بقلم / ياسر غيلان
في خطوة تأخرت كثيرًا، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بشن ضربات جوية على مليشيات الحوثي الإرهابية بعد دخول تصنيفها رسميًا كمنظمة إرهابية حيز التنفيذ. بالتوازي مع ذلك، فرضت واشنطن قيودًا على استيراد النفط والغاز عبر ميناء الحديدة، ووضعت قيودًا على قطاع الاتصالات، في محاولة لتجفيف منابع تمويل هذه الجماعة. لكن هذه التحركات تثير تساؤلات حول مدى جديتها، خاصة مع مؤشرات على وجود تخادم خفي بين واشنطن والحوثيين، قد يسمح للميليشيا الإرهابية بمواصلة تهديد الأمن الإقليمي.
الضربات الأمريكية: هل تم إفشالها قبل وقوعها؟
في تطور مريب، قامت الإدارة الأمريكية بإبلاغ روسيا مسبقًا عن الضربات الجوية ضد مليشيات الحوثي الإرهابية، بحجة التنسيق العسكري. لكن بالنظر إلى التحالف العميق بين روسيا وإيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، فمن غير المستبعد أن تكون موسكو قد نقلت المعلومات إلى طهران، والتي بدورها أبلغت الحوثيين للاستعداد. هذه ليست المرة الأولى التي ترتكب فيها واشنطن خطأً استراتيجيًا كارثيًا، لكنه هذه المرة قد يكون أجهض الضربات أو قلّل من فاعليتها بشكل كبير.
حظر النفط والاتصالات: قرار متأخر أم خطوة ناقصة؟
مقالات ذات صلة
آفاق أكتوبرية
اليمن وتيهان الأطماع
في إطار العقوبات، أعلنت واشنطن منع استيراد النفط والغاز عبر ميناء الحديدة، وهي خطوة تهدف إلى قطع شريان الحياة المالي لمليشيات الحوثي الإرهابية، لكنها جاءت متأخرة جدًا. فمنذ سنوات، استخدمت الميليشيا الميناء لتهريب النفط الإيراني وبيعه في السوق السوداء، ما وفّر لها مليارات الدولارات لتمويل حربها ضد الشعب اليمني. نجاح هذه العقوبات يعتمد على صرامة تطبيقها دوليًا، وعدم وجود ثغرات قد يستغلها الحوثيون.
أما في قطاع الاتصالات، فقد فرضت الولايات المتحدة قيودًا جزئية مع استثناءات تتيح استمرار بعض الخدمات المدنية. لكن الحوثيين يستخدمون قطاع الاتصالات كمصدر رئيسي للدخل، عبر فرض الضرائب والاستغلال المباشر للإيرادات. لذا، فإن أي عقوبات لا تشمل إنهاء سيطرة الميليشيا على هذا القطاع ستكون غير كافية.
هل يستخدم الحوثي غزة لإعادة كسب الشارع؟
مع تصاعد الضغوط العسكرية والاقتصادية، لجأت مليشيات الحوثي الإرهابية إلى التلاعب بورقة فلسطين، في محاولة لإعادة كسب التعاطف الشعبي. بدأ إعلام الحوثيين بترويج أن الضربات الأمريكية عليهم تأتي بسبب دعمهم للمقاومة الفلسطينية، وهو ادعاء كاذب لا يستند لأي دليل. الحوثيون لم يطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل، لكنهم قتلوا وشردوا ملايين اليمنيين، ونهبوا ثروات البلاد، وسحقوا الاقتصاد.
داخليًا، تحاول الميليشيا الإرهابية إقناع السكان في مناطق سيطرتها بأنها مستهدفة بسبب مواقفها من القضية الفلسطينية، لكن الواقع أن الشارع اليمني بدأ يدرك حجم الخديعة. الحوثي في لحظاته الأخيرة، ويواجه انهيارًا داخليًا غير مسبوق، خاصة مع تصاعد الانشقاقات وتزايد الضغط العسكري والاقتصادي عليه.
النتيجة: الحوثي ينهار ولكن بحذر
رغم أن الضربات الأمريكية والعقوبات الاقتصادية قد تؤثر على مليشيات الحوثي الإرهابية، فإنها لن تكون كافية ما لم تكن جزءًا من استراتيجية أوسع تشمل استهداف القيادة، منع أي تمويل خارجي، وقطع الدعم الإيراني بشكل كامل. في المقابل، لا يمكن تجاهل احتمالية أن تكون الولايات المتحدة تستخدم هذه الضربات لأغراض سياسية، دون نية حقيقية لإسقاط الحوثي كليًا.
الأيام القادمة ستكشف إن كانت واشنطن جادة في إنهاء تهديد الحوثيين، أم أنها لا تزال تلعب بورقة الميليشيا الإرهابية لتحقيق توازنات سياسية في المنطقة.
تحرير المقال
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news