“مأساة واق الواق” للأديب الزبيري.. محاكمة أدبية لنكبة اليمن تحت الامامة (ملخص كتاب)

     
يمن ديلي نيوز             عدد المشاهدات : 19 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
“مأساة واق الواق” للأديب الزبيري.. محاكمة أدبية لنكبة اليمن تحت الامامة (ملخص كتاب)

عرض الرواية لـ”يمن ديلي نيوز” عبدالله العطار:

في هذا العرض يستعرض “يمن ديلي نيوز” رواية “مأساة واق الواق” للشاعر الكبير والثائر محمد محمود الزبيري، والتي ألفها في أواخر الخمسينيات كما يقول الدكتور عبدالعزيز المقالح، وصدرت في 324 صفحة.

تمهيد

رواية واق الواق لم تكن رواية عادية كباقي الروايات المؤلفة، بل إنها صورة حقيقية لوضع اليمن المأساوي الذي عاشه الشعب في عهد الإمامة، صور فيها الراوي واقعا يمنيا حقيقيا تم تغييبه عن العالم وعن الشعوب الأخرى، عن قصد من قبل الإمامة التي مارست كل أنواع الترهيب والعذاب والعبودية على الشعب المسكين، بل وعزله تماما عن الأمم والشعوب الأخرى.

ومع اختلاف كثير من النقاد حول مأساة واق الواق هل هي رواية أم لا، إلا أنها استطاعت تصوير الواقع بطريقة درامية ذكية مستندة إلى شخصيات حقيقية أدت أدوارها بدقة وإبداع.

يرمز “الزبيري” من خلال “مأساة واق الواق” إلى مأساة بلاده اليمن الذي لم يعد سعيداً، بعد أن تآمر عليه المفسدون في الأرض، فنشأت الخلافات الحادة بين القبائل، وتشتت شملها وذهبت ريحها، وتمزقت بين المذاهب الدينية والسلالات العنصرية، والقبلية والمدنية.

المؤلف ذكر أشخاصاً ومدناً ومناطق يمنية في روايته، لأنه يرمز من خلال “مأساة واق الواق” إلى مأساة بلاده اليمن الذي لم يعد سعيداً، بعد أن تآمر عليه المفسدون في الأرض، فنشأت الخلافات الحادة بين القبائل، وتشتت شملها وذهبت ريحها، وتمزقت بين المذاهب الدينية والسلالات العنصرية، والقبلية والمدنية، وأثرى الأثرياء على حساب فقر الفقراء، واستمد الأقوياء ظلمهم، من ضعف الفقراء وهوانهم، وانشطرت اليمن إلى شطرين.

ونقلت رحلة “العزي محمود” مشاهد موغلة في المأساوية والرعب لما يلاقيه المجرمون الذين التقى بهم في النار، بعد أن التقى بالشهداء والمناضلين في الجنة، حتى إذا انتهت الرحلة التي قال عنها: (الحقيقة أنها مجرد رؤيا مروعة، وممتعة أيضاً، ولقد غسلت بها أوضار قلبي، ولكن وطني لا يزال ضائعاً)، وبذلك أنهى “العزي محمود” رحلته التي بدأت أحداثها في الأزهر الشريف، بمساعدة بعض علماء الأزهر، وهم قد استبعدوا أسلوب تحضير الأرواح كوسيلة للتعرف على وطن “العزي محمود”، ورأى أحدهم أن يترك للشيخ “سعدان زكي” أمر رحلته بحثاً عن بلاده اليمن “واق الواق” عن طريق التنويم المغناطيسي.

ولا يمكن تصور ما ذكره الراوي من مشاهد مروعة ومخيفة من العذاب إلا بعد قراءة هذه الرواية التي قال عنها الدكتور المقالح: (إن هذا العمل الروائي الشعري حقق ما لم تحققه آلاف القصائد التحريضية والهجائية للنظام المباد، ونجح، ومن خلال تقنية ليست مبتكرة تماماً، في التقاط صور الواقع المذهلة والمرعبة، وخروجه بصور مدهشة ومثيرة، تلاقى الواقع والخيال في صنعها).

وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث لا يزال اليمن يعيش مآسيه المروعة على أيدي العملاء والمتاجرين بمصيره بعد أن ارتهنوا للأجنبي وأتمروا بأمره، وغلبوا مصالحهم على مصلحة بلادهم.

ملخص الرواية

ملخص رواية ” واق الواق ” للزبيري كان العزي محمود في الأزهر الشريف مع مجموعة من الشيوخ، ودخل معهم في مناقشات حول بلده ” واق الواق ” ، وبعد تلك المناقشات تمت عملية تنويم مغناطيسي له، حتى يعطيهم معلومات عن بلده “واق الواق”، وتنجح العملية فيدخل في رؤيا تتضمن رحلة إلى العالم الآخر، فبدأ من اللحظة الأولى حين رأى نوراً من قبر الإمام الحسين إلى السماء، واقترب منه الملاك ورافقه في الرحل.

أثناء الرحلة يلتقي بالحورية لميس بنت اسعد الكامل، فيتعارفان وتردد شيئاً من قصائده، ويدور حوار طويل بينهما والملاك المرافق له يستمع لهما في إنصات، وبعد فترة يلتقي بشهداء اليمن، فيعانقونه بحرارة واحدا واحدا.

وبينما هو يحاورهم إذ جاء ملاك آخر ونادى أين العزي محمود؟ وأبلغه أنه مطلوب من السلطات العليا في جهنم!

ووجد العزي محمود نفسه محلقاً في فضاء رهيب خارج منطقة الأعراف، ثم أحس فجأة أن الملاك يمرق به بين السنة اللهب، وأقبل عدد من الزبانية والبسوه درعاً واقية ضد اللهب، ودار حوار بينه وبين مالك خازن النار، وردد عليه الملك شيئاً من أشعاره، واصطحبه رائد الجحيم إلى دركات النار حيث يقبع الظالمون مثل نيرون الروماني والإمام يحيي، والتقى بالخونة من المعممين والقضاة والجواسيس وكل أتباع الإمام يحيي (العماد) والوشاح حتى فار مأرب.

عاد العزي محمود مع الرائد، وفي الأعراف التقى مرة أخرى بالشهداء، وعلى رأسهم حميد الأحمر والموشكي، واتجهوا إلى علي بن أبي طالب، وطلبوا منه الترخيص بدخول الجنة للعزي محمود لأنه لم يمت بعد. وتم له لك فدخل الجنة مع الشهداء وعمل لقاءات عدة مع أهل الجنة من رجال اليمن مثل: سيف ابن ذي يزن ، ثم ذهب إلى محكمة الحب، وهي محكمة برئاسة أسماء ذات النطاقين وعضوية رابعة وغزالة وليلى العامرية، وتبت في قضايا الحب والزواج، وتدع الأمر للمرأة في أن تختار الشريك المناسب لها.

تعد رواية مأساة واق الواق الرواية الأولى في اليمن ولكنها للأسف لم تدرس دراسة حقيقية حتى الآن رغم وجود قراءات هامشية أو سطحية عنها، وهذا ما يجعلنا ندعوا الباحثين إلى تناولها تناولا عميقا تفصيليا بدراسات قائمة على أسس علمية تمنح الرواية حقها الأدبي.

ثم يذهب لزيارة مقابر الأحياء، ثم ذهب إلى المؤتمر الكبير الذي حضره الامام علي بن أبي طالب، قاضياً في دعوة قدمها المدعي العام الإمام زيد بن علي، على الإمام أحمد بأنه مال عن طريق آل البيت، حين سلب شعبه حق الحياة ، وسرد تهما عدة ضده ، ثم طلب الإمام علي محامياً على المدعي عليه ، فلم يرض أحد وفتحت جهنم، وطلب من أبيه العماد أن يدافع فرفض هو الآخر، ثم طلب من هولاكو ذلك فرفض أيضا، وذكرهم بأن الطغاة أصدقاء.. فردوا لا صداقة في الجحيم، ثم قبل المنصور فلان الدفاع، وكان الحكم أخيراً بأن الوشاح أحمد يا جناه لا يمثل سلطة دينية ولا دنيوية، وانصرف الإمام علي، وظل الجمع يناقش مشكلة اليمن، ثم قام الشيخ سعدان بإجراء العمليات اللازمة لاستعادة وعي العزي محمود.

