حباجر الحافة قحفات صدان (المقارمة_ الزكيرة)
النبأ الفاجعة
ها أنت تصحو اليوم على فاجعة فقد صديق عزيز عليك، قيل لك بأنه قضى أجله في الغربة بعيدًا عن وطنه.
إنه فقد مؤلم، أن تصحو على فاجعة بوفاة صديق عشت معه شطرًا من دراستك الثانوية العامة، إنه المهندس عبدالرحمن الطيب، رحمة ربي وسلامه على روحه إلى يوم الدين.
بوصلة اليوم السياحية
الرياح خفيفة السرعة، ومخافة أن تشتد سرعتها بعدئذ، جعلكما أنت والدكتور صلاح، في حيرة من الأمر، لا سيما وبعض اعضاء فريق السياحة الرسمي قد أعتذر.
الخيارات مفتوحة، بني شيبه، صدان والنزول من نقيل حره والعودة عبر الحافة عزاعز، أو العكس،
حسمنا باتجاه طريق الحافة عزاعز أولا، ومن ثم نتخذ القرار المناسب للطقس.
المقهاية وذاكرة البلح
أسفل سائلة الدحيم ستشير إليك من هناك على الجانب الأيمن في اتجاه النزول صوب وادي المحاقن.
كانت تتواجد مقهاية، مازالت هذه المقهاية تتذكر استغرابك فيها ومنها، إذ لم تكن كالمقهى التي كنت تعودتها في عدن. وانما مقهى لإستراحة الذين يتسوقون إلى سوق الربوع في التربة.
كان هذا المقهى مجمع للذين يببعون البلح في مواسمها، يصلون بعد صلاة المغرب، ويقضون ليلتهم هنا حتى الصباح. وكنتم تنزولون تشترون البلح من هنا.
قرية الحافة الفبائية المعلامة والنور المدرسة
صعدنا إلى قرية الحافة عزاعز، تعرفها جيدًا، ولكنها لم تستوقفك كهذه اللحظات، لتعيد إليك ذكرى معلامة الحاج عبده فارع رحمة الله عليه. ذكرى ثلاثة أيام كنت بدأتها في قراءة الأبجدية ألألفبائية، ولكن مخاوف والدتك عليك قطعت حبل استمراريتك في هذه الألفبائية.
مدرسة النور عزاعز
لهذه المدرسة آيات من نور الأبجدية، وصفاء ونقاء من سمو الذين ساهموا في تأسيسها، في منتصف سبعينيات القرن المنصرم، نقل الاستاذ فارع عبده فارع. فكرة النور من عدن، وكانت له ريادة العمل التدريسي فيها، وللحاج ياسين مقريشه وآخرين (لا تحضرني اسماؤهم، ولهم أقدم إعتذاري) كان لهم ريادة التاسيس الخيري لهذا النور الذي مايزال اشعاعه متدفقًا.
ها هي النور المدرسة، تستذكر مفأجاة عقد قران ابنتك على ابن اختك الذي كان مدرسًا فيها، وكان هو أكثر من تفاجأ بهذا الموقف مع زملائه الأساتذة.
قَحَفَاتْ
ذاكرة القاضي محمد حزام المقرمي (رحمة الله عليه)، اوقفنا السيارة، صعدنا إليها من جهة دار القاضي محمد حزام المقرمي، بينما نحن نتهيأ لأخذ الصور، بدا لنا التناغم بينا بين أكثر من جيل من الطراز المعماري، بأحجاره وطريقة بنائه.
وقفنا نتأمله (الدار)، فأذا به يقصص علينا أحسن القصص التي كانت تدور فيه، من عقود نكاح، وأوراق طلاق، أحكام صلح، دروس في الشريعة وتقسيم المواريث، ألغاز فقهية، وأحاديث المرح الممزوجة بدعابة القاضي محمد حزام المقرمي طيب الله ثراه.
المسجد
لا تستغرب، فثمة تواؤم بين المسجدين، الذي ترى، لقد أخذ البناء الحديث ذي المنارة المرتفعة مكانه إلى جوار المسجد القديم ببساطة بنائه الذي تتواجد في مدخله السقاية التي ماتزال شاهدة على حيوية المكان الذي نستنشق روائح الشعائر التي كانت تؤدى فيه.
توقف، اشارت اليك الطريق التي تعبر القرية من الشمايا الغربية (الجند) الحجفات، انتبهت إلى الصوت الذي لم يسمعه غيرك، أعدت النظر ثانية للصوت وأطلت التأمل في ملامح الطريق، فجأة تذكرت بعض ملامحها التي قادت خطاك إلى مدرسة الشمايا الغربية، ذات لجنة امتحانية للصف الثالث الأعدادي في العام الدراسي 87/88.
