مع الحوثيين، حيث اعتمد على ضربات جوية وصاروخية مكثفة استهدفت مواقعهم الرئيسية. وهذا يختلف عن استراتيجية الرئيس جو بايدن، التي ركزت على الدفاع عن الشحن البحري والتجاري في البحر الأحمر، بدلًا من استهداف الحوثيين مباشرة.
وأشار الكاتب إلى أن استراتيجية ترامب كانت تهدف إلى فرض تكلفة مستدامة على الحوثيين، ومنعهم من إعادة تجميع صفوفهم أو تنفيذ هجمات مضادة. في المقابل، اعتمدت إدارة بايدن سياسة دفاعية تتفاعل فقط عند وقوع الهجمات، ما جعلها أقل تأثيرًا على القدرات العسكرية للحوثيين.
الصدمة والرعب 2
قارن الكاتب بين نهج ترامب واستراتيجية "الصدمة والرعب" التي استُخدمت خلال غزو العراق عام 2003، والتي اعتمدت على الضربات الساحقة لكسر إرادة العدو. لكن نسخة ترامب، التي أطلق عليها هولمز اسم "الصدمة والرعب 2"، تبنت نهجًا مختلفًا يقوم على "الضغط المتواصل" بدلاً من الضربة الحاسمة الواحدة.
فعلى عكس القصف الجوي التقليدي الذي يمنح الخصوم وقتًا للتعافي، اعتمدت استراتيجية ترامب على ضغط عملياتي مستمر يبقي الحوثيين تحت الحصار دون أي هدنة، ما يعيق قدرتهم على تنسيق الهجمات أو إعادة بناء قدراتهم العسكرية.
غياب السيطرة الميدانية
يشير الكاتب إلى أن أحد العوائق الرئيسية لاستراتيجية ترامب هو الاعتماد الكامل على القوة الجوية دون وجود عمليات برية. ويستشهد بالنظرية العسكرية لأستاذ الاستراتيجيات البحرية جاي سي وايلي، التي تميز بين نوعين من العمليات العسكرية:
- العمليات المتسلسلة: حيث تتقدم القوات تدريجيًا من خلال حملة منظمة تشمل الاستيلاء على الأراضي.
- العمليات التراكمية: حيث يتم تنفيذ ضربات منفصلة تهدف إلى إنهاك العدو بمرور الوقت دون تحقيق سيطرة مباشرة.
رأى هولمز أن حملة ترامب في اليمن اعتمدت بالكامل على العمليات التراكمية، حيث نفذت ضربات جوية مكثفة لكنها لم تحقق أي تقدم استراتيجي على الأرض، مما جعل الحوثيين قادرين على الصمود والاستمرار.
القصف وحده لا يكفي
يشير الكاتب إلى أن التدمير الجوي لا يعني بالضرورة تحقيق السيطرة. فالتجارب التاريخية تُظهر أن القصف الجوي وحده نادرًا ما أدى إلى انتصار حاسم، دون دعم من عمليات برية أو سياسية.
- في حرب فيتنام، لم يتمكن القصف الأمريكي الكثيف من إجبار الخصم على الاستسلام.
- في حرب الخليج 1991، على الرغم من الحملة الجوية الضخمة، لم يتحقق النصر إلا بعد التدخل البري.
الحوثيون: قدرة على التكيف
أكد هولمز أن الحوثيين أثبتوا قدرتهم على التكيف وإعادة بناء قدراتهم العسكرية بسرعة، حتى مع استمرار الضربات الأمريكية. ويعود ذلك إلى الدعم العسكري الإيراني، الذي يوفر لهم أسلحة متطورة وتدريبًا ومساعدات لوجستية، مما يسمح لهم بمواصلة القتال رغم الضغوط.
وأشار إلى أنه ما لم يتم تعزيز الحملة الجوية بخطوات إضافية - مثل الضغوط الاقتصادية، والتحركات الدبلوماسية، أو حتى عمليات برية محدودة - فمن المرجح أن يواصل الحوثيون هجماتهم ويشكلون تهديدًا مستمرًا للملاحة الدولية.
هل يمكن تحقيق نصر حاسم؟
رأى الكاتب أن الصراع في البحر الأحمر يعد اختبارًا لقدرة الحروب الجوية والبحرية على تحقيق نتائج استراتيجية. فعلى الرغم من أن استراتيجية ترامب كانت أكثر قوة مقارنةً بسياسة بايدن الدفاعية، إلا أن الحملات الجوية وحدها نادرًا ما تحقق نصرًا مستدامًا.
ويرى هولمز أن نجاح أي حملة عسكرية ضد الحوثيين يتطلب نهجًا أكثر شمولًا، يجمع بين القوة الجوية، والضغط الاقتصادي، والجهود الدبلوماسية، وربما التدخل البري المحدود، لضمان تحقيق انتصار فعلي بدلاً من مجرد إضعاف قدرات العدو بشكل مؤقت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news