انطباع

بعد هذا الملخص المختصر نجد أن المؤلف بأسلوبه استطاع أن يجذب القارئ وجعل البطل يقوم برحلة روحية إلى العالم الآخر، لكي يقدم دليلا مخزيا ضد الدول الكبرى التي لم تعرف اليمن رغم التقدم الكبير فيها.

قابل البطل الشهداء وحاورهم وقابل القضاة المجرمين وقابل المخبرين وقابل الشعراء والمتصوفة وقابل كل بطانة الأئمة المرتزقة المعذبين الذين ساندوا الطغيان الإمامي ومن خلال كل هذه الشخصيات استطاع أن يصور اليمن تصويرا دقيقا وخصوصا تصوير الأوضاع المأساوية التي كانت تعيشها اليمن.

وجاء المؤلف بعلي بن أبي طالب لينتهي به إلى الرأي الذي يقترب من رأي المؤلف تماما والمتمثل في توضيح الإمامة وخطرها على وحدة اليمن.

نعم لقد أبدع المؤلف وخصوصا عندما ترك البطل في النهاية العزي محمود مع الشهداء الأحرار يتداولون الآراء ويتناقشون حول مستقبل بلادهم، ودعوته إلى اختيار نظام حكم شعبي يمثل الشعب على أسس ديمقراطية والمساواة بين المواطنين.

إنها دعوة إلى الثورة وقيام الجمهورية وإسقاط الحكم الإمامي وهذا هو ما يمثل الهدف من تأليف هذه الرواية.

لقد كان المؤلف موفقا جدا في هذه الرواية التي تعد الأولى في اليمن ولكنها للأسف لم تدرس دراسة حقيقية حتى الآن رغم وجود قراءات هامشية أو سطحية عنها، وهذا ما يجعلنا ندعوا الباحثين إلى تناول هذه الرواية تناولا عميقا تفصيليا بدراسات قائمة على أسس علمية تمنح الرواية حقها الأدبي.

وفي نهاية (مأساة واق الواق)، يؤكد الراوي العزي محمود أن ما حكاه “مجرد رؤيا مروعة وممتعة… والنائم يخلط في تصوراته للأشياء التي بينها علاقة من التشابه ويستعير صور وأسماء الأشخاص والبلدان والأشياء والوحوش كرموز لنظائرها وأشباهها بالضبط كما يصنع الشعراء والروائيون.

فكما تستعار أسماء أبطال التاريخ القدامى لأبطال محدثون، وكما يرى النائم صور الوحوش والأفاعي رمزا للأعداء المتربصين، كذلك استعارت روحي المنومة أسماء كاسم الوشاح وذلك ضمن ما استعارته من صور رائعة أو مروعة، وشخصيات حبيبة أو مفزعة، وكل تلك إنما كانت رموزا لحقائق الحياة في وطني المجهول: واق الواق”.

يقول الدكتور المقالح عن الرواية: هذا العمل الروائي الشعري حقق ما لم تحققه آلاف القصائد التحريضية والهجائية للنظام المباد، ونجح، ومن خلال تقنية ليست مبتكرة تماماً، في التقاط صور الواقع المذهلة والمرعبة، وخروجه بصور مدهشة ومثيرة، تلاقى الواقع والخيال في صنعها.

وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد الزبيري أنه قد اضطر إلى استخدام الأسماء الخيالية والرموز بسبب النفوذ الذي ما زال الإمام حينئذ يتمتع به. وقد ردّ العزي محمود – بطل الرواية- على الصحفي الذي سأله عن سبب إحجامه عن ذكر الاسم الحقيقي لـ ”الوشاح” جلاد واق الواق قائلا: “لستم أنتم بالذات السبب بل الصحافيون الأحياء إخوانكم والناشرون وأصحاب المطابع؛ إنني لو ذكرت اسمه كاملا لامتنع الصحافيون عن ذكر كلمة واحدة عن كتابي وامتنع الناشرون والموزعون وأصحاب المطابع عن طبعه وتوزيعه وهكذا نجد نفوذه حيث كنا.

يقول الدكتور مسعود عمشوش عن الرواية: وفي الحقيقة يحتوي المستوى الثاني من البناء السردي لـ (مأساة واق الواق) على نقطة ضعف تكمن في تذبذب موقع السرد. فبعد أن يتم تنويم العزي محمود وإيقاظه يبدأ يروي رحلته. ويدون كاتب الشيخ سعدان كلامه بشكل مباشر أي أن العزي محمود يصبح الراوي/البطل.

وبسبب هيمنة الحوار بات دور الراوي محدودا إذ أنه يقتصر على الإشارة إلى انتقال الحديث من الراوي/البطل إلى الملاك أو العكس. لكن سرعان ما يتدخل السارد الأول ويأخذ على عاتقه مهمة السرد.

وفي بداية الفصل الذي يحمل عنوان (مع الشهداء) يتحمل العزي محمود مرة أخرى مهمة السرد لمدة (ست صفحات)، ثم يختفي العزي تماما كراو ويصبح مجرد بطل أو شخصية رئيسية حتى نهاية الرواية.

وبما أن هناك من يخلط بين المؤلف والراوي يمكننا أن نتصور أن هذا “الخطأ الفني” كان مقصودا ويمكن تفسيره برغبة المؤلف في التمييز بين الراوي والبطل العزي محمود.

بمعنى أن العمل الأدبي لا يكتمل فكما له إيجابيات فإن له سلبيات إلا أنه من خلال هذه الرواية استطاع فضح النظام الإمامي وجبروته وتعريف العالم على جرائمه.

لقد نجح الكاتب في هذه الرواية وكشف عن بلد تم تغييبه عن العالم، ونرجو أن تتم دراسة الرواية ونشرها على أبعد نطاق.

مرتبط

الوسوم

ملخص كتاب

مأساة واق الواق

الإمامة

الجمهورية اليمنية

الشهيد محمد محمود الزبيري

ثورة 26 سبتمبر

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مسؤول حكومي: انسحاب البارجات الأمريكية من البحر الأحمر.. وهذا ما سيحدث في اليمن قريبا

المشهد اليمني | 639 قراءة 

اشتباكات دامية بين قيادات حوثية بارزة في صنعاء وانباء عن تصفية هذا القيادي البارز

وطن الغد | 551 قراءة 

٣٠٠٠ ريال سعودي لكل من يدلي بمعلومات عن هذا الطفل في صنعاء

كريتر سكاي | 480 قراءة 

جماعة الح وثي تدعو السعودية إلى هذه الخطوة

كريتر سكاي | 430 قراءة 

من خلف القضبان إلى الموت.. النسيم يودع الحياة بعد أن قتله الحوثيون ببطء

حشد نت | 421 قراءة 

مسؤول حكومي: بدء معركة التحرير ضد المليشيات الحوثية الإرهابية

سما عدن | 329 قراءة 

مسؤول حكومي: بدء معركة التحرير ضد المليشيات الحوثية الإرهابية

موقع الأول | 326 قراءة 

الجيش اليمني يصدر إعلان عاجل بشأن تطورات الأوضاع في جبهات مأرب

وطن الغد | 280 قراءة 

في خطوة مفاجئة.. إدارة ترامب تطلق نهجًا جديدًا للتعامل مع الأزمة اليمنية

وطن الغد | 270 قراءة 

العثور على مواطن وزوجته وابنه مقتولين في منزلهم بمحافظة تعز

يمن فويس | 255 قراءة