لم تعد الشهرة في اليمن بحاجة إلى موهبة أو إبداع، بل يكفي أن يتقن الشخص التلاعب بالمشاعر والظهور المتكرر حتى يصبح “فناناً عظيماً”.
لقد صار النقد جريمة في نظر البعض، وكأن الفنانين في اليمن ليسوا بشراً يخطئون، بل آلهة لا تُمس!.
في ظل غياب النقد الفني للأعمال الدرامية في اليمن، أصبح كل من نال شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي يعيش وهماً مثيراً للضحك، وكأنه فوق النقد، ولا يجوز تناول تجربته، حتى وإن كانت قاصرة.
من المؤسف أن بعض الأعمال الفنية تُسوَّق وكأنها تحف إبداعية، بينما لا ترقى حتى إلى مستوى مسرحيات المدارس الابتدائية. أما فيما يخص المرأة، فالمشكلة ليست في النقد بحد ذاته، بل في وهم الكمال الذي يجعلها تراه هجوماً شخصياً بدلاً من كونه رأياً مشروعاً.
الجمهور نفسه لم يعد يبحث عن الجودة، بل عن الترفيه السريع والمثير. المحتوى الفارغ يحصد متابعين أكثر من المحتوى الهادف، وهذه معضلة حقيقية، ربما علينا إعادة تعريف النجومية بعيداً عن خوارزميات المنصات.
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الدرامية اليمنية ظهور عدد من الوجوه الجديدة، ومن بين هذه الأسماء، برزت أشواق علي، التي حققت انتشاراً سريعاً وسط تباين كبير في الآراء حول أدائها الفني ومستوى تأثيرها في المشهد الدرامي.
لا شك أن النجاح على منصات التواصل الاجتماعي أصبح معياراً جديداً للشهرة، لكن هل يكفي الانتشار وحده ليصنع فناناً حقيقياً؟ الموهبة والاحتراف هما العاملان الأساسيان في بناء اسم فني يستمر ويترك أثراً في تاريخ الدراما.
التقمص، قدرة الممثل على الدخول في أعماق الشخصية التي يؤديها، بحيث يصبح وكأنه يعيش مشاعرها وأفكارها. يتطلب ذلك دراسة الخلفية النفسية والاجتماعية للشخصية، وتقمص حالتها العاطفية والمواقف التي تمر بها.
التقمص العميق يجعل الأداء أكثر إقناعاً ويمنح الشخصية مصداقية.
الحضور، قوة جذب الممثل على المسرح أو أمام الكاميرا، وهي التي تجعل الجمهور مشدوداً إليه. لا يتعلق الحضور فقط بالكاريزما، بل أيضاً بالطاقة الداخلية التي يبثها الممثل، وطريقة تواصله مع المشهد والجمهور. الممثل ذو الحضور القوي يملأ المشهد بحضوره حتى لو كان صامتاً.
التعبير، يشمل اللغة الجسدية، تعابير الوجه، نبرة الصوت، والإيماءات التي يستخدمها الممثل لنقل مشاعر الشخصية. كلما كان التعبير صادقاً وغير مبالغ فيه، زاد تأثير الأداء.
يعتمد التعبير الفعّال على التوازن بين الإحساس الداخلي والحركة الخارجية، بحيث يتطابق الأداء مع الجو العام للمشهد.
الممثل الناجح هو من يستطيع دمج هذه العناصر الثلاثة بسلاسة ليخلق أداءً متكاملاً ومؤثراً.
كل هذا تجهله أشواق علي، ومعظم الممثلات والممثلين اليمنيين، ولا يبدو أنهم يدركون أهمية هذه الجوانب الفنية. في هذا السياق، يلاحظ أن تجربة أشواق لا تزال حديثة العهد، وربما لم تصل بعد إلى مرحلة النضج الفني التي تمكّنها من حمل لقب “نجمة الدراما اليمنية”.
هناك العديد من الأسماء التي سبقتها واستطاعت أن تضع بصمتها بجهود مستمرة دون الحاجة إلى الترويج المكثف عبر مواقع التواصل. فالدراما ليست مجرد محتوى يُستهلك سريعاً، بل هي رسالة تحمل قيماً وتعكس هوية ثقافية وفنية.
المعيار الحقيقي لنجاح أي ممثل يجب أن يكون قائماً على الأداء الفني، وليس على عدد المشاهدات أو التفاعل الجماهيري وحده.
في النهاية، المطلوب هو تحقيق توازن بين الحضور الإعلامي والجودة الفنية، بحيث يكون النجاح مبنياً على الموهبة والتطوير المستمر، وليس فقط على موجات الشهرة المؤقتة التي قد تتلاشى سريعاً مع الزمن.
شخصياً، لم أشاهد مقاطع الريلز المتكررة طوال اليوم إلا تلك التي يروج لها “المفسبكون العاطفيون” لأشواق علي. نجمة ماذا، يا جماعة؟ لا هي نجمة ولا هم يحزنون. وعلى رأي أحد الأصدقاء: “هي لا تمتلك أية مقومات جمالية أو إعلامية، كل ما لديها هو وقاحة وقوة طباع، وتفرض شخصيتها على الدور بدلاً من أن تتقمصه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news