وادي الدقيق
انعطفنا يسارًا باتجاه طريق المقارمة، جذبنا اخضرار الوادي، أوقفنا السيارة، اتجهنا نزولًا إلى قلب الوادي. توقفنا قليلًا أمام تسمية هذا الوادي بخصوبته، وضيق عرض هذا الوادي بين ضفتيه، استنتجنا ان التسمية جاءت ملازمة لهذا العرض الدقيق للوادي.
شجرة الحُمَرْ – مشاكسات الأبناء
بينما أنتما تأخذان صورًا لشجرة الحُمَرْ، صعد ناصر إلى أعلاها عله يلتقط بعض من ثمراتها اليابسة، إلا انها كانت بعيدة عن متناول اليد، حصد منها القليل، الذي احدث مشاكسة ما مع اخوته (علياء وشاهين)، فلكل واحد يطالب بنصيب أكثر من هذه القرون.
بدت لنا دلائل الاخضرار بأن هذا الوادي يحتوي على الكثير من النباتات النادره، ولكننا لسنا خبراء أعشاب، فواحد مننا طبيب والآخر استاذ فيزياء في الجامعة.
نقيل حره
يآه، أأنت هو الذي مرَّ بي يوما بعد يوم ماطر في سيارة أحمد حسن عون، قلت رحمة الله عليه، قال النقيل، أحقًا قضى أجله، متى وكيف ياله من رجل طيب، واضاف رحمة الله عليه. استطرد النقيل مازلت اتذكر صعوبتي وطينية مساري المنزلق، الذي كان ممزوجًا برائحة متاعبكما.
صعدنا إلى أعلى، في طريق مرصوف بالأحجار، وما أن وصلنا إلى الثلث الأخير أو الأدنى من نهايته، حتى لفحت الشمس وجوهنا و كادت تحجب عنا الرؤية.
المقارمة
قرى متداخلة صخرية المبنى، حاولنا نستشف بعضا من اسمائها دون جدوى.
ولجنا حوش مدرسة الصميدة التي أعيد ترميمها، ولكنها قالت لنا، أنظرا لقد وضعت لوحة باسم الجهة أعادت ترميم جراحاتي..
المقارمة المزرعة
من الجهة التي توفقنا عندها أعلى المزرعة، سمعنا أصداء يأتي من تلك المقطوعة الموسيقية الخضراء، والروائح المنبعثة روائح الطماطيس الذي اشتهرت بها هذه المنطقة (المفلج)، استعادت هذه الأصداء تذوقنا لها، بطعم الأمس، ولا مذاق اليوم.
واصلنا المضي قدمًا، ثمة حنين ما تستوقفك أنسامه؛ فقبل منتصف السبعينيات كان لك هنا ذاكرة وذكرى، حاولت تحدد مكانها، لم تستطيع، فقد تداخلت حدود العُزلتين، ثمة حدس ينبئنك بأنها هنا، هذه المنطقة التي احتشدت فيها قبيلتي الزكيرة وقبيلة المقارمة (حسب منطق الزمن ذاك). أحتشدت كل واحدة بعد شيخها، كنت مع صغر عمرك محتشدًا مع الحشد وحتى الآن ماتزال متذكرًا الحدث وغير متذكر السبب.
صدان الأحبة الزكيرة
هنا، ما أن تبينت لك معالم هذه القرية، كدت تطير فرحًا بأفراحها التي كنت حاضرها، وباصدقائها الذين تقاسمت معم سرية النضال وعلنيته، وبما خلد العطاء من ذكرى من اسكنوا خلودهم بأحداقها، وممن مايزالون ماثلين بأحداقها
على بعد نظرات، اقتطفت من ورود الشعر ودرة أهديتها لشاهد الورد والغبار توفيق الزكري.
الخلول (الشبابة) الأسطورة
في جوار دار سيف بن علي. حكى لنا أحد احفاده قائلًا لنا هذه دار الجد، وهناك دقم النسور، ومن أطرف ما سمعناه منه، قوله كان الجد الأكبر عندما يبدأ (يخلل) يشدو بأنفاس الخلول، كان يحرك دقم النسور من مكانه.
الهبوط والعودة
هبطنا نقيل صدان كانت القرى تبدو لنا محتجبة بالغبار، وكانت ماوية (الاسم الحديث لوادي الوطأ) بعد أن غزاه قات ماويه، كان هذا الوادي مخضرًا وليس أخضرا، يوجع القلب، ويحزن العين، وينزع من فضاءات الروح أجنحة حنينه لخصوبة أيامه الماضية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news