مقاييس الجمال البشري

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 98 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 مقاييس الجمال البشري

مقاييس الجمال البشري

قبل 2 دقيقة

لا أعرف لماذا ذلك الاختلال الكبير في تحديد مقاييس الجمال في الفكر الثقافي الإنساني ، ولا أعرف لماذا تميل كفة الميزان في هذا الجانب لمصلحة جمال الشكل والصورة على حساب جمال الروح والنفس في كثير من الثقافات الإنسانية؟! .

 ولا أدري لماذا ينحاز الكثير من الشعراء والأدباء لجمال الشكل والصورة وإهمال جمال الروح والنفس ، فتراهم وهم يتغزلون بشكل مبالغ فيه في كثير من الأحيان ، على سبيل المثال في جمال العيون أو الخدود أو الرموش أو القوام وفي كل تفاصيل الجسد ، بينما يمرون على جمال الروح والنفس والأخلاق مرور الكرام ، وهو ما جعل الكثير من الناس يهتمون فقط بهذا الجانب في حديثهم عن مقاييس الجمال ، دون اعتبار لمقياس جمال الروح والنفس والأخلاق ، رغم أن الصورة الجمالية للإنسان تعتمد على جمال الروح وجمال الشكل معاً ، ولكن هناك من الناس من يمتلك جمال الصورة والشكل فقط ولا يمتلك جمال الروح ، وهذا النوع من الجمال قد ينفع صاحبه ولكنه قد لا ينفع المجتمع المحيط به ، بل قد يتحول إلى وبال على الشخص نفسه وعلى المحيطين به ، فقد يدفعه للغرور والتعالي على الآخرين ، وهو بذلك قد يصنع للشخص نفسه الكثير من المشاكل مع الآخرين ، بينما جمال الروح والنفس والأخلاق بدون شك ينفع صاحبه وينفع المجتمع المحيط به..

ويظل مقياس جمال الشكل والصورة مقياس نسبي وغير ثابت ، فالصورة الجمالية للشكل تختلف من شخص لآخر ، فما هو جميل في تقاسيم وملامح ولون الوجه مثلاً في نظر بعض الأشخاص قد لا يكون بذلك الجمال في نظر البعض الآخر ، فالبعض يحبون مثلاً اللون الأبيض بينما البعض الآخر يفضلون اللون الأسمر ، والبعض يحبون القوام الطويل بينما البعض الآخر يفضلون القوام القصير ، والبعض يحبون القوام الممتلئ والسمين بينما البعض الآخر يفضلون القوام الرشيق والضعيف .. وهكذا ، فمقاييس جمال الشكل والصورة نسبية وليست ثابتة ، كونها تتوقف على مزاج وهوى الأشخاص والتي هي بدون شك تختلف من شخص إلى آخر ، بينما مقاييس جمال الروح ثابتة فالقيم الأخلاقية ثابتة وليست نسبية ، فقيمة الصدق لا تتغير ولا تتبدل من مكان لآخر أو من شخص لآخر ، فالصادق يظل صادقًا عند الجميع ، والكاذب يظل كاذبًا عند الجميع ، والمتواضع يظل متواضعًا عند الجميع والمتكبر بظل متكبرًا... وهكذا.

وبدون شك بأن جمال الشكل والصورة أمر خارج عن إرادة الإنسان ، فهي صفة إلزامية توجد معه منذ الولادة وتلاصقة طوال حياته ولا خيار ولا رأي ولا إرادة له فيها ، والبشر بشكل عام خلقهم الله تعالى في أجمل تقويم مقارنة ببقية المخلوقات ، وفي أحسن وأجمل صورة مقارنة ببقية المخلوقات ، قال تعالى (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) .. والفرق في الجمال سواء في القوام أو الصورة نسبي ومتقارب ، ولا يتحمل الإنسان أي مسئولية عن هذا النوع من الجمال ، فذلك هو خلق الله تعالى ، ومن المفترض شرعا وعقلا ومنطقا أن لا يتحمل الإنسان تبعات ذلك ، وأن لا يكون لونه أو شكله أو منظره سبب لإنتقاصه أو السخرية منه أو أزدرائه أو التقليل من شأنه ، كون كل تلك الأمور خارجة عن إرادته ، ومن يمارس السلوكيات العنصرية السلبية ضد الآخربن بسبب ألوانهم أو أشكالهم أو صورهم أو أسرهم أو أنسابهم ، بالازدراء أو السخرية فهو بذلك يزدري ويسخر من الله تعالى والعياذ بالله ، لأن الله تعالى هو من خلقهم على هذه الهيئة والشكل والصورة ..

