يمن الغد – تقرير
استمر الانقلابيون الحوثيون في إخضاع النساء والفتيات بمن فيهن التربويات في العاصمة المختطفة صنعاء لدورات تعبوية وعسكرية، تحت إشراف الجهاز النسائي الأمني والعسكري المعروف باسم «الزينبيات»، ضمن حملات استقطاب وتجنيد واسعة تستهدف كل شرائح المجتمع في مناطق سيطرة الجماعة.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن الجماعة الحوثية أطلقت منذ أسابيع قليلة حملة استقطاب وتجنيد جديدة شملت عشرات الفتيات من مختلف الأعمار، تم جمعهن من أحياء متفرقة وعلى مستوى المدارس الحكومية لإلحاقهن بالتشكيل العسكري النسائي التابع لها.
ودفعت الجماعة -وفق المصادر- بنحو 75 فتاة، في مرحلة أولى، في مديريات صنعاء القديمة والتحرير والسبعين لتلقي تدريبات مكثفة على استخدام السلاح وبعض فنون القتال والمهارات اللازمة للقيام بمهمات عسكرية.
واستبق الانقلابيون عملية التعبئة العسكرية بإخضاع المستهدفات لتلقي دروس ذات منحى طائفي استمرت نحو 10 أيام.
وتحدثت المصادر في صنعاء عن قيام مشرفات «زينبيات» بتحريض المشاركات على اتخاذ جميع ما يلزم من الأدوات والوسائل، من بينها القمع والترهيب والاعتقال للنساء الرافضات لمشروع الجماعة وفكرها الطائفي.
وتنوي الجماعة بنهاية الدورات -وفق المصادر- تخريج دُفعات جديدة من المجندات للالتحاق بالتشكيل العسكري النسائي التابع لها، والذي من مهامه: قمع النساء والفتيات المناوئات، والتجسس عليهن، ومداهمة المنازل، وتنفيذ أعمال انتقامية أخرى.
تعبئة التربويات:
اشتكت تربويات في صنعاء، شاركن ببرامج ودورات حوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزام قياديات في الجماعة لهن بالحضور لتلقي دروس تروِّج لأفكار الجماعة يعقبها الالتحاق بتدريبات قتالية.
جاء ذلك الاستهداف للشريحة اليمنية الأكثر ضعفاً استجابةً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وتحت إشراف ومتابعة من القيادي خالد المداني، المشرف المباشر على العاصمة المختطفة صنعاء والمُعيّن في منصب وكيل أول العاصمة وبتمويل ممَّا تسمى هيئة «الزكاة والأوقاف» الحوثية.
وأفادت مصادر تربوية بأن الجماعة الحوثية ألزمت 40 معلمة في صنعاء بالمشاركة عبر مجموعات تضم منتسبات المدارس في كل مديرية في العاصمة ومحيطها في دورات تحت مسمى «ثقافية مهنية» تستمر لنحو شهر.
وقوبل النهج الانقلابي بحالة من السخط في أوساط التربويات اللاتي شاركن على مضض في تلك الدورات، حيث أوضحن أنها لا تخدم حقوق المرأة اليمنية ولا العملية التعليمية.
وتواصل الجماعة الانقلابية إحكام قبضتها على صنعاء ومدن أخرى، ببث أفكارها ذات المنحى الطائفي، وخطابات الكراهية، وثقافة العنف والقتل والكراهية، بين أوساط اليمنيين بمختلف شرائحهم، خصوصاً النساء والفتيات والأطفال، في محاولة منها لإقناع أكبر عدد منهم بمشروعها الانقلابي.
تجسس وابتزاز:
اتهم تقرير حديث، أصدره مركز متابعة الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن، الحوثيين باستخدام جهاز استخبارات الشرطة الذي استحدثته الجماعة أخيراً في إدارة عمليات الابتزاز والجريمة المنظمة لإحكام القبضة على المجتمع من خلال تجنيد السكان للتجسس على بعضهم البعض.
ويذكر التقرير، الذي يحمل عنوان «الإرهاب وقمع المجتمع»، أن الجماعة تستخدم أساليب قمعية ممنهجة لتوسيع سيطرتها، وبيّن أن تأسيس جهاز استخبارات الشرطة، والذي يقوده حالياً علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، يعود في الأساس إلى مدير المباحث الجنائية السابق سلطان زابن المدرج على قائمة العقوبات الدولية، ومدير إدارة الحرب الناعمة في وزارة الداخلية الحوثية فضل ستين.
وبحسب معدي التقرير، فإن هذا الجهاز الاستخباراتي يكرّس السيطرة والاختراق المجتمعي، حيث انتهجت الجماعة الحوثية منذ اجتياحها صنعاء سياسة مدروسة لاختراق المجتمع من خلال التوسع في تجنيد عملاء داخل الأحياء السكنية والتجمعات، بمن فيهم مسؤولو الحارات والمؤثرون الاجتماعيون، وتحويل هؤلاء إلى شبكة استخباراتية واسعة تخدم أهدافها.
