سبتمبر نت: تقرير – توفيق السامعي
نتائج القرار انهيار سياسي واقتصادي للحوثي وأي محاولة عسكرية تعجل بزوالها إدراج الإدارة الأمريكية لمليشيا الحوثي ضمن قائمة الجماعات الإرهابية يمثل خطوة حاسمة تؤكد نية المجتمع الدولي في مواجهة ارهاب مليشيا الحوثي الذي حاول، منذ نشأته، اقلاق الأمن الإقليمي والعالمي، في نظر كثير من الخبراء والمتابعين فإن هذه الخطوة ليست مجرد تصنيف سياسي، بل إعلان عن تصعيد الحرب ضد مليشيا الحوثي العمل على انهائها واجتثاثها.
فتصنيف الحوثي كجماعة إرهابية يضع عقوبات اقتصادية وعسكرية على كاهل هذه المليشيا، مما سيؤدي إلى تقييد قدراتها على الحصول على الدعم المالي والعسكري، ويُجبرها على مواجهة تحديات متزايدة في توفير الموارد التي كانت تعوّل عليها في استدامة عملياتها العدوانية وتحركاتها الإرهابية. توفيق الحاج على الصعيد العسكري، فإن إدراج الحوثي كمنظمة إرهابية سيفقدها جزءًا كبيرًا من الدعم الإيراني الذي ظل يتدفق عبر شبكات غير شرعية. وهذا سيحد من قدرتها على تطوير الأسلحة خاصة في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي شكلت تهديدًا حقيقيًا للأمن الإقليمي، كما أن وضع الجماعة في خانة الإرهاب يعزز من التضييق الدولي على تجارة الأسلحة غير المشروعة التي كان الحوثيون يعتمدون عليها في استمرارية مواجهاتهم مع القوات الحكومية. اقتصاديًا، سيتعرض الحوثيون إلى جمود كبير في تحركاتهم المالية، إذ ستُمنع أي معاملات مالية غير مشروعة ومساعدات من دول أو جهات أخرى، مما يزيد من أزمات الجماعة المعيشية واللوجستية، إذ أن تجفيف منابع التمويل يشل قدرتها على تقديم خدمات لعناصرها وادارة المواطنين في مناطق سيطرتها، ما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق التي يسيطرون عليها. تأييد حكومي وردا على ادراج جماعة الحوثي منظمة إرهابية أعلنت الرئاسة اليمنية ترحيبها بقرار الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، مشيرة إلى أن القرار يعكس تفهماً حقيقياً لطبيعة الخطر الذي تمثله الجماعة المدعومة من إيران على الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي.
وقال الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي: إن قرار الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، يُعدّ «مدخلاً لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة». كما رحب بتعهدات الرئيس الامريكي بإنهاء الحروب وردع التنظيمات الإرهابية، وأضاف: «لتعزيز هذا المسار نحو السلام المنشود، هناك حاجة ملحة إلى نهج جماعي عالمي لدعم الحكومة اليمنية، وعدم التسويف في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار (2216)؛ لأن التساهل مع أعداء السلام، يعني استمرار الأعمال الإرهابية لهذه المليشيات الأبشع في التاريخ». وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أصدر، الأربعاء الماضي أمراً تنفيذياً بإدراج جماعة الحوثي الارهابية على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. إلى ذلك؛ أكدت وزارة الخارجية اليمنية أن هذا التصنيف «ينسجم مع موقف الحكومة الثابت، ودعواتها المتكررة لتصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية، لما ترتكبه من جرائم مروعة وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني، وتهديدها الخطير للأمن، والسلام الإقليمي والدولي». وجددت الحكومة اليمنية، في بيان الخميس الماضي دعوتها «المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات مماثلة تعزز الجهود الدولية في التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه»، مثمنة في الوقت نفسه «الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ودورها في دعم الحكومة والشعب اليمني». كما عبّرت وزارة الخارجية اليمنية عن أملها في أن يكون «هذا التصنيف عاملاً مهماً لتكثيف الجهود الدولية نحو إحلال السلام وتحقيق الاستقرار وإنهاء المعاناة الإنسانية في اليمن». تأثيرات واسعة ويقول خبراء: إنه من الصعب التوقع والتنبؤ بتأثير هذا التصنيف على الجماعة وعلى الواقع اليمني اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ولكنه