لأول مرة منذ تشكيل المجلس الرئاسي قبل ثلاث سنوات، يطرق رئيسه رشاد العليمي أبواب صنعاء من بوابة الحل السياسي.
فهل ما يحدث مجرد محاولة لتجربة رد فعل صنعاء، أم أن وراء هذه الخطوة قرارًا سعوديًا؟ وما هو مدى تناغم هذه المبادرة مع أعضاء المجلس الرئاسي أو مع حلفاء الحرب من مختلف الأطراف؟
في الأسابيع الأخيرة التي تلت قرار إدارة ترامب بتصنيف حركة أنصار الله على قائمة العقوبات، بدأ العليمي في إرسال رسائل إيجابية إلى صنعاء.
من أبرز هذه الرسائل تصريحاته عن تداعيات هذا التصنيف على الوضع في اليمن بشكل عام، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا.
وفي هذه التصريحات، يبدو أن العليمي كان يوجه إشارة غير مباشرة لرفض التصنيف، فيما أرسل وزير خارجيته إلى سلطنة عمان ليقدم رؤية جديدة حول التطورات في اليمن، تتضمن تشكيل حكومة مشتركة واستناد الحل السياسي كمدخل لتحقيق الاستقرار وإعادة توحيد اليمن.
لكن من ناحية أخرى، قد تكون هذه التحركات بمثابة مناورة من العليمي نفسه في مواجهة خصومه الداخليين، خاصة المجلس الانتقالي الذي زادت وتيرة المواجهات معه في الآونة الأخيرة.
وصلت هذه المواجهات إلى درجة تهديد عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، لطفي شطارة، بالانقلاب على العليمي واعتقال مساعديه، بما في ذلك عادل الحمادي، نائب رئيس الشركة الوطنية للاستثمارات النفطية، والذي يتهم بتورطه في صفقة لصالح نجل العليمي.
وفي سياق آخر، قد تشير هذه الخطوة إلى تلقي العليمي "الضوء الأخضر" من السعودية للمضي قدمًا في الاتفاق مع صنعاء، وهو ما قد يكون مدعومًا بتوجيهات من الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
في الوقت نفسه، تسعى السعودية إلى تقوية علاقتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة عبر استثمارات ضخمة، حيث رفع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قيمة الزيارة إلى تريليون دولار.
رغم أن السعودية كانت تأمل أن إعلاناتها السابقة عن استثمار 600 مليار دولار في أمريكا قد أغلق الباب أمام الابتزاز الأمريكي، إلا أن تصريحات ترامب الأخيرة كانت مفاجئة، حيث وصف بن سلمان بـ"المجنون" وأكد أنه سيطلب تريليون دولار إضافي.
ربما أدركت السعودية أخيرًا أن تعويلها على ترامب لا يخرج عن نطاق الابتزاز، حتى لو كانت قد حصلت على دعم واشنطن في تصنيف حركة أنصار الله.
لذلك، قررت السير في خطة كانت قد تعثرت بسبب معارضة أمريكا، خاصة مع التصعيد العسكري الأخير في فلسطين وتصاعد العمليات اليمنية ضد الاحتلال وحلفائه.
في الواقع، قد تشكل هذه الخطوات الجديدة محاولة هامة في ظل إذا ما اقترنت بجدية النوايا من الأطراف الخارجية.
ومع ذلك، فإن توقيت هذه المبادرات يثير تساؤلات حول ما إذا كانت مجرد اختبار لرد فعل صنعاء أو محاولة لخلق توازن داخلي بين العليمي وحلفائه. ويبقى السؤال الأبرز حول مدى توافق أعضاء المجلس الرئاسي والتحالف السعودي، حيث لا يبدو أن هناك إجماعًا بين الأطراف.
ومؤخرًا، كان المجلس الانتقالي هو الأكثر تحمسًا للتصعيد، بينما الامارات كانت تراقب التحركات بحذر، إذ حاولت في مناسبات عدة اعتراض محاولات التقارب بين اليمنيين.
بينما تبقى الدوافع غير واضحة تمامًا، يبقى أن أي خطوات باتجاه التقارب اليمني – اليمني قد تكون خطوة إيجابية.
وقد سبقت صنعاء هذه المبادرات بخطوات أكثر جراءة، مثل إطلاق سراح عشرات المقاتلين من الجبهات بمبادرة أحادية، بالإضافة إلى مناقشة ترتيبات صرف مرتبات موظفي محافظة تعز التي ما زالت عالقة بسبب الصراعات الداخلية بين العليمي والإصلاح.
المصدر
مساحة نت ـ أمل علي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news