وطبقاً لما أورده التقرير، فإن وزير داخلية الجماعة عبد الكريم الحوثي استحدث في عام 2019 هذا الجهاز تحت مسمى «الشرطة المجتمعية»، وأوكلت إليه مهمة جمع المعلومات، وتقديم تقارير مستمرة حول تحركات الأفراد في الأحياء والمنازل والتجمعات، معتمداً على عناصر مدنية مجندة.
ووصف هذا الجهاز القمعي بأنه يشكل تهديداً خطيراً على النسيج الاجتماعي، إذ يعمل على تدمير الثقة بين الأفراد داخل المجتمع من خلال تجنيدهم للتجسس على بعضهم البعض، إلى جانب تكريس الفساد، والابتزاز، وانتهاك الخصوصية.
استغلال وتجنيد:
يذكر التقرير أن الجماعة الحوثية اتبعت أساليب ممنهجة في استغلال الفئات المختلفة داخل المجتمع، بمن في ذلك الإعلاميون والسياسيون والنشطاء والمؤثرون الاجتماعيون، عبر وسائل متعددة، من ضمنها استغلال النساء في عمليات الابتزاز. وعُدّت وفاة سلطان زابن في ظروف غامضة ضربة قاصمة لهذا الجهاز، لأنه لعب دوراً محورياً في تأسيس التشكيل المخابراتي النسائي المعروف باسم «الزينبيات»، والذي استخدم في عمليات القمع، والاستدراج، والتجسس لصالح الجماعة.
وبعد مقتل زابن، يذكر معدو التقرير أن الجماعة واجهت فراغاً في إدارة هذا الملف الحساس، مما دفعها إلى تكليف فضل ستين، المعروف بـ«أبو محفوظ»، بقيادة هذا الجهاز الذي يضم عناصر عقائدية متشددة تنفذ أوامر الجماعة دون تردد، ولو على حساب «أعراض وحقوق الآخرين»، وتحت مسمى «إدارة الحرب الناعمة»، وهي الأداة التي تستخدم لترهيب المجتمع.
ووفق ما أورده التقرير، فإن القيادي فضل ستين من مواليد عام 1985 في مديرية مجز بمحافظة صعدة، وعمل عقب الانقلاب في منصب نائب المفتش العام في وزارة الداخلية، ورفض بعد ذلك عرضاً لتولي منصب خارجي، وفضّل العمل في الداخل، إذ عرفت عنه الطاعة المطلقة لقادته بأي وسيلة، واستعداده لتنفيذ أوامرهم مهما كانت.
وأفاد التقرير بأن ستين عمل لمدة سنتين على إعداد فريق متكامل يتألف من عناصر متخصصة في المتابعة، والتحقيق، والتنفيذ، بالإضافة إلى فرق نسائية، وعناصر مذهبية شديدة الولاء لقيادة الجماعة، ويقع مقرها في شارع المطار، بالقرب من منزله في حي الجراف بجوار جامع «الحشوش». ويشرف على قوة المداهمات القيادي الحوثي علي مداعس، بينما تتولى القيادية ابتسام المحطوري الإشراف على الفريق النسائي.
وطبقاً لما جاء في التقرير، تعمل هذه الإدارة على مراقبة وملاحقة ما تسمى بـ«الحرب الناعمة»، عبر ابتزاز المستهدفين، وتجنيدهم قسراً.
خطر مجتمعي:
نبّه معدو التقرير إلى أن وجود هذا الجهاز يشكل تهديداً خطيراً على المجتمع اليمني، حيث يعمل على تجنيد الأشخاص للتجسس على جيرانهم، وأفراد أسرهم، مستغلاً الظروف الاقتصادية التي يعيشها السكان في تلك المناطق نتيجة الحرب وقطع المرتبات منذ ثمانية أعوام.
وحذر معدو التقرير من استغلال المسؤولين والمتطوعين في الجهاز الأمني مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية، مثل الابتزاز، والمحسوبية، وملاحقة خصومهم، كما يمكنهم التلاعب بعمليات جمع ومراقبة المعلومات والبيانات لخدمة مصالحهم الخاصة، إلى جانب الاعتقالات التعسفية والمضايقات، واستهداف الأفراد بسبب انتماءاتهم السياسية أو الطائفية، مما سيشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووفق ما خلص إليه التقرير، فإن الجهاز يقوم بجمع بيانات شخصية حساسة عن الأفراد قد تُستخدم لأغراض قمعية، وهذا يشكل خطراً كبيراً على سلامة الأفراد، وحرياتهم، كما حدث في حملات الاعتقالات الأخيرة التي استهدفت الناشطين، والصحافيين، وحتى الشخصيات الاجتماعية لمجرد الاشتباه في أنها تخطط للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news