“نداء السلام” تقدم رؤية أولية للتوافق وإحلال السلام في اليمن.. وتحذر من مخططات لإعادة تقسيم الوطن العربي على أسس دينية طائفية عرقية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 52 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
“نداء السلام” تقدم رؤية أولية للتوافق وإحلال السلام في اليمن.. وتحذر من مخططات لإعادة تقسيم الوطن العربي على أسس دينية طائفية عرقية

بادرت جماعة نداء السلام في اليمن، بتقديم رؤية أولية لبرنامج الحد الأدنى الممكن للتوافق الوطني المنشود بين الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية.

وفي رسالة وجهتها إلى رؤساء وأمناء الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، وحصل موقع “بيس هورايزونس” على نسخة منها، أوضحت نداء السلام أن عمليات الإبادة الجماعية للشعب العربي الفلسطيني، وتوسع رقعة الحرب لتشمل أكثر من قطر عربي، “تفصح عن مخططات ليس لإعادة تقسيم الوطن العربي وحسب، بل تقسيم كل قطر عربي على حدة إلى دويلات قائمة على أسس دينية، طائفية، عرقية”.

وأكدت أنه إزاء ما نشاهده ونتابعه، من قتل وتدمير وحصار وتجويع وتغول للقوى الاستعمارية، انطلاقًا من إدراك لحجم المخاطر المحيطة، وضرورة إحلال السلام في اليمن، تتقدم بـ”رؤية أولية لبرنامج الحد الأدنى الممكن للتوافق الوطني المنشود. والعمل على تماسك الجبهة الداخلية، من خلال إنضاج رؤية وطنية جامعة، تلتقي عندها وتعمل على تحقيقها كل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، المسلحة منها وغير المسلحة”.

وحذرت نداء السلام، في ختام رسالتها، من”أن الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، إذا لم تلتقِ جميعها، وتتحاور وتتجاوز خلافاتها، وتنهض بدورها الوطني في هذه المرحلة التاريخية الصعبة، فإن اليمن لن يخرج من محنته، ولن ينجو أحد منا من جحيم الفوضى (الخلاقة)، ولن نستطيع إسقاط مشروع التقسيم، الذي ترتسم خريطته عمليًا على الأرض، ولن نتمكن من بناء دولتنا الواحدة، القائمة على المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية والتبادل السلمي للسلطة، القادرة على الدفاع عن وطننا وحماية استقلاله وسلامة أراضيه وضمان أمنه واستقراره ونهضته وتأمين العيش الكريم لأبنائه”.

وإليكم تفاصيل الرؤية الأولية لبرنامج الحد الأدنى الممكن للتوافق الوطني المنشود المقدمة من جماعة نداء السلام:

مقدمة:

في الخامس عشر من شهر مايو، عام 2015م، وقبل أن تكمل الحرب المعلنة شهرها الثاني، أطلق التجمع الوطني لمناضلي الثورة اليمنية القدامى، أحد مكونات جماعة نداء السلام، مبادرة للخروج من حالة الحرب والعودة إلى الحوار اليمني _ اليمني، باتجاه بناء الدولة اليمنية الواحدة، وهي المبادرة التي تبنتها جماعة نداء السلام عند إنشائها. وفي الحادي والعشرين من الشهر نفسه، أي بعد ستة أيام من نشر المبادرة، وجه التجمع رسالة إلى الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، ممثلاً بأمينيه العامين، أرفقها بالمبادرة المذكورة. ومما ورد في الرسالة:

“إسهاماً في المناقشات الدائرة، حول السبل الممكنة للخروج من المحنة الراهنة، وفي سياق تحقيق الشراكة الفاعلة مع حزبيكما في المجالين الثقافي والسياسي، نضع بين أيديكما مبادرتنا، المتضمنة تصوراً أولياً، أعلناه مؤخراً، لا يخرج في تقديرنا عن مضامين مبادرتي حزبيكما المعلنتين مؤخراً، اللتين نتمنى أن تدمجا في مبادرة واحدة، يوقع عليها الحزبان، مع أي أحزاب ومكونات، تتفق توجهاتها مع توجهاتكم. فبهذا تكتسب المبادرة الموحدة من القوة، ما لا تكتسبه المبادرات المنفردة”.

