مع الإعلان عن بدء تصوير مسلسل "قيصر"، الذي يتناول أحداثًا مستوحاة من وقائع حقيقية داخل سجن صيدنايا الشهير، انقسمت الآراء بين من يرى أن العمل يوثق الجرائم التي وقعت خلال الحقبة السابقة، ومن يعتقد أنه مجرد استغلال تجاري لمعاناة المعتقلين في واحد من أسوأ المعتقلات سمعة في العالم.
ويقدم المسلسل، الذي يمتد على مدار 30 حلقة، 10 قصص درامية، كل واحدة منها تمتد على 3 حلقات، ومستوحاة من معاناة المعتقلين في سجن صيدنايا.
وتسلط كل ثلاثية مختلفة الضوء على جانب من الظروف القاسية التي عاشها المعتقلون داخل السجن.
ويركز المسلسل على شخصية"قيصر"، المستوحاة من شخصية حقيقية لمصور عسكري انشق عن النظام السوري، وسرّب آلاف الصور التي وثقت فظائع التعذيب والقتل في السجون السورية، ما دفع الولايات المتحدة لاحقًا إلى فرض "قانون قيصر"على النظام السوري في عام 2020.
ما بين التوثيق والاستغلال
ورغم الاهتمام الكبير بالمسلسل كأول عمل درامي يتناول سجن صيدنايا، إلا أن الكثير من السوريين انتقدوا فكرة إنتاجه في هذا التوقيت، معتبرين أنه يستغل مأساة المعتقلين لتحقيق أرباح تجارية.
ويرى معارضو العمل أن الجراح التي خلفتها هذه الحقبة لم تلتئم بعد، وأن تقديمها في عمل درامي قد يكون بمثابة إعادة إحياء للألم الذي لا يزال كثير من المعتقلين السابقين وعائلاتهم يعانون منه.
كما أثارت قائمة الممثلين المشاركين في المسلسل غضبًا بين بعض الناشطين السوريين، إذ اعتبروا أن وجود ممثلين كانوا معروفين بمواقفهم المؤيدة لنظام بشار الأسد يشكل إهانة للمعتقلين السابقين الذين تعرضوا لأبشع أشكال التعذيب في هذا السجن.
ويرى المدافعون عن المسلسل أنه يمثل "محاولة جادة لتوثيق فظائع سجن صيدنايا، وإيصال الحقيقة إلى جمهور أوسع في سوريا وبقية الدول العربية من خلال الدراما، تمامًا كما فعلت العديد من الأعمال السينمائية التي تناولت قضايا مماثلة في أماكن أخرى من العالم.
لكن في المقابل، يتخوف المعارضون من أن يتم تزييف بعض الحقائق أو تجميل بعض الشخصيات بما يخدم مصالح جهات معينة.
"مسلخ بشري"
وبحسب تقارير حقوقية عدة، يعد سجن صيدنايا من أكثر السجون وحشية في العالم، حيث أطلقت عليه منظمة العفو الدولية لقب "المسلخ البشري"، نظرًا لعمليات الإعدام الجماعية والتعذيب الممنهج التي شهدها على مدار عقود.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 30 ألف معتقل لقوا حتفهم داخل السجن بين عامي 2011 و2018، نتيجة التعذيب والجوع والإعدامات الميدانية، فيما كانت بعض المحاكمات التي سبقت تنفيذ الإعدامات تستغرق "أقل من ثلاث دقائق".
قيصر.. الشاهد الذي فضح المآسي
تعود شخصية "قيصر" الحقيقية إلى فريد المذهان، وهو ضابط سابق برتبة مساعد أول في فرع الأمن العسكري بدمشق، وتمكن من تهريب 55 ألف صورة توثق التعذيب والانتهاكات داخل السجون السورية.
ولعبت الصور التي نشرها "قيصر" دورًا محوريًا في فرض عقوبات دولية على نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، حيث تبنّى الكونغرس الأميركي "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" في يونيو 2020، والذي استهدف شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السابق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news