اليمن دولة عربية يبلغ عدد سكانها أكثر من 35 مليون نسمة، وبمساحة تزيد عن نصف مليون كيلو متر مربع، وتعتبر من أفقر الدول في العالم على الرغم من الموارد الطبيعية التي تحتويها، والثقافة المتنوعة والمختلفة عن جميع ثقافات المنطقة، وخصوصا في الجانب التاريخي منه والأسطوري والعادات والتقاليد التي تعتبر ثروة ثقافية مهمة يمكن استثمارها لتصبح من أهم الموارد الاقتصادية في البلد.
وقد دخلت اليمن في وقت سابق مرحلة البناء التشريعي الجديد الذي يتوافق مع طبيعة مرحلة ثورة 2011م لتتم صياغة مجموعة من السياسات الثقافية ضمن الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني، والدستور لتتضمن مواد خاصة بالسينما، والمسرح، والإعلام، والإبداع الفكري، وحقوق الملكية الفكرية، ومكتبات الطفل، والإنتاج الفني، والاهتمام بالتراث الشفهي، والمكتوب، والآثار، والتطور المتحفي، والسياحة الثقافية، والصناعات الإبداعية.
ويعيب اليمن من ناحية الثقافة والسياسات الثقافية عدم الاهتمام بالتراث أو بالمنتج الثقافي أو بالتمويل الثقافي التي وصلت في آخر السنوات إلى أدنى مستوى لها في التاريخ، وأيضا على مستوى العالم بنسبة لا تزيد عن 0001. % من الموازنة البالغة 13 مليار دولار.
وقد تم دعم وزارة الثقافة ب 937 مليون ريال وهو ما يزيد قليلا عن ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار، ولا تزيد موازنة الثقافة عن 5 % من موازنة مصلحة شئون القبائل، والتي تعطى موازناتها لشيوخ القبائل لضمان طاعتهم للسلطة المركزية، وممارسة التجهيل، والاحتفاظ بالممارسات الثقافية السلبية في المجتمع القبلي، وإرغام القرويين على انتخاب الحكومات وطاعتها.
وقد تضررت اليمن من أحداث 2014م ودخول الحوثيين العاصمة صنعاء وهم المعروفين بكراهيتهم للثقافة والإحساس الشديد بالمؤامرة الكونية عليهم مما استدعى معاداة المنظمات الدولية العاملة في اليمن وهروبها خارج اليمن ليصبح التعاون الثقافي الدولي في أدنى مستوى له في تاريخ اليمن المعاصر.
ومن ناحية أخرى واجه القطاع المستقل في اليمن الكثير من المشاكل المترتبة عن الصراع بحيث تم إغلاق عدد من القنوات وهروب الآخرون للبث من خارج اليمن بالإضافة إلى إغلاق مقرات الصحف ومجموعة من مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والتنموية والثقافية، واعتقال النشطاء الحقوقيين والصحفيين والمثقفين ومن ضمنهم كتاب قصة وشعراء وروائيين ليصبح القطاع المستقل إما كامنا لحين التوصل إلى اتفاق سياسي يضمن رفع مستوى الحرية، أو مغلق، أو مدجن ومرغم على ترويج الطبقية، والمذهبية.
وبسبب من الحرب والصراع الدائر في اليمن أصبحت حرية التعبير في مأزق شديد مع تدني مستوى أداء وإيمان المؤسسات الحكومية بحرية التعبير، وخضوعها للسلطات الدينية والقبلية مع ارتفاع سقفها أو انخفاضه بحسب الجماعة المسيطرة على منطقة من المناطق اليمنية فالقاعدة في الجنوب تبدو أكثر عدائية من الحوثيين في الشمال تجاه حرية التعبير.
ومع ذلك فهناك الدعم الحكومي من قبل صناديق تدعم الجانب الثقافي وهي من مخلفات النظام السابق الجيدة والتي على الرغم من وقوعها في الفساد طوال مدة عملها كصندوق التراث، وصندوق النشء والشباب، وصندوق تنمية المهارات، والتي تقدم بناء القدرات والتمويلات لبعض الفعاليات الثقافية الشبابية أو الحكومية ولكن هذا لم يكن داعما بشكل كبير للتعليم الفني أو الثقافي.
ومن ناحية أخرى تختفي التخصصات الثقافية في التعليم الأساسي والجامعي مع ندرة كليات الفنون في اليمن، وقد غطت مؤسسات المجتمع المدني بعض القصور برغم بدائيتها هي نفسها في العمل الثقافي وافتقادها للخبرة في الإدارة الثقافية واجتذاب التمويل الثقافي لكي تمارس تأثير ثقافي إيجابي حقيقي ومتطور ومما يؤسف له أن البيوت الثقافية في اليمن كالعفيف والنعمان وعائلة هائل سعيد أنعم إما قل نشاطها كمؤسسة العفيف الثقافية أو توقفت كمؤسسة النعمان الثقافية أو تدمرت في الحرب كمؤسسة السعيد الثقافية في تعز فالثقافة في اليمن حاليا تمر بفترة عصيبة نتيجة الصراع في اليمن من جانب والعدوان على اليمن من جانب آخر، ويجب العمل بشكل جاد على دعم الثقافة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها، وأن تصبح الثقافة أحد التوجهات الرئيسية في العمل الإنساني في اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news