في إطار مهمة إنسانية طموحة، انطلق المشاركون في حملة "رحلة الأمل" في رحلة لا تُنسى عبر الصحراء، من أبوظبي إلى اليمن. وكان هدفهم جمع 200 ألف دولار أمريكي لصالح مشاريع التنمية في اليمن.
وعلى طول الطريق، واجهوا سلسلة من اللحظات المفاجئة والتحديات، من مطاردة الجمال الهاربة إلى الحفر بحثاً عن الطعام في الصحراء، واكتشاف الأموال النقدية المدفونة أثناء الحفر في الرمال.
بدأت الرحلة في الأول من يناير 2025، بقيادة مستكشف الصحراء المخضرم "مايك إتزجر" والمتنزه المحترف "دانييل شينكيفلد"، اللذين انطلقا في رحلة بطول 2200 كيلومتر عبر صحراء الختم. وانضم إليهما أربعة متجولين مؤقتين: بيتر بونس، ومحسن سليمان وابنه محمد رامز البالغ من العمر 14 عاماً، وعمر عبد الله البالغ من العمر 15 عاماً. وكان رفاقهم الوحيدون جملين مشهور وفاتر سمحة، اللذين حملا إمداداتهما طوال الرحلة.
مشاكل بسبب الإبل
لقد ثبت أن الأيام الخمسة الأولى من الرحلة كانت بعيدة كل البعد عن المعتاد. كانت الظروف الصحراوية القاسية كالمشي بصعوبة وسط الرمال الناعمة التي لا نهاية لها، والذباب الذي لا يرحم، والحرارة الشديدة مجرد بداية. أما الدراما الحقيقية فقد جاءت من الإبل، وخاصة فاتر سمحة، وهي ناقة برية بدت عازمة على إثارة المشاكل. فقد كانت تهرب في كثير من الأحيان، وتركل كل من يقترب منها، وتختفي لساعات في كل مرة.
"من الصعب أن نتخيل التحديات التي واجهناها في تلك الأيام القليلة الأولى"، كما قال إيتزجر. "لقد أصيبت جمالنا بالذعر من الكثبان الرملية التي كانت تتسابق حول الصحراء ليلاً، وهربت كلتاهما. كان علينا أن نفترق ونبحث لأكثر من ساعة قبل أن نعثر عليهما أخيراً، على بعد كيلومتر واحد تقريباً من معسكرنا.
وأضاف "لقد كانت معجزة، لم نكن نتخيل حتى ولو لمليون عام أن نتمكن من العثور عليهم".
ازدادت الأمور سوءاً في اليوم التالي عندما هربت فاتر سمحة مرة أخرى، وركضت بحرية وركلت كل من حاول السيطرة عليها. رغم الجهود المتعددة، بما في ذلك مطاردتها لمسافة تتجاوز 10 كم، إلا أنها ظلت غير قابلة للسيطرة، مما أجبر إيتزجر على استئجار شاحنة لإعادتها إلى مزرعة صاحبها في الشارقة. ومع ذلك، كان إدخالها إلى الشاحنة معركة حقيقية، حيث كانت تتدحرج وتقاوم كل المحاولات لتحميلها.
"كانت تتدحرج حول الشاحنة لتجنب الدخول إليها، كان الأمر كما لو كانت مصممة على عدم المغادرة"، كما وصف إيتزجر.
بالنسبة لسليمان، كانت التحديات أكبر من أن يتحملها. ففي اليوم الثالث، أصيب عندما انتزعت فاتر سمحة حبلاً من يديه وركضت نحوه، مما تسبب في حرق شديد تطلب عناية طبية.
وأوضح سليمان الذي قرر قطع رحلته بسبب الإصابة التي يعاني منها، أن "الشفاء من الإصابة سيستغرق نحو ثلاثة أسابيع".
العثور على لحظات من الصداقة
وبينما كانت الإبل تمثل تحدياً، وجد المتنزهون لحظات من الصداقة والفكاهة والتعلم. فقد تعرفوا على نباتات الصحراء، وحفروا بحثاً عن الطعام، بل وتعلموا أيضاً كيفية البقاء على قيد الحياة في الصحراء. ويتذكر سليمان أن المجموعة عثرت على نبات الزنبق الصحراوي، وهو نبات جذري حلو المذاق عند غليه ولكنه مرير بعض الشيء عند تناوله نيئاً.