وعندما أعلنت هذه المبادرة، وتلتها مبادرات أخرى لمكونات وشخصيات سياسية، لم تعرها القوى المتصارعة، الداخلية والخارجية اهتماماً. فالرؤوس كانت ما تزال حامية، والمراهنة على الحسم العسكري كانت ماتزال مستحكمة لدى البعض. مع أننا ظللنا نكرر منذ بداية الحرب، بأن الحسم العسكري مستحيل، لاعتبارات عسكرية وسياسية، أوضحناها في أكثر من سياق وفي أكثر من بيان.

وقد توالت جهود جماعة نداء السلام، الهادفة إلى إيقاف الحرب وتحقيق التصالح الوطني وبناء الدولة اليمنية الواحدة، الضامنة لأمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه واستقلال قراره السياسي. وذلك من خلال الاتصالات والحوارات والبيانات على مدى السنوات الماضية. وحرصت الجماعة على تحديد مواقف واضحة من كل الأحداث والتطورات في الداخل اليمني. كما حرصت على تحديد موقف واضح تجاه ما يدور في الساحة الفلسطينية، التي شهدت أعظم ملحمة خاضها المقاومون الفلسطينيون، وأبشع إبادة مارسها الكيان الصهيوني الغاصب، بحق أهلنا في غزة.

والآن، وبعد مرور عقد من الزمان على الحرب الكارثية في اليمن، التي عمقت الانقسام بين أبناء الشعب الواحد وتسببت بما نحن فيه من بؤس ودمار، نأمل أن تكون المكونات اليمنية المتصارعة جميعها قد أعادت التفكير في أوهامها وفي مواقفها، ووصلت إلى قناعة بأن استمرار الاقتتال بين اليمنيين، لن ينتج عنه إلا مزيداً من الدمار والتفتيت، وأن إنقاذ اليمن من المخاطر المحدقة به، لن يتحقق إلا بتماسك الجبهة الداخلية، وتماسك الجبهة الداخلية لن يتم إلا عن طريق المصالحة والحوار والتنازلات المتبادلة والشعور العالي بالمسؤولية الوطنية، والتوجه نحو البناء بدلاً من التدمير، والتكاتف بدلاً من الاحتراب، والاحتكام إلى القانون بدلاً من الانفلات والفوضى، والتبادل السلمي للسلطة، عبر انتخابات حرة نزيهة، يقول الشعب فيها كلمته، بدلاً من محاولة الاستئثار بها واستقواء الأخ على أخيه بقوة السلاح وبالدعم الخارجي.

ولأن المياه قد جرت في نهر المحنة التي غرقنا فيها، ولم تعد هي نفس المياه التي كانت تجري في بداية الحرب، وتغيرت كثير من معطيات الواقع وموازين القوى وتحالفات المتصارعين، فقد حان الوقت لنصحو وننظر إلى ما نحن فيه بروح المسؤولية الوطنية، ونتجه بنية صادقة إلى الحوار الجاد المثمر، الهادف إلى بناء الدولة اليمنية، على أسس الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات. لننتقل بذلك من المناورات السياسية قصيرة النظر محدودة الأفق، إلى العمل الوطني البناء، فنتصالح مع أنفسنا ومع شعبنا ومع تاريخنا، ونحافظ على وحدة وطننا واستقلاله وسلامة أراضيه، ونقيم علاقات تعاون ندي واحترام متبادل مع دول الإقليم ومع دول العالم، ونتوجه نحو المستقبل، ونضع الماضي خلف ظهورنا، نستفيد من دروسه وعبره وحسب، ولا ندعه يتحكم في حاضرنا ومستقبلنا. واضعين في اعتبارنا أن جميعنا مستهدفون، وأن وطننا مهدد بالتقسيم، وقد مُهِّدت الأرضية لذلك. ولعل المخططات الخارجية، التي ننساق معها، بوعي أو بدون وعي، تهدف إلى إيصالنا إلى هذه النتيجة. وحينها لن ينتصر أحد منا على أخيه، بل سنكون كلنا خاسرين، والخاسر الأكبر هو اليمن.   

