(قضية الاقليات بين دروس التاريخ وتطلعات المستقبل ومعانات الحاضر )
قبل 1 دقيقة
منذ فجر التاريخ، كان التمييز العنصري والديني سيفًا مسلطًا على رقاب الأقليات، يشق طريقه عبر حقب مظلمة مليئة بالألم والظلم والإذلال.. في كل زاوية من زوايا هذا العالم ثمة تاريخ يحكي قصصاً مأساوية خلفها التمييز العنصري أو الديني، أدى إلى تعرض الأقليات الدينية والعرقية للعنف والاضطهاد والقتل والتهجير القسري، وبلغ الامر في كثير من الأحيان، حد الإبادة الجماعية لجماعات مستضعفة في معارك لم يخضها افرادها أبداً، ولم يكن ذنبهم سوى أنهم مختلفون في العرق أو الدين.
التمييز العنصري والديني وما يصاحبه من تحريض على كراهية الأقليات، كان وما يزال أخطر وحش يلتهم إنسانية الانسان. يشعل نيران الكراهية في قلوب افراد المجتمع المتنوع ويحولهم إلى شياطين وأعداء، وهم في الأصل اخوة في الإنسانية وشركاء في بناء المجتمع وازدهاره. التمييز والتحريض على كراهية الأقليات ليس مجرد كارثة على المجتمعات، بل جرح نازف في جسد الإنسانية ككل.
يؤكد دي فارين (خبير في الأمم المتحدة) لمجلس حقوق الانسان (مارس 2022) أن النزاعات العنيفة ، سواء كانت نزاعات داخلية أو بين الدول، غالبا ما تكون بسبب انتهاكات حقوق الانسان للأقليات.
[1]
ولذلك لم يكن اضطهاد الأقليات سبباً لمعاناة الأقليات فحسب، بل كان وسيظل أحد العوامل التي تهدد الأمن والسلم المحلي والإقليمي والدولي. وبالتالي لا يمكن معالجة أسباب النزاعات وتحقيق السلم في مكان ما في العالم دون معالجة قضايا الأقليات وحماية حقوقها الإنسانية، ويشمل ذلك ضمان المساواة في وصول الأقليات إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ومشاركتها السياسية الفعالة وتمثيلها، والتطوير البنّاء للممارسات والترتيبات المؤسسية لاستيعاب التنوع داخل المجتمع: وبعبارة أخرى، تعميم واعتماد نهج حقوق الإنسان في سياقات المظالم التي يحتمل أن تؤدي إلى توترات وصراعات عنيفة محتملة.
يتفق بوويرسوك (أستاذ التاريخ القديم بجامعات هارفارد وأكسفورد) مع رؤية دي فارين. في دراسته عن تاريخ الشرق الأوسط القديم، يروي بوويرسوك قصة مذبحة الملك الحميري اليهودي يوسف بن شراحبيل (ذو نواس) للمسيحيين في نجران الذين رفضوا التحول إلى اليهودية، وهي الحادثة التي دفعت مملكة أكسوم الحبشية والبيزنطيين لغزو جنوب غرب شبه الجزيرة العربية (اليمن) في حرب دينية مريرة اختلطت فيها الدوافع الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية. يقول بوويرسوك إن الدين قدم القاسم المشترك لما يمكن اعتباره "تدخلا دوليا واسع النطاق في الشؤون العربية" قديما.
[2]
وفقًا لموسوعة الحروب، من بين جميع الصراعات التاريخية المسجلة البالغ عددها 1763 صراعًا، كانت الاختلافات الدينية السبب في 123، أي 6.98٪ من إجمالي الحروب. ويعرض الكاتب ماثيو وايت في كتابه «الكتاب الكبير العظيم للأشياء المروعة» الدين باعتباره سببًا رئيسيًا في 11 من أكثر الأعمال الوحشية الدموية حول العالم. ومع ذلك، غالبًا ما تخلص الدراسات حول هذه الحالات إلى أن العداوات العرقية تقف وراء الكثير من النزاعات المروعة..
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news