كما تعلموا مهارات البقاء العملية مثل إشعال النيران باستخدام الصوان والتنقل عبر الرمال المتحركة في الصحراء. وأجبرت عاصفة مطرية غير متوقعة في عطلة نهاية الأسبوع الأولى المجموعة على البقاء في خيمة صغيرة، وهي اللحظة التي أصبحت مصدراً للضحك والترابط.
وقال سليمان "كان الأمر مضحكاً للغاية كيف تمكنا جميعاً من التجمع داخل الخيمة الصغيرة عندما بدأ المطر يهطل بغزارة".
كما واجهت المجموعة تحديات عملية أخرى. ففي اليوم الثاني، ظلت الإمدادات تنزلق من على الجمال، مما دفعهم إلى اللجوء إلى حل ارتجالي. وقال: "ارتجلنا من خلال إحداث ثقوب في الأكياس لتمرير الحبال من خلالها. ولكن في النهاية تمزقت الأكياس وسقطت الأمتعة على الأرض".
وهنا تدخل إيتزجر بمهارة أخرى للبقاء على قيد الحياة. "فقام بتمزيق حبل إلى نصفين واستخدم الخيوط لخياطة الأكياس معاً مرة أخرى. ولحسن الحظ، كان لديه إبرة معه"، كما أوضح سليمان.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة، أثبتت الرحلة أنها "تجربة فريدة من نوعها"، وفقاً لسليمان. وذكر أن ابنه استمتع بشكل خاص "بإشعال النار في المخيم، وقطع العشب لإطعام الإبل، والنوم تحت النجوم".
وأضاف "أفكر في الانضمام إلى مايك مرة أخرى لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، أينما كان بالقرب من عُمان، قبل أن يخوض رحلة أعمق في الصحراء".
في لحظة مرحة، اكتشف محمد رامز البالغ من العمر 14 عاماً وعمر عبد الله البالغ من العمر 15 عاماً أرجوحة قديمة في أحد مواقع التخييم الخاصة بهم واستمتعوا بالتأرجح في الصحراء. خلال هذه اللحظة المرحة، تعلموا مدى سهولة اختفاء الأشياء تحت الرمال الناعمة؛ قال سليمان مبتسماً: "أسقط ابني هاتفه أثناء التأرجح، وسرعان ما دُفن تحت أكوام الرمال".
المهمة في اليمن
ورغم أن الرحلة عبر الصحراء كانت بمثابة مغامرة، فإن الهدف الحقيقي من رحلة الأمل هو دعم الجهود الإنسانية في اليمن. وسوف تساهم الأموال التي تم جمعها من هذه الرحلة في العديد من المشاريع المنقذة للحياة في اليمن. وتشارك رحلة الأمل بالفعل في جهود إنسانية مختلفة، مثل عيادة نسمة وسندباد الطبية، التي تأسست في عام 2013 وسميت على اسم اثنين من جمال إتزجر التي نفقت. وتوفر العيادة خدمات الرعاية الصحية الأساسية لليمنيين في المناطق النائية.
بالإضافة إلى ذلك، قامت رحلة الأمل بتمويل إنشاء بئرين للمياه العذبة، بهدف توفير المياه النظيفة للأحياء في اليمن. ويركز المشروع على التخفيف من أزمة ندرة المياه التي أثرت بشكل عميق على المنطقة.
ويشكل برنامج تدريب تربية الماشية في بور بوادي حضرموت حجر الأساس في مهمة رحلة الأمل. ويهدف هذا البرنامج إلى تمكين اليمنيين من المهارات اللازمة لتربية الماشية، وبالتالي تعزيز الاكتفاء الذاتي. وأوضح إيتزجر: "نأمل في خلق ما بين 1000 إلى 2000 فرصة عمل جديدة سنوياً من خلال هذا البرنامج".
"لقد شهدنا حتى الآن نجاحاً كبيراً، حيث تخرج 17 طالباً، ولديهم الآن الأدوات اللازمة لإنشاء سبل عيش مستدامة لأنفسهم ولأسرهم."
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news