برنامج الحد الأدنى الممكن:

ينطلق برنامج الحد الأدنى المقترح هنا، من أسس، هي بمثابة مسلمات، لا يجب أن تغيب عن أذهاننا، أهمها:

1_ نحن شعب واحد، ننتمي إلى وطن واحد يتسع لنا جميعاً. وتعايشنا في إطار وطننا الواحد، هو الضمان لاستمرار وجودنا ووحدة وطننا واستقلاله وسلامة أراضيه وتقدمه ورخائه وازدهاره. 

2_ نحن بشر، نجتهد، فنخطئ ونصيب. ومن الحكمة أن نصحح أخطاءنا عندما نخطئ، ونصوب مسارنا عندما ينحرف بنا المسار.

3_ نحن مواطنون، نتساوى بهذه الصفة في الحقوق والواجبات، تربطنا وحدة التاريخ والجغرافيا، ووحدة المجتمع الذي ننتمي إليه. حياتنا المشتركة تعزز وحدتنا في الماضي والحاضر والمستقبل. وعلينا أن لا نهرب من حياتنا المشتركة هذه أو نتنكر لها. فهي واقع لا خيار لنا فيه، ولابد أن نرضى بها، بل لابد أن نتمسك بها ونقدر أهميتها، ونتحاور ونتفاهم، ونبذل قصارى جهودنا في سبيل وضع الأسس السليمة لاستمرارها بأفضل صورة ممكنة.

4_ الولاء للخارج، يربطنا، شئنا أم أبينا، بأجنداته ومصالحه، على حساب وطننا وشعبنا ومصالحنا العليا. وهو، أي الخارج، لا يمكن أن يكون أحرص منا على وطننا وأمننا واستقرارنا وتقدمنا وازدهارنا. هذه حقيقة لا تقبل الجدل، نبني عليها علاقاتنا بعضنا ببعض، على أسس التعايش والتكاتف والتعاون، ونبني عليها علاقاتنا بكل الدول في الإقليم وفي العالم، على أسس الندية والاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية وفي سياساتنا الخارجية.   

5_ الدولة الأنسب لليمنيين هي الدولة المدنية الحديثة. ونعني بالدولة المدنية الحديثة، على وجه التحديد: أنها دولة كل اليمنيين، لا دولة مذهب من المذاهب أو منطقة من المناطق أو عشيرة من العشائر أو مكون اجتماعي دون غيره، دولة النظام والقانون والعدل والمساواة والشراكة الوطنية والتبادل السلمي للسلطة، دولة الخدمات العامة والتنمية الشاملة والإدارة النزيهة المبرأة من الفساد، دولة المؤسسات الراسخة، التي يحكمها الدستور والقانون ولا تتأثر بالمنافسات السياسية ولا تتغير بتغير الأحزاب الحاكمة، التي تأتي بها الانتخابات الديمقراطية. ولا تعني صفة (المدنية) إقصاء الدين من الحياة العامة، أو التنكر له ولقيمه السامية، التي تشكل موجِّهات عامة لحياتنا وعلاقاتنا وممارساتنا داخل السلطة وخارجها، بل تعني عدم انفراد جماعة أو عائلة أو عشيرة أو منطقة أو طائفة دينية، بالحكم باسم الدين، فالدين لا يحكم، بل من يحكم هم البشر. ولذا لا بد أن يقرر البشر (الشعب) من يحكمهم عبر الآليات الانتخابية المعروفة. وهذا هو جوهر الدولة المدنية الحديثة كما نفهمه.

