"القضية الضائعة مسلسل (لا تقبروناش) الذي لم يُكتب"
قبل 1 دقيقة
مرحبًا بكم في عالم الإعلام اليمني، حيث الامتلاء للشاشات، والتغييب للعقول. يبدو أن قنواتنا حققت إنجازًا فريدًا: إعادة تعريف كلمة "تجاهل " مع كل بث جديد. لا تنزعجوا، فالصدمات القادمة ليست بسبب جودة المحتوى، بل بسبب غيابه من الأساس.
نحن شعب تتكدس حكايات معاناته في أزقة الواقع، ومع ذلك، ترى شاشات التلفاز لدينا مشغولة بكوميديا خالية من الضحك ودراما تنتمي لكوكب آخر. أتسائل أحيانًا: هل تبث هذه القنوات إلينا أم إلى جمهور على كوكب المريخ؟
كان يُفترض أن يكون التلفزيون مرآة تعكس الواقع، لكن يبدو أن قنواتنا اختارت أن تكون مرايا تعكس... السقف. تخيل طفلًا يصرخ: "لا تقبروناش!" وسط دخان القذائف، حبكة تصلح لمسلسل كامل، لكن على ما يبدو، كتّابنا ومخرجينا منشغلون بحبكات أعظم: من يرتدي البذلة الأنيق أكثر أمام الكاميرا.
وأين ذهب هؤلاء الشابين اللذين تقاسما الطفولة، والموت؟ أيمكن أنهم كانوا مجرد شخصيتين في خيالنا؟ أحمد الشيباني، أول شهيد في نقل الحقيقة، والصحفيون الذين حلموا بالسلام حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة. طفلة الماء، التي أصبحت رمزًا عالميًا، وقنصها تحوّل إلى خبر عالمي بينما قنواتنا انشغلت ببث برامج مسابقات تجعلنا نتساءل: "كيف وصلنا إلى هنا؟"
لكن، لنعترف بالعبقرية التلفزيونية المتجسدة لدينا: ممثلون وممثلات يتنافسون ليس لجائزة الأوسكار، بل لجائزة "أسوأ تمثيل". برامج كوميديا تقودك إلى التساؤل حول الحالة العقلية لمن وافق على بثها. والدراما؟ حسنًا، تبدو وكأنها مستوحاة من كوكب خيالي لا علاقة له باليمن.
لا أحد يمانع الترفيه، بل الجميع بحاجة للضحك وسط هذه المآسي. لكن هل يصبح الضحك هو كل شيء؟ أين الوطنية؟ أين الرسالة؟ أين التزام الإعلام بحمل صوت الواقع بدلاً من دفن القضايا تحت أكوام من الإعلانات والشعارات الرنانة؟
أيها المبدعون الأعزاء، الحرب ليست مجرد خلفية لديكورات المسلسلات، بل هي مأساة تحتاج أن تُروى. القنوات ليست أداة للتزيين، بل هي منصة لنقل صوت الشعب، لتروي حكاياتنا، لتبني الأمل. دعونا نُعيد التفكير: هل المشكلة في الإعلام، أم في الضمير؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news