(عدن توداي)
بقلم : اللواء ركن سعيد الحريري
في المشهد السياسي المتقلب الذي يعيشه الجنوب، قلّما نجد أصواتًا تتحدث بلغة النقد الصريح بعيدًا عن المزايدات والمصالح الشخصية. الصحفي علي منصور مقراط، في مقاله الأخير، قدم رؤية جريئة وواقعية حول عودة اللواء عيدروس الزبيدي إلى عدن، متناولًا بوضوح الأخطاء القاتلة التي يقع فيها المجلس الانتقالي، خاصة فيما يتعلق بالابتعاد عن نبض الشارع والارتهان لحلقة ضيقة من المنتفعين والمطبلين.
النقد البناء.. مسؤولية وطنية
ما قاله مقراط ليس مجرد موقف عابر، بل هو تشخيص لحالة سياسية وأمنية خطيرة، حيث بات الجنوب يعاني من تدهور اقتصادي خانق، وفساد إداري مستشرٍ، وغياب رؤية واضحة للحل. عندما يقول إن الزبيدي عاد إلى مدينة تركها وهي تعيش أسوأ أوضاعها، فهو لا يتحدث من باب الخصومة، بل من باب المسؤولية الوطنية التي تحتم على الجميع مواجهة الحقائق كما هي.
مقالات ذات صلة
المناضل الشيخ نصر بن علي اليوسفي في رحلة علاجية إلى الهند
“المنافي المريحة”
بين الأوهام والواقع
مقراط أشار إلى نقطة جوهرية وهي الرهان الخاطئ على القوة والقمع بدلًا من الحلول الجذرية. فالمدرعات والسجون، كما قال، لم ولن تكون يومًا أدوات حكم ناجحة، والتاريخ شاهد على ذلك. الجنوب اليوم بحاجة إلى قيادة تمتلك الشجاعة لمحاسبة الفاسدين داخل منظومتها أولًا، قبل أن توجه الاتهامات لأطراف أخرى.
هل تصل الرسالة؟
رسالة مقراط كانت واضحة: الناس جاعت، والفساد أصبح واقعًا لا يمكن إنكاره، وإذا لم يكن هناك تغيير حقيقي، فإن الانتقالي قد يجد نفسه في عزلة سياسية وشعبية خطيرة.
أما إذا كانت القيادة تريد فقط الحفاظ على مصالح المنتفعين والمطبلين، فلا داعي لأي وعود زائفة أو محاولات لإقناع الناس بشيء لم يعد يُصدّق. فالشعب، مهما صبر، لن يسكت طويلاً، وسيكنس من طريقه كل من أوصله إلى هذا الوضع المزري، لأن الأوطان لا تُبنى على الفساد والقمع، بل على العدل والإنصاف.
يبقى السؤال الآن: هل يسمع الزبيدي هذه الأصوات الصادقة؟ أم أن الحلقة الضيقة من المستفيدين ستواصل خداعه حتى تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة؟
ما قاله مقراط هو تحذير مبكر، لا شماتة ولا عداوة، وعلى قيادة المجلس الانتقالي أن تأخذه بجدية، إن أرادت فعلاً الحفاظ على ما تبقى من ثقة الناس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news