مشاهدات
ما زالت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتوالى، حيث يسعى لإحداث تغييرات واسعة في مشهد التجارة الأميركية مع العالم. وبينما يكافح المستوردون والرؤساء التنفيذيون والقادة الأجانب للتكيف مع هذه المستجدات، تشير البيانات الصادرة من واشنطن إلى أن الأسبوع الجاري سيكون حافلاً، إذ يتوقع أن يشهد تحركات على ثلاث جبهات متزامنة.
ويزداد الغموض مع استمرار عدم وضوح التفاصيل الحاسمة، إلا أن الرئيس وعد بإعلانات "مفصلة للغاية" في الأيام المقبلة. ويبدأ الأسبوع بخطة جديدة جرى الإعلان عنها لفرض رسوم بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم، فقد أبلغ ترامب الصحافيين، يوم الأحد، أن الإعلان الرسمي سيكون اليوم. ومن المقرر أن يوقع الرئيس أوامر تنفيذية جديدة الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي، حيث قال إن خططه للرسوم الجمركية ستنطبق على جميع الواردات، ولكن لا يزال من غير الواضح كيف ستتداخل هذه الرسوم الجديدة مع التعريفات الجمركية الحالية المفروضة على المعادن.
وفي وقت لاحق من هذا الأسبوع، من المتوقع أن يعلن ترامب عن رسوم جمركية متبادلة، التي قال إنها ستصبح رسمية يوم الثلاثاء أو الأربعاء، وتهدف إلى تحقيق التوازن في التجارة العالمية. ولا تزال هناك تساؤلات مفتوحة حول كيفية تنفيذ هذه الإجراءات، وما الذي يمكن أن تعنيه للدول التي تفرض حالياً رسوماً جمركية منخفضة على الولايات المتحدة.
وتأتي هذه التحركات في ظل حرب تجارية مستمرة مع الصين بشأن قضايا المخدرات غير المشروعة والهجرة، والتي تصاعدت خلال عطلة نهاية الأسبوع، ومن المحتمل أن تشمل قريباً كلاً من كندا والمكسيك. وقال دوج فورد، رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو الكندية: "هذا هو ما سيحدث خلال السنوات الأربع المقبلة"، واصفاً تصريحات ترامب الأخيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع بأنها أحدث حلقات "تغيير المعايير المستمر والفوضى الدائمة، مما يعرض اقتصادنا للخطر".
وكندا من الدول الرئيسية المتأثرة بهذه القرارات، حيث تواجه رسوماً شاملة وهي أيضاً مورد رئيسي للصلب إلى الولايات المتحدة. وسيتمحور الإعلان المتوقع خلال الساعات المقبلة حول فرض رسوم جديدة على الصلب والألومنيوم. ومع ذلك، يظل السؤال قائماً حول كيفية تفاعل هذه الإجراءات مع الرسوم الجمركية الحالية.
وفي عام 2018، فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألومنيوم خلال ولايته الأولى، وكان الهدف الرئيسي حينها هو الصين، ولا تزال العديد من هذه التعريفات سارية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستواجه الآن تعريفات مزدوجة. وتمكنت مجموعة من الدول الأخرى، بما في ذلك كوريا الجنوبية وأستراليا، من تأمين إعفاءات من هذه الرسوم في ذلك الوقت، ولكن يبدو أن ترامب هذه المرة أقل استعداداً لمنح استثناءات. وقال ترامب يوم الأحد: "أي صلب يدخل الولايات المتحدة سيواجه تعريفة بنسبة 25%، وكذلك الألومنيوم".
متى وكيف تنفّذ تعريفات ترامب الجديدة؟
مسألة أخرى مهمة هي توقيت التنفيذ، إذا تحرك ترامب بموجب السلطة نفسها التي استخدمها في عام 2018، فقد يواجه انتظاراً لا يقل عن بضعة أسابيع أو أشهر قبل أن تدخل التعريفات الجمركية حيز التنفيذ بشكل كامل، بسبب متطلبات مثل فترة التعليق العام. لكن حقيقة أن ترامب قد مرّ بهذه العملية خلال ولايته الأولى، بما في ذلك المراجعة الطويلة التي أجرتها وزارة التجارة، فقد تسرع الأمور هذه المرة.
وبعد فرض التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم، يخطط ترامب لمتابعة ذلك بسرعة بإعلان خطته للتعريفات الجمركية المتبادلة. وقال الرئيس الأميركي إنه سيعلن عن التفاصيل خلال مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء أو الأربعاء، وصرح قائلاً: "الفكرة ببساطة هي أنه إذا فرضوا علينا رسوماً، فسنفرض عليهم رسوماً مماثلة".
ومع ذلك، لا تزال هناك تفاصيل رئيسية بحاجة إلى توضيح، بما في ذلك كيفية تنفيذ هذه التعريفات، وما إذا كان ترامب على استعداد أيضاً للنظر في خفض الرسوم الجمركية بشكل متبادل. وتُظهر البيانات التي جمعها سكوت لينسكو من معهد كاتو أن الولايات المتحدة تعدّ من الدول المتوسطة فيما يتعلق بمستويات الرسوم الجمركية مقارنة بالدول الصناعية الأخرى. وهذا يعني أن تطبيق نظام تجارة متبادل حقيقي يمكن أن يؤدي إلى خفض التعريفات على العديد من الدول.
ومن ناحية أخرى، قد يواجه حلفاء مقربون للولايات المتحدة، مثل الهند وكوريا الجنوبية، زيادات كبيرة في التعريفات الجمركية في ظل نظام تجاري متبادل. ولطالما ركز حلفاء ترامب على الهند، حيث أكد كيفن هاست، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في إدارة ترامب، في مقابلة مع قناة "سي أن بي سي" اليوم الاثنين، أن الهند لديها "معدلات رسوم مرتفعة للغاية" على السلع الأميركية.
وحتى الآن، اقتصر ما صرح به ترامب على أن خططه المتعلقة بالتعريفات المتبادلة "ستكون رائعة للجميع"، بينما ما زال الغموض يكتنف الآلية التي يمكن من خلالها تطبيق التعريفات المتبادلة المقترحة. وأشار البروفيسور هنري جاو، الخبير في التجارة الدولية، عبر الإنترنت خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى أن تنفيذ مجموعة من التعريفات الجمركية الخاصة بكل دولة عند موانئ الدخول الأميركية سيكون مهمة بيروقراطية ضخمة. وقال إنه إذا مضى ترامب قدماً في خططه، فاستعدوا لـ"إجراءات بيروقراطية معقدة".
وتأتي هذه التحركات الجمركية المزدوجة في أعقاب قرار ترامب الأسبوع الماضي بفرض رسوم بنسبة 10% على الصين، إلى جانب تأجيله المؤقت رسوماً بنسبة 25% على كندا والمكسيك، بسبب قضايا المخدرات غير المشروعة والهجرة. وردت الصين على قرار فرض الرسوم الجمركية بنسبة 10% عبر فرض رسوم جديدة على مجموعة من السلع الأميركية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، والنفط الخام، والآلات الزراعية، وغيرها من المنتجات.
ودخلت الرسوم الجمركية الصينية حيز التنفيذ خلال عطلة نهاية الأسبوع، ومع وجود أمر تنفيذي من ترامب يسمح له بالرد بفرض رسوم أعلى، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتخذ هذه الخطوة. أما بالنسبة للتنازلات المقدمة من كندا والمكسيك حتى الآن، والتي تهدف إلى تجنب فرض تعريفات شاملة، فقد صرح ترامب خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" نهاية الأسبوع الماضي قائلاً: "هذا ليس كافياً".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news