في حوش إحدى المؤسسات الثقافية يصل سامي مع فتاة في سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة، يصرخ عن بعد قائلا: هذي بنت أختي نيرمين خلصت امتحانات الثانوية العامة ولها اهتمات ثقافية، واتجه مباشرة إلى قاعة الندوة وهي بابتسامة أدفأ من خبز الصباح أقبلت نحوي، وقالت: صباح الخير عمو، ليش انت مش معاهم في الندوة؟.
قلت لها: تعالي تعالي وشوفي طابور النمل هذا، الكل منشغل بجلب الطعام قبل موسم المطر، لي أكثر من نصف ساعة أتأمل وأقول: ماذا لو تخلفت نملة؟ هل هناك من يفتقدها؟، هل سيحس مجتمع النمل بغيابها؟ هل لها مكان محدد للنوم أو الجلوس؟ وكيف تحصل على الكمية الخاصة بها من الطعام؟ هل لها أسرة صغيرة؟ هل لديها وقت فراغ للعب واللهو؟ هل هناك صداقات وعداوات، وهل هناك عقاب؟، والكثير من الأسئلة تواردت إلى ذهني في هذه النصف ساعة.
كانت نيرمين تتأملني ووجهها الباسم يزداد بريقاً، أدخلت يدي في حقيبتي وأخرجت علبة السجائر والولاعة وأخرجت حبتا علكة أعطيتها حبة والثانية لي، شكرتني بعد أن حولت ابتسامتها الصغيرة إلى أكبر وقالت:
قبل خمس سنوات كنت أراقب خالي الأصغر من نافذة غرفتي ودون أن يراني، كان في حوش البيت منشغلاً بسرب من النمل، ظل لمدة أكثر من ساعة يراقب ويراقب، دون أن يتحدث مع أحد، الآن قلت لنفسي:
ربما كانت الأسئلة هذي تجول في ذهنه ساعتها، هل تعرف يا عمو بعدها بفترة أدخلوه المصحة النفسية، وهناك بدأ يصرخ، زادات ربشته ورجعت ربشة محترمة، بعد ذلك نصحونا أن نذهب به إلى القرية عند جدتي، كانت قد ظهرت عليه الراحة وصار وديعاً، فقد خصصت لج جدتي غرفة مع حمامها جنب الدار، وكان يساعدها في كل أشغالها بفرح ومرح ونشاط…….
قبل ستة أشهر وجدوه غريقاً في بركة القرية التي لا تبعد كثيراً عن الدار، وقال الحاج اسماعيل أنه أثناء الخروج لصلاة الفجر سمع صوته وهو يسبح ويغني، ولما عرف أنه سمير تركه لحاله، وفي الصباح انتشر الخبر بأنه غرق في البركة مع مجموعة كبيرة من كتبه. هنا انفجرت باكية فاضطررت للانسحاب من جوارها ورحت أدخن بعيداً ، لاحظني سامي وجاء، سحبته إلى منطقة أبعد قليلاً وقلت له: لقد تذكرت سمير أخوك، دعها تبكي حتى ترتوي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news