دروس غزة

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 110 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
دروس غزة

ما هو الدرس التاريخي الذي يجب أن نتعلمه من صمود غزة في ظل كل ماحدث من إبادة وتهجير قسري ؟! أنا أعتبره درسا تاريخيا عميقا ومذهلا يجسد العديد من القيم الإنسانية والسياسية التي يجب أن نتعلم منها في كل زاوية من زوايا حياتنا. هذا الصمود ليس مجرد مقاومة للألم والعنف، بل هو مقاومة للزمن والتاريخ نفسه، وتأكيد على أن الإنسان في مواجهة الأزمات الكبرى يملك القدرة على العيش بكرامة، رغم كل محاولات تدميره.

ولعل أول درس نستطيع استخلاصه من صمود غزة هو درس البقاء والإرادة. فقد خاضت غزة العديد من الحروب والاعتداءات العسكرية التي تسببت في تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية، فضلا عن وقوع آلاف الضحايا من المدنيين. لكن رغم ذلك، لم تنكسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة. على أن هذا الصمود يثبت أن القدرة على البقاء تتجاوز حدود الألم والدمار، وأن الإنسان قادر على الصمود في مواجهة أقسى الظروف. فغزة لم تستسلم للقتل والتدمير، بل أظهرت للعالم أنه مهما كان حجم المحن، يبقى الإنسان قادرا على المقاومة والتمسك بالحياة.

كذلك تعلمنا غزة درسا عظيما في الوحدة والتضامن. فعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها، إلا أن المجتمع الغزاوي حافظ على تماسكه الاجتماعي. فلم تُفرِّقهم القسوة والدمار عن بعضهم البعض. إذ اجتمع الجميع من جميع الأطياف السياسية والدينية والاجتماعية تحت راية واحدة هي الحفاظ على الكرامة والحق في الحياة. إن هذا التضامن الشعبي بين مختلف أطياف المجتمع الفلسطيني في غزة يُعد نموذجا عالميا في كيفية مواجهة التحديات الكبرى بالوحدة وليس الانقسام.

والواقع أن من أبرز الدروس التي تقدمها غزة هو كيفية مقاومة التشريد والتهجير القسري. فقد عانت غزة، مثل العديد من المناطق الفلسطينية، من عمليات تهجير قسري وتهديدات مستمرة بفقدان الأرض. إلا أن أهل غزة ظلوا ثابتين في أرضهم، رغم محاولات إسرائيل تهجيرهم. إن تمسكهم بأرضهم وتاريخهم يُعد من أعمق أنواع المقاومة، حيث لا يتمثل الصمود في مجرد البقاء على قيد الحياة فحسب، بل في التمسك بكل ما هو مرتبط بالهوية الفلسطينية. هذا الصمود أمام محاولات اقتلاعهم من أرضهم يمثل رمزية قوية للنضال الفلسطيني على مر العصور.

من هنا فإن غزة تعكس كذلك درسا في التضحية والإنسانية. فقد دفع سكانها ثمنا باهظا جراء الممارسات الاحتلالية، من تدمير للمنازل إلى استهداف المدنيين، ولكنهم لم يفقدوا إنسانيتهم. فيما صمود الأطفال والنساء والشيوخ في غزة يُظهر للعالم أن العنف لا يمكنه محو الإنسانية في نفوس الأفراد، بل يُعزز الرغبة في البقاء والمقاومة. التضحية بالنفس لأجل الوطن والكرامة تُعد أعلى أشكال التعبير عن إنسانية الشعب الفلسطيني الذي آمن بحقه في الحياة والحرية مهما كلفه الأمر.

وفي السياق ذاته فمن الدروس التي يجب أن نتعلمها هو ضرورة السعي لتحقيق العدالة الدولية وحماية حقوق الإنسان. والحال أن غزة، بوصفها إحدى أكثر المناطق تعرضا لانتهاكات حقوق الإنسان، تُعد شاهدا حيا على فشل النظام الدولي في وقف العدوان وحماية المدنيين. كما أن هذا الفشل يعكس الحاجة الماسة لتفعيل دور المجتمع الدولي في فرض العدالة على المعتدين وحماية حقوق الشعوب المظلومة.

ولعل غزة تدعونا لإعادة التفكير في دور الأمم المتحدة والمحاكم الدولية في معالجة قضايا مثل الاحتلال والتهجير القسري.

والواقع أن غزة هي درس في كيف يمكن للمقاومة السياسية أن تتجاوز أساليب العنف المباشر. المقاومة في غزة لم تقتصر على الأفعال العسكرية فقط، بل اتسعت لتشمل المقاومة السياسية والشعبية والإعلامية. فالصمود الفلسطيني في غزة كان مدعوما بشبكة من الناشطين الذين سعوا جاهدين لإيصال قضيتهم إلى المحافل الدولية. هم صوت يرفع عنوة في وجه المظالم، ويصر على تقديم القضية الفلسطينية بشكلها العادل في مختلف المنابر العالمية. كما أن المقاومة الفكرية والإعلامية هي سلاح لا يقل قوة عن سلاح المقاومة العسكرية في تحفيز الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي للضغط من أجل العدالة.

في الحقيقة، يجب أن نتعلم من صمود غزة أن التحديات الكبيرة لا يمكن التغلب عليها إلا عبر الإصرار والصبر والوحدة. كما لا يمكن لأي قوة أن تمحو هوية الشعب الفلسطيني أو أن تنتزع منه حقه في الحياة بكرامة. ذلك أن غزة ليست مجرد منطقة جغرافية، بل هي رمز لكل شعوب العالم التي تناضل من أجل العدالة والحرية. فصمود غزة هو في الواقع درس إنساني وتاريخي نحتاج أن نتبناه في مواجهة التحديات التي قد تواجهنا في حياتنا اليومية وفي نضالنا من أجل العدالة وحقوق الإنسان.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

خالد سلمان يكشف عن زلزال عسكري قادم نحو تعز والبيضاء.. وساعات لحسم مصير محور الجبولي

نافذة اليمن | 794 قراءة 

اليمن مات. وهذا ما سيحلّ مكانه!

الوطن العدنية | 719 قراءة 

اول ضربة جوية على قوات الانتقالي بوادي حضرموت (تفاصيل)

مراقبون برس | 554 قراءة 

إعلان رسمي: أول مدينة في اليمن تحظر السلاح وتتوعد المخالفين بالعقوبات

نيوز لاين | 551 قراءة 

هل تستخدم السعودية القوة لإخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة؟

الوطن العدنية | 496 قراءة 

منفذ الوديعة يفرض شرطاً جديداً على المغتربين اليمنيين

المشهد اليمني | 416 قراءة 

هل اكتشفت الرياض أن قوات الدرع التي بنتها غير جاهزة للمواجهة؟

الوطن العدنية | 400 قراءة 

شرطاً جديداً يفرضه منفذ الوديعة على المغتربين اليمنيين

يمن فويس | 389 قراءة 

حسين الجسمي يستفز الشعب اليمني.. اكتشف القصة

المشهد اليمني | 365 قراءة 

باسندوة: أتمنى الموت قبل أن أرى تقسيم اليمن

قناة المهرية | 353 قراءة