كشف "قيصر"، المصور الذي وثق آلاف الجثث المشوهة بفعل التعذيب في السجون السورية، عن هويته ووجهه للمرة الأولى في مقابلة بثت على قناة "الجزيرة" القطرية، وذلك بعد شهرين من إسقاط الرئيس بشار الأسد.
وظهر رجل ملتح بخصلات شعر رمادية، مرتديا بزة رسمية وقميصا أبيض، معلنا أنه "المساعد أول فريد المذهان، رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، المعروف بقيصر، ابن سوريا الحرة، أنا من مدينة درعا مهد الثورة السورية".
وشدد المذهان على أنه كان يعمل في مدينة دمشق، وفي قيادة الشرطة العسكرية تحديدا، بينما يقيم في منطقة التل بريف العاصمة. وأوضح أن مهمته تغيرت جذريا مع بدء النزاع، إذ بات يلتقط صور جثث المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية، مشيرا إلى أن الضحايا كانوا من مختلف الفئات، بينهم نساء وشيوخ وأطفال، اعتقلوا على الحواجز الأمنية أو ساحات التظاهر المنادية بالحرية والكرامة.
وتحدث عن عمليات تعذيب ممنهجة ومقابر جماعية استخدمت لدفن هؤلاء الضحايا بعد قتلهم بطرق "دامية". وأكد أنه كان يشعر بقهر وذل عميقين خلال توثيق صورهم، معتبرا أن أرواحهم حملته أمانة نقل مأساتهم إلى العالم الحر ليكون شاهدا على ما سماه "آلة قتل لا تنتمي للبشرية".
وأوضح أن التصوير كان بأوامر من أعلى هرم السلطة، لضمان تنفيذ أوامر التعذيب والقتل، وإثبات ولاء قادة الأجهزة الأمنية للأسد.
وقرر المذهان الانشقاق بعد جمع نحو 55 ألف صورة بين العامين 2011 و2013، مظهرة مستوى الوحشية داخل السجون، لكنه أخر فراره لإنقاذ أكبر قدر ممكن من الأدلة.
واعتمد على أساليب تهريب مبتكرة، إذ أخفى بطاقات الذاكرة في جواربه أو داخل ربطات الخبز لتجاوز الحواجز الأمنية. ثم تمكن من الفرار إلى الأردن ثم قطر، قبل أن يستقر حاليا في فرنسا، إذ يعيش تحت قيود أمنية مشددة.
وفي 2020، دخل حيز التنفيذ في الولايات المتحدة قانون العقوبات الشهير باسم "قيصر"، الذي استند إلى صور المذهان ويفرض إجراءات اقتصادية على السلطات السورية. أما اليوم، فيرى الأخير أن سقوط الأسد يجعل من الضروري رفع هذه العقوبات، داعيا إلى مساعدة الشعب السوري في مرحلة إعادة البناء.
كما لفت إلى صدور إدانات ومذكرات توقيف دولية بحق مسؤولين من النظام السابق، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يملك ذكريات طيبة مع الكاميرا التي وثقت عذابات الآلاف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news