يؤكد التاريخ السياسي القديم والمعاصر أنه لايمكن قيام منظومة مصالح سياسية واقتصادية وتاريخية وثقافية ووالخ. متكاملة في المنطقة العربية إلا في ظل عراق موحد وسوريا موحدة ومصر موحدة..!.
وفي الخمسة العقود الماضية أضيفت السعودية وإلى حد ما الجزائر !!.
هذه الدول هي بمثابة الأركان التي ارتفعت فوقها كل المشاريع الحضارية والسياسية الجامعة في المنطقه عبر التاريخ ابتداءا من الخلافة الأموية ومرورا بالعباسية، وانتهاءا بالنموذج العربي القائم المتمثل في التعدد الوطني للدول العربية والمتوحد في المشترك التاريخي والقومي تحت مظلة الجامعة العربية والمصالح المشتركة والأمن القومي الواحد !.
وبالتالي، فان أي حرب أو مشاريع تقسيم في إحدى هذه الدول، خاصة العراق وسوريا ومصر، يؤدي حتما إلى زعزعة المنطقة برمتها وتهديد بنية الأنظمة السياسية ومنظومة الأمن القومي. لذلك وبقوة التاريخ والمكان والثقل الجيو سيا استراتيجي ظلت مصر والعراق وسوريا بغض النظر عن طبيعة واستبدادية أنظمة الحكم فيها_لأن الحديث هنا عن الدولة_ هي الحامل والفاعل الأساسي في قضايا المنطقة وادارة ملفاتها !!.
ولأجل تفكيك وتصفية المشتركات الجامعة في المنظومة التاريخية والسياسية العربية في الوقت الراهن من قبل الغرب واسرائيل والمتهورين الاقليميين كتركيا وأيران واسرائيل.
يتم استهداف هذه المحاور الجوهرية الثلاثة بالحروب والفوضى، واعطاب أدوات وعناصر ثقلها التاريخي، وقد بدأ ذلك الاستهداف المباشر للعراق أولا بعد سقوط نظام صدام ومن ثم لمصر جيش ودولة في 2011م. وقد استطاعت الدولتين تجاوز شبح التقسيم ولكن بكلفة عالية، وعلى حساب دورهما المحوري وأدوات فاعليتهم في المنطقة، وتم ويتم الان تدريجيا وفي سياق قضايا وملفات المنطقة الكبرى، سحب أدوات التأثير وعناصر الثقل والفاعلية التاريخية ومحددات التأثير والاسهامات السياسية والاستراتيجية، من يد تلك الدول، واسنادها لصالح بدلاء وطنيين قشريين طارئين وجدد من خارج المنظومة التاريخية ( قطر – الإمارات – السعودية، التي لازالت تتأرجح بين الضفتين)، ولنا في الدور القطري إزاء حرب غزة خير مثال. وكذلك إبعاد العراق والجزائر عن ملف القضية الفلسطينية واحلال السعودية محلهما.
وفي ضوء ذلك فان السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل ستتجاوز سوريا بصفتها أحد أهم أعمدة المنطقة التاريخية، وأهم مركز ثقل فيها مشروع التقسيم الذي يلوح في أفقها؟ وماهو الدور العربي لبقية المراكز الأساسية الأخرى في دعم سوريا لمناهضة مخطط التقسيم، خاصة وأن الجميع يدرك مخاطر تقسيم سوريا وسقوطها في احتراب أهلي جديد على بقية أعضاء المنظمة العربية ؟ هذا ماستكشفه المتغيرات في العامين القادمين.
يدرك النظام السياسي العربي اليوم أنه يواجه أخطر التحديات في التاريخ المعاصر، ويدرك كل نخب السياسة أن تقسيم سوريا لو تم.. سيكون مقدمة يليها حتما اعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقه وتفكيك البنية التاريخية لكل من دولتي العراق وسوري، وبداية التمدد الجغرافي لمشروع إسرائيلي توراتي!.
وبالتالي فأنه من الغباء أن يراهن المصريون والعراقيون على ثمة دور قد تلعبه قطر أو الإمارات أو حتى السعودية في التصدي أو الإسهام الإيجابي في قضايا المنطقة المركزية، كملف فلسطين تحديدا، ومناهضة الأطماع التركية والصهيونية، لأن هؤلاء البدلاء هم أدوات ضمن مشروع التفكيك، ولن تطالهم تداعيات التغيير وآثار اعادة رسم المنطقه جيوسياسيا. باستثناء السعوديهدة التي قد تحاول ايجاد مساحة مشتركة تقف عليها لتعصمها كنظام سياسي من العواصف القادمة!!.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news