تحليل : حل الدولتين في اليمن كضرورة استراتيجية

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 70 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تحليل : حل الدولتين في اليمن كضرورة استراتيجية

تحليل : د. عبدالجليل شايف الشعيبي

المقدمة: استجابة استراتيجية للتوسع الحوثي

تطوّر الصراع في اليمن ليصبح مواجهة طويلة الأمد تهدد استقرار اليمن، بل وتمتد آثارها إلى الأمن الإقليمي والدولي. فقد عزز الحوثيون، كميليشيا مدعومة من إيران، سيطرتهم على شمال اليمن مستغلين القوة العسكرية، والسيطرة الأيديولوجية، والتحالفات الإقليمية لتوسيع نفوذهم. وعلى الرغم من المحاولات الدبلوماسية المتعددة، بما في ذلك جهود الأمم المتحدة للسلام، لم يُبدِ الحوثيون استعدادًا حقيقيًا للدخول في مفاوضات جادة، بل استغلوا فترات الهدنة لإعادة تجميع قواتهم وتعزيز قدراتهم العسكرية.

ونظرًا إلى الفشل المستمر للدولة اليمنية الموحدة والتوسع الحوثي غير المقيد، يبرز حل الدولتين كخيار قابل للتطبيق، إذ يتيح لجنوب اليمن التطور بشكل مستقل، ويوفر حاجزًا استراتيجيًا يمنع المزيد من النفوذ الإيراني. ولا يُعدّ هذا الحل مجرد عودة إلى حقبة ما قبل عام 1990، بل هو إعادة تكيّف ضرورية مع الواقع السياسي الذي يعكس فشل الوحدة القسرية، وضرورة تحقيق الاستقرار الإقليمي.

المبررات الاستراتيجية لحل الدولتين

1. مواجهة التوسع الحوثي والنفوذ الإيراني

أتاحت سيطرة الحوثيين على شمال اليمن لإيران توسيع شبكتها من الوكلاء، حيث استخدمت اليمن كقاعدة لانطلاق الهجمات ضد السعودية والإمارات والممرات البحرية في البحر الأحمر. ومن شأن جنوب اليمن المستقل والمدعوم جيدًا أن يشكل توازنًا حاسمًا ضد هذا النفوذ، مما يجعله حاجزًا إقليميًا أمام الطموحات الإيرانية.

ويمكن لدولة جنوبية مستقرة ومعترف بها دوليًا، بدعم من حلفائها الخليجيين، أن تقلّص العمق الاستراتيجي للحوثيين، وتحدّ من وصولهم إلى المناطق الساحلية، مما يضعف نفوذهم الاقتصادي، ويفرض عليهم ضغوطًا دبلوماسية وعسكرية تدفعهم إلى مفاوضات حقيقية.

2. تعزيز الأمن الإقليمي والدولي

استهدف الحوثيون مرارًا الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر، مما يشكل تهديدًا للتجارة العالمية وسلاسل إمدادات الطاقة. وتؤكد هذه الهجمات، التي تشمل استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة ضد السفن التجارية، على الحاجة الاستراتيجية إلى جنوب يمني مستقر مناهض للحوثيين، قادر على تأمين هذه الممرات البحرية الحيوية.

وضمان بقاء عدن والمكلا والموانئ الجنوبية الأخرى تحت سيطرة حكومة مستقرة، من شأنه أن يخفف من المخاطر التي يشكلها شمال يمني تسيطر عليه إيران، مما يطمئن المستثمرين والشركاء الدوليين حول أمن التجارة والنقل البحري عبر مضيق باب المندب.

3. التنمية الاقتصادية كأداة للاستقرار

سيسمح نموذج الدولتين لجنوب اليمن بوضع سياسات اقتصادية مستقلة، وجذب الاستثمارات، وإحياء التجارة، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. وسيُبرز التباين بين جنوب يمني مستقر ومتطور، وشمال يمني يعاني تحت سيطرة الحوثيين، مدى فشل سياسات الجماعة ويقوّض شرعيتهم أمام سكان الشمال أنفسهم.

وفي ظل إدارة حكومية جيدة، يمكن لجنوب اليمن أن يصبح مركزًا اقتصاديًا، مستفيدًا من موارده الطبيعية، وإمكاناته السياحية، وموقعه الاستراتيجي على طرق التجارة. كما أن دول الخليج، لا سيما الإمارات والسعودية، التي استثمرت بالفعل في الجنوب، ستواصل تعزيز دعمها لضمان نجاح الدولة الجنوبية المستقلة.

