كتب/حافظ الشجيفي:
في عالم السينما والتلفزيون، يُعتبر الأداء الفني للممثل هو المعيار الحقيقي لنجاحه، وليس طبيعة الدور الذي يؤديه. هذه الحقيقة البسيطة تدركها جميع الأوساط الفنية، بل والشعبية ايضا حيث يتساوى الممثلون في القيمة الفنية بغض النظر عن اختلاف أدوارهم. فالمسألة تتعلق بالبراعة والقدرة على تجسيد الشخصية بشكل مقنع، وليس بنوع الدور ذاته.
وعندما نتحدث عن أدوار مثل دور المجنون أو الزعيم، او المجرم او المغفل والابله نجد أن التحدي يكمن في كيفية إتقان كل ممثل لدوره. فليس من السهل على أي فنان أن يؤدي شخصية معقدة تتطلب مهارات خاصة، مثل دور “الأبله” أو “المجرم”. ففي الواقع، قد يكون من الصعب على الكثير من الممثلين تجسيد هذه الشخصيات بشكل يترك أثرًا في المشاهدين. وهذا ما يميز الممثلين العظماء مثل إسماعيل ياسين وفريد شوقي ومحمود المليجي، الذين استطاعوا أن يجعلوا من ادوراهم الفنية في البلاهة وا لإجرام علامات فارقة في مسيرتهم الفنية.
لننظر إلى الدور الذي يقوم به الممثل ناصر العنبري في مسلسل “دروب المرجلة” الذي يُعرض حاليًا في رمضان. رغم أنني لم أشاهد العمل، إلا أنني أستطيع أن أؤكد أن أداءه لدور “المغفل” يتطلب مهارات فنية خاصة ليست متاحة لكل ممثل. إن القدرة على تجسيد شخصية تعاني من التشتت الذهني أو الغفلة ليست بالأمر الهين، بل تتطلب فهماً عميقاً للنفس البشرية وقدرة على التعبير عن مشاعر معقدة وحالة نفسية لم يختبرها الاخرين..
إن الأدوار التي قد تبدو بسيطة أو غير جديرة بالاهتمام، مثل دور المجنون أو المغفل، تحمل في طياتها قيمة فنية واجتماعية كبيرة. فهذه الشخصيات تعكس جوانب من الحياة الإنسانية وتسمح للمشاهدين بالتفكر في قضايا الهوية والجنون والمجتمع. وبالتالي، فإن الممثل الذي يجسد هذه الأدوار لا يقلل من قيمته، بل يعززها.
وهذا ما حاول الشاعر فهد بن جعموم الإشارة إليه عندما انتقد ناصر العنبري على دوره في المسلسل. لكن الانتقاد هنا قد يكون غير دقيق، لأن القيمة الفنية لا تتحدد بنوع الدور، بل بمدى البراعة والإبداع في الأداء. من المؤسف أن يتم التقليل من قيمة فنان بسبب اختياره لدور معين، خاصة عندما يكون هذا الدور يتطلب مهارات استثنائية.
في النهاية، يجب علينا أن ندرك أن الممثلين ليسوا مجرد أدوات لأداء الأدوار، بل هم فنانون يساهمون في تشكيل الثقافة والفن. فقدرتهم على تجسيد شخصيات متنوعة تعكس عمقهم الفني وتجعلهم أكثر قيمة في عالم الفن. لذا، دعونا نحتفي بجميع الممثلين، سواء كانوا يؤدون أدوار الزعماء أو المجانين،والبلهاء ونعترف بأن البراعة في الأداء هي ما يجعلهم يستحقون الاحترام والتقدير.
حافظ الشجيفي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news