ويتحمل الإنسان فقط تبعات جمال روحه ونفسه وسلوكه وأخلاقه ، فهو المسؤول عنها والمتحكم بها ، فهي نتاج تفكيره وأعماله وأفعاله وتصرفاته ، وهو المسؤول الأول والأخير عن ذلك ، كونه صاحب القرار في هذا الجانب ، فقد منحه الله تعالى المتسع من حرية الاختيار وحرية اتخاذ القرار ، فعندما مثلا يكذب الشخص أو يسرق أو يتكبر ... الخ فتلك السلوكيات هي نتاج قرار الشخص نفسه ، ومن يقوم بتلك الأفعال ويمارسها على أرض الواقع هو الشخص نفسه ، لذلك هو من يجب أن يتحمل نتائجها وكل ما يترتب عنها ، وبذلك فإن الإنسان غير مسؤول عن مقياس جمال شكله وصورته ، كونها أمور خارجة عن إرادته واختياره ، بينما هو مسؤول مسؤولية كاملة عن جمال روحه ونفسه وأخلاقه وسلوكياته ، فهو صاحب الرأي والإرادة والقرار في ذلك ، وهو من يستطيع أن يرسم لنفسه صورة جمالية مشرقة أو صورة سلبية قاتمة. ولذلك فالجمال الحقيقي هو جمال الروح والنفس ، أما جمال الشكل والصورة فالبشر بشكل عام خلقهم الله تعالى في أحسن صورة وأحسن تقويم ، والفرق بينهم في هذا المجال هو فرق نسبي ، فالإنسان هو إنسان بغض النظر عن الاختلاف في الشكل أو الصورة أو اللون أو الحجم ، وما يحدد قيمة الإنسان الحقيقية هو جمال روحه ونفسه وسلوكه وأخلاقه وتعامله الإيجابي مع الآخرين ، وفعله للخير وقدرته على احترام الآخرين واحترام حقوقهم وحرياتهم ، والقبول بهم والتعايش الإيجابي معهم ، وقيمة الإنسان وجمال الإنسان في نوع الأفعال والأعمال العظيمة التي يقدمها في خدمة الإنسانية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

فيديو| من مواليد إثيوبيا عمل خادمًا في منزل “البيض” ثم اعتنق الأثنى عشرية.. من هو “أبو علي الحضرمي”؟

بران برس | 1286 قراءة 

تصعيد مرتقب… خالد سلمان يتحدث عن تحركات حاسمة في محافظتين

نيوز لاين | 705 قراءة 

عاجل: مصرع صهير زعيم الحوثيين وخبير المسيّرات.. تفاصيل بالأسماء لـ(5) القيادات البارزة

موقع الأول | 434 قراءة 

من يحرك الانتقالي في اليمن ومن عطّل تحرير صنعاء من الحوثيين؟ صحفي سعودي بارز يكشف المستور

المشهد اليمني | 430 قراءة 

عاجل: تطور خطير في حضرموت.. مواجهات مسلحة تسفر عن قتلى وجرحى

موقع الأول | 411 قراءة 

بيان سلام من أبوظبي ونار التصعيد مشتعلة في حضرموت

موقع الجنوب اليمني | 404 قراءة 

عاجل : بيان رقم ( 1 ) صادر عن وزارة الداخلية اليمنية

يمن فويس | 398 قراءة 

وزارة الداخلية اليمنية تصدر تحذيرًا هامًا وعاجلًا

بوابتي | 373 قراءة 

تحريض لعنصر من الانتقالي في عدن ضد أبناء "الشمال" وأبناء الخونة تثير غضبًا واسعًا ومطالبات بالمحاسبة ( فيديو)

يني يمن | 371 قراءة 

هاني بن بريك يكشف مصير أبناء المحافظات الشمالية في عدن

نافذة اليمن | 370 قراءة