سيكون له تأثير على المدى القريب والبعيد. من جانبه، أكد السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاغن، أن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، يُعدّ خطوة حاسمة لتحييد التهديد الحوثي. وقال في تصريح صحفي إن الولايات المتحدة سوف تعمل مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين وعملياتهم. كما أشار فاغن إلى أن هذه الخطوة سوف تنهي هجمات الحوثيين على الأفراد والمدنيين الأميركيين، وشركاء الولايات المتحدة، والشحن البحري في البحر الأحمر. وأضاف: «أعلن الرئيس ترمب عن خطوة حاسمة نحو تحييد التهديد الحوثي، وستتعاون الولايات المتحدة مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين وعملياتهم، ولحرمانهم من الموارد، وبالتالي إنهاء هجمات الحوثيين على الأفراد والمدنيين الأميركيين، وشركاء الولايات المتحدة، والشحن البحري في البحر الأحمر». تفاصيل القرار وجاء في الأمر التنفيذي الذي نشره «البيت الأبيض» أن أنشطة الجماعة «تهدد أمن المدنيين والعسكريين الأميركيين في الشرق الأوسط، وسلامة أقرب شركائنا الإقليميين، واستقرار التجارة البحرية العالمية». وأضاف أن سياسة الولايات المتحدة هي التعاون مع شركائها الإقليميين «للقضاء على قدرات وعمليات جماعة (أنصار الله)، (الحوثيون)، وحرمانها من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتها على العسكريين والمدنيين الأميركيين، وشركاء الولايات المتحدة، والشحن البحري في البحر الأحمر».
وفي حيثيات القرار الأميركي، فقد «أطلق الحوثيون النار على سفن البحرية الأميركية عشرات المرات منذ عام 2023، بدعم من (فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني – IRGC-QF)، الذي يسلح ويدرب المنظمات الإرهابية حول العالم، مما عرض رجال ونساء القوات المسلحة الأميركية للخطر». ووفق الأمر التنفيذي، فقد شن الحوثيون هجمات كثيرة على البنية التحتية المدنية؛ «بما في ذلك الهجمات المتكررة على المطارات المدنية في السعودية، والهجمات المميتة في يناير (كانون الثاني) 2022 على الإمارات، وأكثر من 300 قذيفة أطلقت على إسرائيل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، منذ استيلائهم على معظم المراكز السكانية في اليمن بالقوة» من الحكومة اليمنية الشرعية خلال عامي 2014 و2015م. كما هاجم الحوثيون السفن التجارية العابرة مضيق باب المندب أكثر من 100 مرة؛ مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 4 بحارة مدنيين، وإلى إجبار جزء من حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر على تغيير مساره، مما ساهم في التضخم العالمي. ومنح الرئيس ترمب وزير خارجيته، بعد التشاور مع مدير الاستخبارات الوطنية ووزير الخزانة، 30 يوماً من تاريخ الأمر لتقديم تقرير للرئيس عبر مجلس الأمن القومي، بشأن تصنيف «أنصار الله» منظمةً إرهابيةً أجنبيةً، وخلال 15 يوماً من تقديم هذا التقرير، يتعين على وزير الخارجية اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة، فيما يتعلق بتصنيف «أنصار الله» منظمةً إرهابيةً. ماذا بعد؟ بعد عملية تصنيف الجماعة الحوثية منظمةً إرهابية أجنبية، يفيد الأمر التنفيذي بأنه «يتعين على وزير الخارجية ومدير (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية – USAID) إجراء مراجعة مشتركة لشركاء الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، والمتعاقدين الذين تعمل من خلالهم (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) في اليمن، وتحديد أي كيانات لها علاقة بـ(الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) سواء أدفعت أموالاً لأعضاء من (أنصار الله) أو لكيانات حكومية تخضع لسيطرتهم؛ أم انتقدت الجهود الدولية لمواجهة (أنصار الله) دون توثيق انتهاكات (أنصار الله) بشكل كافٍ». وقد فوض القرار مدير «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لإنهاء المشروعات أو المنح أو العقود المحددة مع هذه الجهات وفق الاقتضاء. خلاصة قرار التصنيف يمكن القول: إن قرار تصنيف جماعة الحوثي جماعة ارهابية سيترتب عليه الآتي: القضاء على قدرات