6_ الأخذ بالنظام البرلماني. وهو النظام الذي تكون الحكومة فيه هي السلطة التنفيذية الوحيدة. وتكون مسؤولة أمام البرلمان، لا أمام رئيس الدولة. ولا تملك الحق في التدخل في أعمال السلطتين، التشريعية والقضائية. ولا يمارس رئيس الدولة في هذا النظام أي سلطة تنفيذية. بل يكون بمثابة الرمز الوطني الجامع لمكونات الدولة كلها، بأحزابها وتياراتها السياسية وتكويناتها الاجتماعية والاقتصادية، والمجسد معنوياً لسلطاتها الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، دون أن يملك حق التدخل في عمل أي من هذه السلطات. مما يبقيه دائماً بعيداً عنها وعن أخطائها، غير مسؤول عن إخفاقاتها، ومرجعاً للجميع، يعلو فوق الخصومات والنزاعات والصراعات السياسية. وهذا النظام هو النظام الأصلح لنا في اليمن، بل والأصلح في الوطن العربي كله. فبه نتحاشى عيوب النظام الرئاسي في بلدان العالم الثالث، التي يتغول فيها الرئيس ويتحول إلى دكتاتور فوق المساءلة والمحاسبة، يتحكم بسلطات الدولة الثلاث، ويبتلع الثروة الوطنية دون رقيب أو حسيب، ويفرخ الفساد المالي والإداري، المعيق لتطور الحياة، بكل جوانبها المادية والفكرية والأخلاقية. 

7_ الفصل بين السلطات. بمعنى وضع القيود والضمانات المانعة لتغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية وتهميش دورهما وإلحاقهما بها. مع تفعيل دور السلطة التشريعية في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية ومساءلتها وسحب الثقة منها، إذا تطلب الأمر ذلك، وضمان استقلال السلطة القضائية، وعدم التدخل في إجراءاتها وفي تعيين القضاة وفي انتخاب المجلس الأعلى للقضاء، وفي غير ذلك من الشؤون الخاصة بهذه السلطة. وكذا وضع ضوابط وشروط محددة، لشغل وظائف السلطات الثلاث، كالمؤهل العلمي والكفاءة والنزاهة، وغيرها من الضوابط والشروط، التي بدونها لا يمكن الحديث عن بناء الدولة الحديثة.

8_ المحافظة على وحدة المجتمع، بمختلف عناصره، وحشد طاقاته، لإحراز القوة وتحقيق النهوض العام، والقضاء على روح التعصب السياسي والديني والمذهبي والعشائري والمناطقي. لأن التعصب هو عدو الحقيقة، وعدو الروح الوطنية، وعائق أمام تنمية الإحساس بالانتماء إلى اليمن وإلى الوطن العربي الكبير.

9_ إعطاء اهتمام حقيقي للعلم والعلماء والمبدعين، وتشجيع البحث العلمي ورصد الاعتمادات اللازمة له، وجعله أساساً لسياسات الدولة وممارساتها. فلا نقرر ولا نخطط ولا ننفذ ولا نقيّم، إلا استناداً إلى نشاط بحثي جاد، مدعوم بالإمكانيات المادية والمعنوية اللازمة، التي يجب أن توفرها الدولة.

10_ الاهتمام بالإنسان، تنشئة وتربية وتعليماً وتأهيلاً، وتأمين الحياة الكريمة له، من خلال توفير الشروط الضرورية لاستقراره وإنتاجه وإبداعه، كالسكن والعمل والتطبيب والمرتب المجزي والمعاش التقاعدي، الذي يؤمن له مستوى من العيش الكريم في شيخوخته. فالإنسان هو الثروة الحقيقية. إذ لا جدوى من استيراد آخر ما توصل إليه العلم من مخترعات، إذا لم يرتفع إنساننا إلى مستواها، ويمتلك القدرة على استيعابها تمهيداً لتصنيعها والإبداع فيها.

11_ التسليم بدور الدولة، كممثل للمجتمع، في التخطيط العام للتنمية الشاملة، وفي توجيه الاقتصاد والتجارة، ولا سيما تجارة الاستيراد والتصدير، بما يضمن بناء قاعدة اقتصادية، صناعية زراعية _ تجارية، قوية.

12_ تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية. بما يعنيه هذا المبدأ من توفير الضمانات الاجتماعية لجميع المواطنين والمساواة في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص أمام أبناء الشعب جميعهم، بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية والسياسية ومواقعهم الاقتصادية، واعتبار جميع المواطنين شركاء في الثروات الوطنية وفي الملكية العامة، واعتماد النزاهة والكفاءة العلمية والقدرة على الإنجاز كأساس للتمايز في المراكز الوظيفية، واعتبار الناس جميعاً سواسية أمام القانون.

