في ظل الصراع المدني المستمر منذ فترة طويلة، يواجه العاملون في مجال المساعدات الإنسانية في اليمن مخاطر متزايدة تهدد سلامتهم الشخصية وسلامة عملياتهم. ويأتي هذا الاتجاه المقلق في الوقت الذي كثفت فيه السلطات الحوثية جهودها لاحتجاز الموظفين من مختلف المنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية.
مداهمات واعتقالات غامضة
وقد سلطت حادثة وقعت مؤخراً الضوء على الاضطرابات التي يواجهها العاملون في مجال الإغاثة. فعندما وصلت هناء، وهي موظفة في منظمة غير حكومية ممولة من الولايات المتحدة، إلى مكان عملها، وجدت دماراً ـ فقد تضررت الأدراج والأبواب، وحاصرت قوات الأمن رؤساءها. وأدت المداهمة إلى مصادرة أجهزة كمبيوتر وهواتف ووثائق بالغة الأهمية، مما أسفر عن اعتقال مدير المنظمة غير الحكومية وتجميد الحساب المصرفي للمنظمة لاحقاً.
سياق الأزمة الإنسانية
لقد تصاعد الصراع الدائر في اليمن، والذي مضى عليه الآن أكثر من عقد من الزمان، إلى واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدة في العالم. ومع احتياج ما يقرب من نصف سكان اليمن إلى المساعدة، فإن هذه الحملة القمعية ضد عمال الإغاثة تهدد بتفاقم محنة أولئك الذين يعتمدون على مثل هذه الخدمات.
التأثير على العمليات
إن الوضع خطير للغاية، حيث تم اعتقال 24 موظفاً من الأمم المتحدة وموظفين من منظمات غير حكومية محلية ودولية مختلفة مؤخراً. وقد أدت هذه الموجة من الاعتقالات، وخاصة وفاة موظف من برنامج الغذاء العالمي أثناء احتجازه، إلى غرس شعور واسع النطاق بالخوف بين العاملين في المجال الإنساني.
ونتيجة لذلك، تعمل العديد من المنظمات على تقليص بصماتها التشغيلية، الأمر الذي يشكل خطراً جسيماً على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات من أجل البقاء. وكما أشارت هناء، فإن القيود المتزايدة المفروضة على حركة العاملين في المجال الإنساني قد تؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الدعم المقدم للمجتمعات المتضررة.
الخوف والحكايات
ومع انتشار الخوف بين صفوف العاملين في المجال الإنساني، شعر كثيرون مثل هناء بالحاجة إلى الفرار من منازلهم لحماية حياتهم. وفي أعقاب اعتقال زملائها، روت هناء كيف شعرت بالصدمة؛ حيث قالت: “لم أتمكن من تناول الطعام لمدة ثلاثة أيام، ولم أتمكن من النوم. ولم أتمكن من التوقف عن البكاء”. ويعكس هذا الشعور القلق المتزايد بين العاملين في قطاع المنظمات غير الحكومية وسط التدقيق الحكومي القمعي.
التصور العام وسوء الفهم
أعربت هناء عن صدمتها عندما أدركت أن العديد من أفراد الجمهور ينظرون إلى العاملين في مجال الإغاثة باعتبارهم جواسيس محتملين. وقالت: “عندما بحثت في وسائل التواصل الاجتماعي، كان من المروع أن أجد أن الناس ينظرون إلينا كجواسيس”. ويعكس هذا تحولاً ضارًا في التصور العام حيث يواجه العاملون في مجال الإغاثة اتهامات متزايدة بدلاً من التقدير.
المخاوف القانونية والمؤسسية
ويعرب المحامون الذين يمثلون الأفراد المعتقلين عن مخاوفهم إزاء الافتقار إلى التواصل والشفافية فيما يتعلق بمحنة موكليهم. وقال عبد العزيز، وهو محامي العديد من المعتقلين: “خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الاحتجاز، لم يتواصل موكلي مع أي شخص”. وتعمل مثل هذه الظروف على تضخيم المخاوف بشأن الحقوق القانونية والسلامة الجسدية للمعتقلين.
عواقب تغير السياسات
وبالإضافة إلى الإجراءات الانتقامية من جانب الحوثيين، فإن التغييرات السياسية الأوسع نطاقا، بما في ذلك التحولات في سياسة المساعدات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، أدت إلى تعطيل تسليم المساعدات الإنسانية بشكل خطير. وقد أثار تجميد الأموال تحذيرات من منظمات مثل هيومن رايتس ووتش، مشيرة إلى أن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى عواقب مدمرة على السكان في اليمن.
نداء للعمل
وأدانت الأمم المتحدة طريقة تعامل السلطات الحوثية مع عمال الإغاثة، مؤكدة أن هذه الاعتقالات تهدد قدرة المنظمات على توزيع المساعدات بشكل فعال. ويلقى النداء العاجل للإفراج عن العاملين في المجال الإنساني المعتقلين صدى عميقا لدى الأسر التي أصبحت معرضة للخطر بسبب الصراع المستمر.
اليوم، يسعى العاملون في المجال الإنساني مثل هناء إلى تحسين حياة الناس على الرغم من العقبات الهائلة، بما في ذلك الوصمة الاجتماعية، والخوف من العنف، والقدرة التشغيلية المتناقصة. ويراقب العالم اليمن وهو يواجه منعطفًا حرجًا في الدعم الإنساني خلال واحدة من أشد الأزمات حدة في الذاكرة الحية.
تم تغيير أسماء هناء وعبد العزيز لأسباب أمنية.
المصدر: جلوبال هيرالد
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news