إجباريا منعتنا – الرياح اللواقح لبدايات آذار- من الخروح من البيت لمتابعة سياحتنا الصباحية الرمضانية.
فلتذهب إذن مع هذه الرياح كسائح تسبر مع أنفاسها القلقة تلقيح الأشجار، وتراقص الأغصان، وتمايل الأشجار الصغيرة منها.
أمام عينيك تتساقط الثمار الأكثر نضجًا، وهي ثمار السدر (البعار)، التي أبدلنا الله إياها بدلًا عن جنتينا اللتان كانتا بذات الشمال وذات اليمين، بعد أن باعدنا بين أسفارنا، ومايزال أسفار هذا التباعد تقاتل فينا القتال، لنزداد أكثر تشبثًا بالشتات.
في قلق الرياح هذه التي لا وجهة لها سوى انجاز مهامها التي فطرت عليها بعد أن اكتست الأشجار زينتها من الاخضرار، الذي كانت قد جلدته سياط الشتاء، وأتت بدايات الخريف لشسقط ماتبقى من إصفرار أوراقه.
الأطفال يلعبون بين يدي الرياح هذه، مشاكسات (ظلال ورافد) تزيد الغبار المتصاعد من جفاف التراب موال آخر، وعبثًا بالماء الذي يغسلون به أيدهم لتظل كما هي عليه.
تتماوج خطوط الشبكة العنكبوتية مع قلق الرياح، وتبقى الدردشة مع الآخر مرهونة بالإنقطاع والعودة.
في الجانب الآخر من الدردشة تشعر بانكسار الطرف الآخر للدردشة، تنبؤه بما تشعر به، يتعجب يسأل كيف أدركت هذا الانكسار، تخبره بسر الحدس، تنهي الدردشة بأمل التواصل غدًا، يختصر وعد التواصل إلى ما بعد صلاة التراويح.
تفتح بوابة المقصورة التي ألفت المقام بها، كمقام لعزلتك الاختيارية تحديدًا، تعيد ترتيب قلقك النفسي بسبب الانقطاع القسري للدردشة.
الرياح تعصف بالمكان، ومع ازدياد قلقها يزداد شدة تراقص الأغصان، ويزداد تمايل الأشجار الصغيرة والنباتات حتى ملامسة القاع.
ومع هذا القلق الطبيعي للرياح، يزداد قلقك الكتابي، والقرائي تتذكر كتابًا ما، تبحث عنه، تعيد ترتيب مكتبتك، يهجم عليك ثنائي المشاكسة (ظلال – رافد)
ينتابك الضحك المقارن من الأعماق.
إنهما يضحكان لعبًا ومرحًا كلما اشتدت الرياح، وانت تحاول التناغم مع هذه السياحة الرمضانية مع الرياح اللواقح، رقصًا مع أغضان الأشجار وقلقًا مع المكان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news