13_ احترام قيمة العمل واعتبارها مصدر القيم. فليس أسوأ ولا أضر بتقدم البلاد وتطورها وتحضرها، من إحساس العاملين المبدعين بأن أعمالهم وإبداعاتهم لا تحظى بالتقدير المادي والمعنوي الذي تستحقه. وأن غيرهم من الكسالى والعاطلين هم من يقدَّرون ويكافَؤون، ويستأثرون بالمكانة الاجتماعية والوظيفية والمكاسب المادية، لمجرد انتمائهم الأسري أو العشائري أو السياسي. إن هذا الاحساس يؤدي إلى الإحباط والتكاسل والإهمال ويقتل الطموح ويقضي على مكامن الإبداع، وقد يضعف لدى المرء شعوره بالانتماء إلى مجتمعه وبلده. 

14_ إشراك الشعب في إدارة شأنه العام، من خلال إدارة محلية منتخبة، يمكن أن نسميها إدارة محلية أو حكم محلي أو إدارة لا مركزية، إذ يتلاشى الفرق بين هذه التسميات، إذا اتفقنا على مضمون واحد. فالأمر الجوهري هنا هو أن تقام إدارة محلية كاملة الصلاحيات في كل ما هو شأن محلي، تُشكَّل على أساس الانتخاب الحر المباشر لمجلس محلي، يختار من بين أعضائه محافظاً يتولى رئاسة المجلس. ويمكن للمجلس أن يسحب الثقة من المحافظ في أي وقت، ويختار محافظاً غيره، إذا رأى ذلك ضرورياً، دون الرجوع إلى السلطة المركزية. وتأكيداً لوحدة الدولة، يصدر قرار جمهوري باعتماد المجلس المنتخب والمحافظ المختار، دون أي تدخل من قبل السلطة المركزية في الانتخابات أو في نتائجها أو في اختيار المحافظين. أما الشأن اليمني العام، كالقوات المسلحة والأمن العام والثروات الوطنية والتخطيط الاقتصادي العام ورسم السياسة التعليمية والثقافية ومراقبة تنفيذها، وغيرها مما يتعلق بالوطن اليمني ككل، ولا يقتصر على محافظة دون أخرى، فيدار من قبل السلطة المركزية، المنتخبة ديمقراطياً، المجسدة لوحدة الوطن والممثلة لمصالحه العليا. وتتولى السلطة المركزية التنسيق بين المجالس المحلية في المحافظات وتمويل خطط التنمية فيها، ومراقبة تنفيذها، ومنع أي تدخلات أو اختراقات خارجية للمجالس المحلية. ويُحظَر على المجالس المحلية والمحافظين إقامة أي علاقات بدول أو جهات خارجية، مهما كانت. ويجب أن يتضمن الدستور كل هذه المسائل، في نصوص واضحة ودقيقة، لا تقبل اللبس أو التأويل. وعلى هذا النحو، نرسخ أسس وحدة يمنية، تصل إلى تخوم الفيدرالية ولا تلجها. فنتحاشى محاذيرها ونتجنب تقسيم اليمن، عبر إنشاء كيانات متعددة، بحكومات وبرلمانات …إلخ، داخل الكيان اليمني الواحد، ينتهي بها الأمر إلى الانفصال، باستخدام مبدأ حق تقرير المصير، وبإيعاز ودعم من القوى الخارجية، التي خططت لهذا الأمر مسبقاً، على مستوى الوطن العربي كله.

وانطلاقاً من هذه الأسس، نتحرك نحو المستقبل، متخذين من مخرجات الحوار الوطني الشامل التي توافق عليها اليمنيون، مرجعية لنا. فنتجه بنية صادقة وبوعي كامل وعزم أكيد، نحو التصالح والحوار المسؤول وإعادة ترتيب شؤوننا الداخلية، بما يضمن سلامة شعبنا وبناء دولتنا وإدارة بلادنا إدارة سليمة.

