كانت تلك هي أهم امنياتها التي حدثتني عنها قبل عدة سنوات ،حيث كانت مسكونة بحب البلد حتى آخر لحظات حياتها التي غادرتها صباح هذا اليوم بالقاهرة.
يعود تاريخ معرفتي بها مع بدايات تأسيس جامعة الملكة أروى، حيث كنت مسؤلا ً إعلامياً للجامعة وتواصلت علاقتي بها مع تعيينها وزيرة لحقوق الإنسان وحتى مع إنتقالي لعملي الخاص و لاحقاً للعمل بوازرة الاعلام.
كانت -رحمة الله تغشاها – تتمتع بصفات قيادية وأكاديمية فذة، وبقوة الإرادة حد الإلهام في مواجهة كل التحديات والصعوبات ، كانت تتحلى بعزيمة قَـلَّ أن نجد لها نظيراً، ومع ذلك لم تفقد بساطتها في التعامل مع من حولها، ببساطتها تلك كانت تزرع مكانتها ومحبتها في قلوب الآخرين.. بينما كانت بقدراتها ومواهبها القيادية والأكاديمية تصنع مجداً وتغرس في قلب التاريخ حكاية امرأة يمنية عصامية واجهت معتركاتها منفردةً وبعزيمة لا تلين وبثقة واقتدار قلَّ أن نجد لها نظيراً؛ وحين كانت تخوض غمار معتركاتها الأكاديمية والعلمية فلا تخوضها إلا وهي متسلحة بالقِيَم والمبادئ التي اعتنقتها، وكانت لا تبرح موقعها حتى تحقق أهدافها ليست الشخصية بل تلك التي لم تهادن أو تساوم أحداً عليها يوماً ما، والتي كانت جميعهاً مرتبطة بالقضايا المجتمعية والوطنية وحتى القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي ملأت وجدانها وشغلت فكرها كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية حتى أنها ذات مرة قطعت مشاركتها في أحد المؤتمرات بالقاهرة لتعود إلى صنعاء لتشاركنا الاحتفال بيوم القدس الذي كانت تنظمه الجامعة سنوياً ومن المطار إلى قاعة الاحتفال الذي أقمناه بقاعة الدراسات والبحوث.. كنت معها وهي تخوض غمار أهم معتركين بالنسبة لها، الأول حين كانت أول امرأة تؤسس وترأس جامعة أهلية في اليمن ولربما في الوطن العربي، والمعترك الآخر هو كونها أول امرأة تتولى مهام وزارة حقوق الإنسان في وقت كان فيه مفهوم حقوق الإنسان في مجتمعنا مايزال في مستوى متدنٍ . وفي كلا المعتركين كان لها سِفرٌ يخلَّد في تاريخ حركة المرأة اليمنية -رحمة الله تغشاها- خلال مسيرتها الوطنية والاكاديمية . كان الحنين يشدها للعودة سريعاً لولا ظروفها الصحية..كانت تريد ان تتجاوز المسافات. لتلتقي وطنها واهلها وناسها وتلاميذها لكن القدر كان اسرع وهاهي اليوم يوارى جثمانها الثرى بالمدينة التي احبتها كثيراً قاهرة المعز.رحمها الله رحمة الابرار
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news