الوعي العالمي بخطورة اضطهاد الأقليات على الأمن والسلم الاجتماعي.
قبل 1 دقيقة
مع مرور الزمن ازداد الوعي العالمي بعواقب التمييز الديني والعنصري واضطهاد الأقليات، بدأت بعض الدول تتخذ إجراءات للقضاء على التمييز وتعزيز حقوق الانسان والمساواة بين جميع الناس بغض النظر عن جنسهم او عرقهم او دينهم أو معتقدهم، وانخرطت في عدة اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف لحماية الأقليات. عقب الحرب العالمية الثانية ادركت أمم العالم خطورة التمييز العنصري والديني وازدراء حقوق الانسان على الأمن والسلم الاجتماعيين إقليمياً ودولياً، وأقرت بأن مبدأ الكرامة والمساواة أصيلتين في جميع البشر، وتعهدت باتخاذ تدابير مشتركة ومستقلة لتعزيز وتشجيع الاحترام العالمي والفعال لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين
واعترفت صراحة بكلمات واضحة في اعظم وثيقة عالمية سطرها التاريخ البشري تحت عنوان الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948: أن الإقرار بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم؛ وأن تناسي حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية؛ ومن الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم
[2]
؛ وأكدت أن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بروح الإخاء
[3]
؛ وشجبت جميع اشكال التمييز العنصري، وصرحت بأن أي مذهب للتفوق القائم علي التفرقة العنصرية هو مذهب خاطئ علمياً ومشجوب أدبياً وظالم وخطر اجتماعياً، ولا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان، وأن التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الاثني يشكل عقبة تعترض العلاقات الودية والسلمية بين الأمم وواقعا من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب والإخلال بالوئام بين أشخاص يعيشون جنبا إلي جنب حتى في داخل الدولة الواحدة، وأن وجود حواجز عنصرية أمر مناف للمثل العليا لأي مجتمع إنساني
[4]
. كما أن إهمال وانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا سيما الحق في حرية التفكير أو الوجدان أو الدين أو المعتقد أيا كان، قد جلبا على البشرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حروبا، وآلاما بالغة، خصوصا حيث يتخذان وسيلة للتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للدول الأخرى، ويؤديان إلى إثارة الكراهية بين الشعوب والأمم.
وأن احترام تنوع الثقافات، والتسامح، والحوار، والتعاون، في جو من الثقة والتفاهم، هو خير ضمان لتحقيق السلام والأمن الدوليين؛ وأن تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية يسهمان في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول التي يعيشون فيها
[7]
.
وفي سياق الوعي بأهمية الاعتراف بالحقوق المتساوية لتحقيق السلم والامن الاجتماعيين، أقرت الأمم المتحدة وتعهدت بأن "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين"
[8]
و "حرية الرأي والتعبير"
[9]
وأن "الناس جميعا سواء امام القانون.. ويجب ان يحظر القانون اي تمييز، وان يكفل لجميع الاشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لاي سبب، كالعرق او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي ..."
[10]
وأنه "لا يجوز، في الدول التي توجد فيها اقليات اثنية او دينية او لغوية، ان يحرم الاشخاص المنتسبون الى الاقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة او المجاهرة بدينهم واقامة شعائرهم او استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الاعضاء الآخرين في جماعتهم."
[11]
و "أن التربية يجب أن تهدف إلي ... تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية"
[12]
وعلى أساس ذلك تشكل القانون الدولي لحقوق الانسان في عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية تلزم الدول الأطراف على إعمالها، واتخاذ التدابير القانونية والتربوية لترسيخها في الثقافة الإنسانية على المستويين الوطني والدولي. فكان من نصيب الدول التي أخذت القانون الدولي لحقوق الانسان بمحمل الجد أن تحقق لشعوبها السلام والأمان والتقدم والازدهار؛ بينما الدول التي تنصلت عن تعهداتها وجحدت بالقانون الدولي لحقوق الانسان في قوانينها ومعاملاتها ظلت تدفع شعوبها الى مزيدٍ من الظلام والتخلف والفقر، غارقة في مستنقع الصراعات العنيفة والأزمات المتراكمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news