وللمضي في هذا الطريق لابد أولاً من التوافق على تشكيل لجنة من شخصيات وطنية مختارة، تباشر الإعداد لعقد مؤتمر حوار وتصالح وطني، تحت إشراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وعدد مختار من عقلاء اليمن غير المنحازين لطرف من أطراف الصراع، مؤتمر يضم كل المكونات السياسية اليمنية الفاعلة، هدفه وضع أسس بناء الدولة اليمنية، دولة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات. ويتم فيه التوافق على خارطة طريق ذات بنود محددة وواضحة ومزمنة، تتضمن في ما تتضمنه:

الشروع فوراً في اتخاذ خطوات عاجلة، تفضي إلى توحيد البنك المركزي وتوريد جميع الإيرادات النفطية والضريبية إليه، وتوحيد العملة الوطنية وتثبيت قيمتها مقابل العملات الأجنبية وصرف المرتبات والمعاشات، بعد تسويتها بما يتناسب مع التضخم المالي وغلاء المعيشة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والأسرى والمخفيين وترتيب الأوضاع الأمنية والعسكرية والمالية والاقتصادية، وتوفير الخدمات العامة، من ماء وكهرباء ونظافة وصحة وتعليم ووسائل اتصالات، وفتح الطرقات ورفع نقاط التفتيش المنتشرة فيها وتسهيل تنقل المواطنين، دون حواجز أو موانع، إلى غير ذلك مما يرتبط بحياة المواطنين وأمنهم ومعيشتهم، وما يكفل تفعيل أجهزة الدولة وضمان أدائها لدورها على أكمل وجه ممكن.

تحديد فترة انتقالية، مع تحديد المهام التي يجب أن تُنجز فيها وتزمين عملية إنجاز كل مهمة. واختيار رئيس مؤقت للدولة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مؤقتة، من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، تدير أجهزة الدولة في الفترة الانتقالية. وتتولى إنجاز المهام المحددة لهذه الفترة.

إعادة تفعيل السلطة التشريعية (البرلمان)، وتمكينها من أداء وظائفها المرتبطة حصراً بالمرحلة الانتقالية، كإصدار التشريعات المؤقتة على ضوء الدستور الحالي، لتسهيل عمل السلطة التنفيذية المؤقتة، وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية ووضع قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، لتباشر الإعداد للانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، وإجرائها والإشراف عليها وإعلان نتائجها.

بعد الانتخابات البرلمانية يتم انتخاب رئيس للدولة من قبل البرلمان الجديد، وفق النظام البرلماني المعروف، لا وفق النظام الرئاسي، الذي يوفر في البيئات غير المتطورة، شروط الاستئثار بالسلطة والثروة وإفساد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما يتم تشكيل حكومة جديدة من حزب الأغلبية في البرلمان، أو من أحزاب الائتلاف الحاصلة بمجموعها على الأغلبية التي يحددها الدستور، حكومة تتجاوز مبدأ المحاصصة، وتعتمد معايير الكفاءة والنزاهة والقدرة على الإنجاز.

بعد انتظام جلسات البرلمان الجديد المنتخب وانتخابه رئيس الدولة ومباشرة الحكومة الجديدة مهامها، تجري في جميع المحافظات انتخابات للمجالس المحلية، التي تقع على عواتقها إدارة الشؤون المحلية، كل منها في محافظته، وبصلاحيات كاملة. ويقوم كل مجلس محلي منتخب باختيار محافظ من بين أعضائه. وترفع نتائج الانتخابات المحلية وأسماء المحافظين المختارين من قبل مجالس المحافظات إلى البرلمان للمصادقة عليها وإحالتها إلى رئيس الجمهورية لإصدار مرسوم رئاسي بها، دون أن يُعطَى البرلمان أو الرئيس حق الاعتراض عليها أو تعديلها.

لا يحق للسلطة التنفيذية (الحكومة) ولا للسلطة التشريعية (البرلمان) التدخل في نتائج انتخابات المجالس المحلية في المحافظات أو في اختيار المحافظين. فذلك شأن يقرره الشعب في كل محافظة.    

