في بلادنا اليمن، أصبح الفنان الذي يُسنَد إليه دور في مسلسل ما مقبولًا دون اعتراض من الممثل، الذي يُفترض أن يرفض الدور إن كان غير ملائم لشخصيته وقناعاته. أما المخرجون اليمنيون، فهم أيضاً ليست لديهم أدنى فكرة عن توزيع الأدوار بما يتلاءم مع إمكانيات الفنان أو طبيعة الشخصية إلا من رحم ربي، بل إنهم يوزعون الأدوار وفقاً لأسلوب فهلوي، تسوده المجاملات الشخصية غالباً.
ولو نظرنا إلى أسوأ نموذج للفهلَوة في الإخراج الدرامي اليمني، لوجدنا أن وليد العلفي يتصدر هذا النموذج بلا منافس. فهو شخص لا يرى في نفسه أي نقص، ولا يتقبل أي نقد، ويعيش الطاووسية بكل ألوانها. أعماله لا تحمل أي عنصر للإدهاش سوى أنها مجرد “تحصيل حاصل” بالنسبة لمشاهدين أغلبهم عاطفيون، وليس لديهم خبرة في التفريق بين جماليات الفن الدرامي وسلبياته.
وإذا كتب أحدٌ عن سلبيات هذا المخرج أو أي ممثل آخر، يواجه بأسطوانة مشروخة ومستهلكة: “أنت حاسد، افعل مثله!”. مثل هذا الجمهور لا يريد مناقشة الناقد حتى وإن كان على صواب، بل يتمترس دوماً خلف جهلٍ مركّب، يجعله يرفض أي رأي مخالف لما يحب.
إن المشكلة لا تكمن في فرد واحد أو حتى في مجموعة من المخرجين والممثلين، بل في ثقافة القبول بالرداءة وكأنها قدر محتوم. فالدراما اليمنية لم تفشل فقط بسبب ضعف الإمكانيات، بل بسبب غياب الطموح لتقديم عمل يليق بالمشاهد. حين يصبح كل نقد مُجَرَّماً، وكل رأي مخالف مرفوضاً، تغرق الساحة الفنية في مستنقع الركود والتكرار القاتل.
المؤسف أن هناك مواهب حقيقية يتم إقصاؤها لصالح الوجوه ذات العلاقات والنفوذ، مما يعمّق الأزمة ويكرّس نمطية الإنتاج الضعيف. الإعلام اليمني أيضاً شريك في هذه المعضلة، إذ يروّج لكل عمل درامي بغض النظر عن مستواه، وكأنه إنجاز يستحق التصفيق.
ما تحتاجه الدراما اليمنية ليس فقط مخرجين أكفاء، بل أيضاً جمهوراً أكثر وعياً، يستطيع أن يفرّق بين الفن الجيد والعمل الرديء. فبدون جمهور ناقد، ستظل الدراما مجرد مساحة للتكرار، تُنتَج فيها الأعمال بلا رؤية، ويعاد تدوير الفشل كل عام تحت عناوين مختلفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news