“بران برس” يستطلع ميدانيًا معاناة المواطنين جراء ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية (تقرير)
أعد التقرير لـ"بران برس" - ضيف الله الصوفي:
في شوارع مدينة تعز المزدحمة، يكافح المواطن إبراهيم محمد (45 عامًا)، لإعالة أسرته. يقود عربة نقل صغيرة باحثًا عن أي فرصة عمل. ينتظر لساعات طويلة أمام محلات بيع المفروشات على أمل أن يحالفه الحظ ويأتي زبون ليقوم بتوصيل مشترياته مقابل أجرٍ بسيط بالكاد يكفي لشراء حاجيات أسرته الأساسية.
مع الحرب والحصار الذي تعيشه المدينة منذ 10 سنوات، يجد “إبراهيم”، فرص العيش تضيق أمامه يومًا بعد آخر. قال لـ“بران برس”، إن الدخل البسيط الذي يحصل عليه حاليًا لم يعد كافيًا لتأمين قوت أطفاله، ناهيك عن متطلبات الحياة المدرسية والعلاج وأجور السكن.
وأضاف: “قبل العام 2020، كنت أشتغل يوميًا، وما أحصل عليه يكفي لشراء احتياجات المنزل، وسداد الإيجار، لكن الحال تغير مع الانهيار المتواصل للعملة، والتصاعد الجنوني لأسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.
وعن الوضع الحالي، قال إنه “لا يطاق.. المواطن يعيش وسط خوف وقلق من قادم الأيام”. وأضاف بحسرة: “مهما نكافح ونشتغل إلا أن غلاء المعيشة والالتزامات اليومية الكثيرة تشعرنا أن هذا البلد غير صالح للعيش”.
تراجع المساعدات
إلى جانب تعاظم الأزمة المعيشة للمواطنين في عموم المناطق المحررة، مع استمرار انهيار العملة المحلية، وغياب الإجراءات الرسمية للسيطرة على السوق المحلي، يشتكي السكّان من تراجع التدخلات الإغاثية والإنسانية.
المواطن سعيد علي، قال لـ“بران برس” إنه يعيش منذ أشهر ظروفًا صعبة مع عجزه عن توفير أبسط الاحتياجات لأسرته مع تردي الأوضاع الاقتصادية والارتفاع الجنوني للأسعار، وفي ظل قلة فرص العمل داخل مدينة تعز المحاصرة.
وفوق هذا، قال إنه تفاجأ باستبعاد اسمه من قائمة المستفيدين من مساعدات برنامج الغذاء العالمي، تحت مبرر أنه موظف حكومي، فيما الواقع “لستُ موظفًا ولا أمتلك راتب من الدولة، وعلينا التزامات إيجارات السكن ورسوم مدارس الأطفال”.
ورغم أن المساعدات كانت تأتي بشكل متقطع وأحيانًا يتأخر موعد صرفها لأشهر عدة، إلا أنها شكلت رافدًا لآلاف الأسر داخل مدينة تعز، وفق سعيد.
ارتفاع متزايد للأسعار
من خلال جولة ميدانية نفذها معد التقرير إلى أسواق تعز، ومنها السوق المركزي (وسط المدينة)، وجد ارتفاعاً كبيرًا في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية وضعفًا كبيرًا في القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق.
في حديثه لـ“بران برس”، قال مصطفى أحمد: “سنويًا في مثل هذه الأيام التي تسبق الشهر الكريم اعتدنا أن نخرج لشراء احتياجاتنا لرمضان وعيد الفطر، لكن وضعنا اليوم أصبح مختلف ولا نقدر على توفير أي شيء". مضيفًا أن “قدوم شهر رمضان هذا العام يشكل كابوسًا لدى مئات الأسر في محافظة تعز”.
وعن غلاء الأسعار، قال: “يتحجج بعض التجار والباعة بزيادة سعر الصرف مقابل العملة السعودي، ويضاعفون أسعار المواد الغذائية الضرورية.. كل يوم نصحى على سعر جديد لنفس السلعة”. متهمًا التجار باستغلال الوضع في ظل غياب الرقابة من قبل السلطات المعنية.
وأضاف أن “سعر البيضة الواحدة بـ 300 ريال، والزبادي وصل سعره إلى 700 ريال يمني. الارتفاع الحاصل في أسعار السلع جنوني، والمواطن لا يتحمل أكثر من ذلك.. موجة الغلاء الحالية ترهق كاهل المواطن البسيط”.
وفي حديثها لمعد التقرير أثناء الجولة الميدانية، قالت “أم خالد”، وهي ربة منزل، إن “المواد الغذائية الضرورية أصبحنا نشتريها بكميات أقل من السابق؛ بسبب ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق. موضحة أن “قيمة الكيس الدقيق وصل إلى 55 ألف ريال، وهذا شيء كارثي”.
واستغربت عدم تدخل الحكومة رغم تصاعد موجات الغلاء كل يوم، ورغم الاحتجاجات المستمرة والمناشدات من قبل المواطنين في الشوارع والأسواق.
واختتمت حديثها قائلة: “نعيش أزمة منذ بداية الحرب، لكن الآن نحن في ظل كارثة حقيقية، كل الاحتياجات المنزلية ارتفع سعرها، ورواتب الموظف لا يكفي، والإغاثة شبه متوقفة.. لا نعلم إلى أين سيأخذنا هذا الوضع”.
ضعف إقبال
أرجع الكثير من التجار الارتفاع في أسعار السلع إلى تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، حيث وصل سعر الدولار في المناطق المحررة إلى حوالي 2334 ريال، وسعر الريال السعودي إلى 612 ريال يمني.
وفي حين يحمّل المواطنون التجار جزءً من مسؤولية الارتفاع المستمر في الأسعار والإضرار بحياتهم ومعيشتهم، اشتكي التجار الذين قابلهم معد التقرير من تحديات كبيرة يواجهونها نتيجة انهيار العملة المحلية.
التاجر أحمد الدبعي، قال لـ“بران برس”: “نواجه صعوبة في توفير البضائع بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد وتذبذب أسعار الصرف، وهذا يجبرنا على رفع أسعار السلع الغذائية”.
وأوضح التاجر الدبعي، أن رفع الأسعار يؤدي إلى “ضعف إقبال الزبائن ويؤثر على أرباحنا”.
دور حكومي غائب
بقدر ما تحدث المواطنون الذين قابلناهم عن الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يقاسونها يوميًا، تساءلوا عن الدور الحكومي والجهات المعنية في حمايتهم من هذا الغلاء المتصاعد، وتخفيف معاناتهم المتفاقمة.
وعبّروا عن استغرابهم لعدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات فعّالة للسيطرة على السوق، ووقف تذبذب الصرف وتدهور العملة المحلية، محمّلين الحكومة مسؤولية المعاناة التي يعيشها ملايين اليمنيين.
وتخوّف كثيرون من أن استمرار الوضع دون وضع معالجات أو إجراءات عاجلة من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها، والمجتمع الدولي، قد يؤدي إلى تفاقم المعاناة ويهدد بكارثة إنسانية لم تشهدها البلاد من قبل.
غلاء الأسعار
الوضع المعيشي
الاقتصاد اليمني
تعز
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news