اليمن للجميع

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 112 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
اليمن للجميع

– سام الغُباري

كانت الشوارع تكتظ بالهتافات، والصور تعلو الأكتاف، وجوه غاضبة، لربها طالبة، وأخرى حائرة، لسعيها مترددة، أصوات تتداخل بين الحنين والخذلان، والحلم الذي كان، والواقع الذي أطبق على الأرواح مثل كماشة صدئة.

في تلك الساحات – ساحات فبراير -، خرجوا يبحثون عني، يهتفون باسمي، يرفعون صوري، وأنا الذي كنت خصمًا لهم، أعارض فكرهم، أنبش في خطاياهم القديمة، أجادلهم في كل محفل، لكنهم لم ينظروا إلى ذلك، بل نظروا إلى القيد في معصمي، والظلام الذي أُغلقت عليه زنزانتي في سجون الخوثيين الآثمة، فرفعوا مطالبهم لأجل حريتي، دون أن يسألوا أنفسهم: أي كائن كنت؟ أي موقف حملت؟ أي فكرة تبنيت؟

هناك لحظة، تعيد رسم الأشياء في الذاكرة، تهدم الجدران السميكة التي صنعتها المعارك، وتجعل الإنسان يرى كل شيء من زاوية لم يكن يتخيلها. تلك اللحظة جاءت مع الذين تظاهروا لأجل إطلاق سراحي، من جعلوا صوتي المخنوق يصل إلى كل أذن، الذين رفعوا قضيتي كأنها تخصهم، وأنا الذي لم أكن يومًا منهم، ولم يكونوا يومًا مني، لكنهم فعلوا ما فعلوه لأنهم آمنوا أن الظلم حين يطرق باب أحد، يوشك أن يطرق أبواب الجميع.

في قلب تلك العاصفة، كان هناك طرف آخر اختار أن يضع حدًا لصراع لا نهاية له، المؤتمر الشعبي العام، الذي فتح الباب أمام تسوية سياسية، حقن دماء كثيرة، وأفسح مجالًا لأن تنجو البلاد من كارثة محققة. فكانت دول الخليج، والمملكة العربية السعودية، حاضرة بنفوذها الطيب. فلا تترك المشهد يغرق حتى القاع، وامتدت أيديها في اللحظة التي كاد فيها كل شيء يتداعى، ووضعت مبادرة انتشلت اليمن من جحيم كان قاب قوسين أو أدنى.

غير أن وحشًا كان يترصد كل ذلك، يراقب التسويات، ويفجر التفاهمات، يقتنص لحظة تنهار فيها الجدران، لينقض كطاعون لا يبقي شيئًا. الخوثي الإرهابي، الذي احتل المدن، وسرق اليمن من أهلها، وأحال كل حديث عن السياسة إلى عبث لا معنى له. لا شيء بعده ظل كما كان، فلا حوار، ولا توافق، ولا أمل، ولا دولة، حقد فقط، يتمدد كالنار في الهشيم، ويجرف كل ما بناه اليمنيون على مدار عقود.

إنه العدو، ولا سواه ..

وأما نحن، الذين نشبه بعضنا، اليمانيون، ثمة قاسم مشترك لم تمتد إليه يد الخراب، يشبه خيطًا رفيعًا ما يزال يربط القلوب ببعضها، رغم المعارك التي أنهكت الجميع. شباب فبراير يرون أن ما أنجزوه كان انتصارًا، وآخرون يرون أن المواجهة الأخيرة التي خاضها الرئيس صالح كانت الخيط الأخير في معركة الكرامة. في النهاية، لا أحد يستطيع أن يمحو الآخر، لا أحد يستطيع أن يكتب تاريخًا لا يعترف فيه بنصف البلاد.

هنا، في 9 فبراير 2015، التقط الشهيد عبدالله قابل صورة لمتظاهرين يرفعون صوري على أكتافهم، رفضًا لاختطافي وتعذيبي على يد الخوثيين لمدة تسعين يومًا. كانت المظاهرات تطالب بتحرير صحفي “مقرب من صالح” مفاجأة بالنسبة لي، عبّرت عن امتداد الموقف الوطني الذي تبناه الصادقين من شباب فبراير في مواجهة استبداد الخوثي اللعين، وأثبتت أن الانتماء للجمهورية يتجاوز الخلافات السياسية.

بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014، اختار غالبية من شاركوا في احتجاجات 11 فبراير التوجه إلى جبهات المقاومة للدفاع عن الجمهورية، وهو نفس الخيار الذي اتخذه قادة المؤتمر الشعبي العام وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد أن أدركوا حقيقة المشروع الخوثي . ورغم اختلاف التوجهات السياسية، إلا أن الجميع واجهوا المصير ذاته، وسقطوا شهداء في معركة الحفاظ على الدولة ومواجهة الكهنوت الحوثي.

اليوم، بعد سنوات من المواجهة، لم يعد ثمة مجال للانقسام حول الأولويات الوطنية. معركة استعادة اليمن تتطلب إدراكًا واضحًا بأن الخوثي العدو الأول، وأن كل القوى الجمهورية، رغم تباين رؤاها السياسية، يجب أن تبقى في خندق واحد حتى إنهاء هذا التهديد واستعادة الدولة.

وحين تلتقي صنعاء بعدن، وتعود المدن إلى أهلها، ويخرج الوطن من كهف هذا التوحش السُلالي، سيجلس الجميع أمام هذا الإرث الثقيل، ويحاول كل طرف أن يقنع الشعب بحقيقته، دون سكاكين في الظهر، وبلا كراهية تحرق كل شيء، ورفضًا لأن يحمل أحد معول الهدم وهو يظن أنه يبني.

اليمن أكبر مما يظن الجميع، يتسع للجميع، فقط لو فهموا.

.. فهل من مُدّكر

‫#صف_واحد_لطرد_الحوثي‬

تعليقات الفيس بوك

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

وصول طائرة عسكرية إلى مطار عدن قادمة من دولة

نيوز لاين | 1540 قراءة 

اللواء سلطان العرادة يكسر الصمت ويعلن أول تحرك عسكري بعد سيطرة الانتقالي على حضرموت

نيوز لاين | 1484 قراءة 

المقاومة الوطنية تعزز حضورها البرلماني بانضمام نواب جدد إلى كتلتها – الأسماء

حشد نت | 1325 قراءة 

اول تصريح لمحافظ حضرموت عقب محاصرة عناصر الانتقالي لمنزله

بوابتي | 1269 قراءة 

المجلس الإنتقالي يكشف عن وضع مأرب وتعز في ظل تحركاته الأخيرة لاستكمال السيطرة على الجنوب

نافذة اليمن | 1194 قراءة 

الغارديان: انسحاب سعودي من عدن وضغوط دولية على الزبيدي… الجنوب على حافة إعلان الانفصال

يني يمن | 1091 قراءة 

معارك ضارية تسفر عن سقوط ضحايا من قوات الشرعية

كريتر سكاي | 1087 قراءة 

عاجل | تطورات سياسية ومواقف غير مسبوقة في الرياض بشأن أحداث حضرموت والمهرة

صحيفة ١٧ يوليو | 1042 قراءة 

مستشار العليمي يكشف عن سقوط وشيك للشرعية وإعلان الاستقلال في الجنوب

صوت العاصمة | 991 قراءة 

رشاد العليمي: مجلس القيادة لن يوفر الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية وندعو لموقف دولي موحّد

بران برس | 834 قراءة