يتم ربط الإدارة المحلية في المحافظات بوزارة الإدارة المحلية، التي يقتصر دورها على التنسيق الإداري بين الإدارة المركزية للدولة وبين المحافظات، دون أي تدخل في تعيين المحافظين أو الموظفين، باعتبار التعيينات في كافة المستويات الإدارية في كل محافظة، شأن من شؤون المحافظة نفسها.

تشكيل لجنتين متخصصتين (عسكرية وأمنية)، تتوليان إعادة بناء القوات المسلحة وإعادة بناء الأجهزة الأمنية، بناءً وطنياً جديداً، لا يستثني منطقة ولا مكوناً اجتماعياً، مع وضع الأسس الضامنة لمهنيتها وحياديتها وعدم ولائها لأشخاص أو لمكونات اجتماعية أو سياسية معينة، بل لليمن كل اليمن، تكفل أمن واستقرار وسلامة اليمن واليمنيين جميعهم، دون تمييز.

سحب المكونات المسلحة من كافة مدن المحافظات اليمنية وأريافها، لتحل محلها وحدات من الجيش والأمن، اللذين أُعيد بناؤهما على أسس وطنية. وتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة إلى المؤسستين العسكرية والأمنية، كل فيما يخصها. وتسليم جميع الإدارات المدنية في كل محافظة إلى الكوادر الإدارية المدنية في المحافظة.

تشكيل لجنة قانونية، تتولى إعادة صياغة مشروع الدستور الجديد، بحيث يراعى فيه ما تم التوافق عليه وطنياً، وتقديمه إلى البرلمان الجديد المنتخب، لمراجعته وإنزاله للاستفتاء الشعبي العام، ثم المصادقة عليه بعد الاستفتاء العام وإصداره.

وضع ميثاق شرف تلتزم به جميع المكونات السياسية، يتضمن أهم المبادئ، التي يقوم عليها النظام السياسي والحياة السياسية في اليمن، وعلى رأسها الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة ورفض العنف بكل أشكاله وتأكيد الولاء للوطن وتجريم الولاء للخارج. 

تحترم المكونات السياسية بمختلف أطيافها إرادة الشعب. فالشعب هو مصدر السلطات، وخدمة مصالحه هي المبرر الوحيد لنشوء هذه المكونات. ويترتب على هذا أن تلتزم كل المكونات السياسية بمبدأ التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، التي يعبر الشعب من خلالها عن إرادته. لتبقى صناديق الانتخابات هي الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة والضامن لاستقرار اليمن وأمنه وسلامته وتطوره.

جماعة نداء السلام.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تعميم حوثي يكشف عن حالة الرعب والمخاوف من ضربات جوية أمريكية موسعة

حشد نت | 2097 قراءة 

شاهد اول صورة لجثة عبد الملك الحوثي بعد غارات مكثفة هزت صعده

وطن الغد | 1955 قراءة 

عاجل : مصدر امريكي يكشف حقيقة مقتل عبدالملك الحوثي مساء امس

جهينة يمن | 1468 قراءة 

رئيس الوزراء يؤدي صلاة القيام في عدن دون حراسات أو موكب

المنارة نت | 1415 قراءة 

عاجل | بقيادة الشامي والعاطفي …  انقلاب عسكري في صنعاء 

العاصفة نيوز | 1327 قراءة 

الكشف عن هوية القيادي الحوثي الذي لقي مصرعه مع 5 آخرين بكمين في الجوف

حشد نت | 1072 قراءة 

عاجل : "اليمن السعيد" يكشف حقيقة الصورة المتداولة لعبدالملك الحوثي بعد مقتله

اليمن السعيد | 945 قراءة 

عاجل: الـ.حوثي يقصف مطار كبير تابع لهذه الدولة

كريتر سكاي | 905 قراءة 

أمريكا تعلن عن القضاء على زعيم مليشيا الحوثي في اليمن بغارة جوية

يمن فويس | 895 قراءة 

عاجل : عملية نوعية ضد الحوثيين واغتيال قيادي كبير "فيديو"

جهينة يمن | 873 قراءة