4. تحسين الأوضاع الإنسانية

عانت المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من أزمات إنسانية حادة، تفاقمت بسبب تلاعب الجماعة بالمساعدات الإنسانية، وتجنيد الأطفال، ومواصلة العمليات العدائية. وسيمكّن قيام جنوب يمني مستقر منظمات الإغاثة الدولية من العمل بحرية، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بدلاً من استخدامها في تمويل آلة الحرب الحوثية.

كما أن وجود دولة جنوبية ذات حوكمة جيدة سيمكنها من تنفيذ خطط إعادة إعمار طويلة الأمد، تشمل إعادة بناء البنية التحتية، وتحسين خدمات الصحة والتعليم التي دمرتها سنوات الصراع.

التحديات التي تواجه تنفيذ حل الدولتين

رغم وجاهة حل الدولتين، فإن تنفيذه يتطلب التغلب على عدة تحديات:

وحدة الصف الجنوبي: يعد المجلس الانتقالي الجنوبي قوة سياسية رئيسية، لكنه لا يمثل كل الفصائل الجنوبية. لذا، لا بد من مواصلة العمل على بناء تحالف واسع يضمن استقرار الحكم على المدى الطويل.

الاعتراف الدولي: يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، تجاوز الرؤية القديمة ليمن موحد، والاعتراف بأن الوحدة فشلت، وأن الحل الوحيد القابل للتطبيق هو قيام جنوب يمني مستقل.

إطار أمني واضح: ينبغي وضع ترتيبات أمنية وحدودية واضحة لمنع نشوب أي صراع مستقبلي بين شمال وجنوب اليمن.

توزيع الموارد الاقتصادية: ستكون هناك حاجة إلى مفاوضات لضمان توزيع عادل للموارد، بما يتيح للدولتين تحقيق الاكتفاء الاقتصادي.

الخاتمة: إعادة تكيّف ضرورية لتحقيق سلام دائم

إن التهديد الحوثي ليس مجرد مشكلة يمنية، بل هو أزمة إقليمية ودولية تتطلب استجابة استراتيجية جريئة. وحل الدولتين ليس فقط مبررًا من الناحية التاريخية، بل هو ضرورة استراتيجية للحد من النفوذ الإيراني، وضمان استقرار البحر الأحمر، وإرساء هياكل حكم قابلة للحياة في اليمن.

وبدلاً من التمسك بالرؤية الفاشلة للوحدة اليمنية، يجب على المجتمع الدولي الاعتراف بالواقع على الأرض، ودعم قيام جنوب يمني مستقل. فهذا النهج يوفر مسارًا لتحقيق السلام المستدام، والانتعاش الاقتصادي، والاستقرار الإقليمي، مما يشكل توازنًا قويًا في مواجهة الهيمنة الحوثية.

ومن خلال تبنّي هذا الحل، سيتمكن اليمنيون من التطلع إلى مستقبل خالٍ من حكم الميليشيات والتدخلات الخارجية، بما يمهد الطريق للاستقرار والازدهار الدائمين.

د. عبد الجليل شائف: بوابة جنوب اليمن إلى العالم

11 فبراير 2025


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : حقيقة اغتيال مدير البنك المركزي "تفاصيل أولية"

جهينة يمن | 871 قراءة 

في تطور مفاجئ .. القوى العظمى تتفق على إنهاء دور الحوثيين واختيار شخصيات جديدة لقيادة اليمن

وطن الغد | 782 قراءة 

مصادر عسكرية تفجر مفاجأة وتكشف سبب اعلان رئيس هيئة الاركان "بن عزيز" جاهزية الجيش اليمني للحسم العسكري ضد الحوثيين

جهينة يمن | 529 قراءة 

عاجل : الملك سلمان يفاجئ الجميع ويتخذ قرارات تاريخية "النص"

جهينة يمن | 461 قراءة 

اول صورة لمرتكب جريمة سوق القات بعد اصابته باشتباكات مع الامن(صورة)

المرصد برس | 434 قراءة 

عاجل:مقتل المسلح الذي ارتكب جريمة سوق القات

كريتر سكاي | 417 قراءة 

تزامنا مع اعتزام واشنطن مهاجمة الحوثيين.. وزير الدفاع السعودي يصل أمريكا

بوابتي | 411 قراءة 

اشتباكات دامية جنوبي اليمن ومقتل وإصابة 5 أشخاص (أسماء)

المشهد اليمني | 342 قراءة 

عاجل: أنباء عن تعيين هؤلاء سفراء في سوريا وقطر وتركيا(تعرف عليهم)

جهينة يمن | 289 قراءة 

الزُبيدي يضرب بيد من حديد لإنهاء أزمة الكهرباء في عدن (أهم الدلالات)

المرصد برس | 253 قراءة