جماعة الحوثي وحرمانها من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتها على الأفراد والمدنيين الأمريكيين والشركاء والشحن البحري في البحر الأحمر… كما سيدفع التصنيف المجتمع الدولي الى مراجعة واسعة النطاق لشركاء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمتعاقدين العاملين في اليمن، الذين تورطوا في مساعدة الحوثيين تحت يافطة الإغاثة الإنسانية. وأهم وأخطر ما في هذا التصنيف على الحوثيين أنه ينزع منهم أي جهود لإثبات شرعيتهم في اليمن كسلطة أمر واقع ، وسيجعل هذا التصنيف من كل جهود المليشيا السياسية والدبلوماسية غير مجدية ولا مسموعة لأنها في نظر العالم منظمة إرهابية. كما يتيح قرار التصنيف للضحايا الذين تعرضوا لإرهاب المليشيا رفع قضايا تلاحق الجماعة أو أي فرد منها، ناهيك عن إجراء مراجعة شاملة للمساعدات الأميركية الإنسانية لليمن. وامام هذه المترتبات يرى خبراء أن الحوثيين أمام خيارات صعبة بين الخضوع وهذا سيكشف عورتهم أمام أنصارهم وأمام المغرر بهم من عامة الشعب الذين صدقوا شعارات الحوثيين…وبين تصعيد الموقف في المنطقة مما سيجلب عليهم الويل من كل جانب داخليا وخارجيا. ويبدو من خلال ردود أفعال الجماعة الارهابية أنها ستختار الخيار الثاني هروبا من مواجهة الاستحقاقات الشعبية والجهود السلمية وكون هذا الخيار سيتيح لها عمر اطول وحجج اكثر تقنع بها مغرريها. المطلوب عمله لكي يكون قرار التصنيف فاعلا ومجديا، تبرز مسؤولية الحكومة الشرعية في استثمار هذا التصنيف لتعزيز موقفها على الساحة الدولية ودعم جهودها لإعادة الاستقرار في البلاد ولتحقيق ذلك، يجب على الحكومة اليمنية أن تعمل على تعزيز هذا القرار في المحافل الدولية، وذلك عبر المطالبة بتصنيف الحوثي كجماعة إرهابية على المستوى الدولي. ينبغي على الحكومة تقديم الأدلة والوثائق التي تثبت تورط الحوثيين في جرائم حرب وإرهاب من خلال الهجمات على المدنيين، استهداف المنشآت الحيوية، واستخدام الأسلحة المتطورة، فضلاً عن تدمير الاقتصاد اليمني وترويع الشعب. ويقول خبراء: إن على الحكومة أن تركز على نشر الجرائم الارهابية الحوثية في المنتديات الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، من خلال حملات توعية مدعومة بتقارير حقوق الإنسان التي تبرز الانتهاكات الحوثية المستمرة. إن هذا القرار يجعل الحاجة ملحة ومتزايدة إلى تهيئة المناطق المحررة لدعم الانتعاش الاقتصادي والإنساني، خاصة في ظل الحصار الحوثي المستمر يجب العمل على توفير بيئة آمنة ومستقرة لتسهيل تدفق التجارة العالمية والواردات إلى اليمن. يتعين على الحكومة وضع استراتيجيات فعالة لتأمين الموانئ والمنافذ الحدودية، وتجهيز البنية التحتية لتسهيل دخول البضائع العالمية إلى المناطق المحررة وعبرها الى كل اليمن، وهو ما سيشكل ضربة قاصمة للحوثيين الذين يعتمدون على تهريب الأسلحة والموارد غير المشروعة. ويذكر المتابعين والخبراء إن مما يتوجب على الحكومة عمله مساعدة المنظمات الإنسانية والإنمائية الدولية للعودة إلى العمل في المناطق المحررة، من خلال توفير الحماية الأمنية وتسهيل إجراءات تسجيل المنظمات الدولية، وهو ما سيعزز من الوضع الإنساني ويوفر الدعم اللازم للمواطنين في المناطق المحررة. كما يجب على الحكومة مطالبة الدول الأخرى بالاقتداء بالولايات المتحدة في تصنيف مليشيا الحوثي كجماعة إرهابية وحث دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية لتطبيق نفس المعايير، وكذلك الدعوة إلى تشديد العقوبات على الجماعة الحوثية لمنعها من الحصول على الدعم المالي والعسكري. تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية عالمية سيؤدي إلى عزلة أكبر لهذه المليشيا، مما يزيد من الضغط عليها ثم انهيارها. إن الحكومة اليوم مطالبة بأن تستفيد من هذا الزخم الدولي لتحقيق أهداف الشعب السياسية والاقتصادية، وأن تعمل على تحصين هذا القرار من خلال الحشد الدبلوماسي والشراكات الاستراتيجية، مع الاستمرار في تعزيز الحماية للمدنيين وتطوير القدرات العسكرية لمواجهة هذه الجماعة الإرهابية، بما يعيد لليمن عزته واستقراره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news