عدن توداي
مياسة شرف فارع.
هناك توهم نفسي غريزي لدينا وهو اعتقادنا أننا أتينا إلى هذه الدنيا لنكون سعداء، ولكن طوال حياتنا نعاني من الذكريات الأليمة، فإذا بنا نبتلى في أنفسنا وفي معارفنا وفي مالنا، ونذوق كل ألوان الألم، رغم كل ذلك لا نملك أن نجعل أنفسنا تعتقد بأن هذه الدنيا عالم الآلام والهموم، دائماً ما نقول بيننا وبين أنفسنا “كلا ثم كلا لا ينبغي أن تصيبني هذه الحوادث ولن أستطيع ان أتحملها” ولكن ما يحدث هو العكس فنحن نعيش حياتنا ونحن في قلب الآلام والهموم، ومع أننا كثيراً ما نشعر بخيبة الأمل، واللوم على أنفسنا مرات لا تعد ولا تحصى، إلا أننا نتجاوز كل ذلك، ومرة أخرى نعود إلى الآلام والهموم أضعاف ما عشناه، ولكن في كل مرة لا نريد الإقرار بالبلاء.
(مهما تخدع نفسك فلا حياة بلا ألم) اجعل هذه هي قاعدتك الأولى دائما، فكما قال الله في الآية الكريمة “وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” فتُبتَلى بأولادك أو تُبتَلى بزوجتك أو تُبتَلى بزوجك الذي تحب حباً جماً، وقد يكون البلاء في أموالك أو بضائعك التي تستنزف روحك في تجميعها ليل نهار، وقد يكون البلاء في صحتك، فقد كنت تقول بالأمس (أنا بصحة جيدة) ولكن اليوم أنت مريض، وكذا وكذا.. هل يوجد في العالم أحد بلا ألم يشغل رأسه؟! ما أجمل اجابة سعدي الشيرازي حين قال: (لا يوجد في العالم إنسان بلا ألم وإن وجد فهو ليس إنسان) في كل رأس فكرة تشغله وعلى كل سن ألف فكرة، لا تخلو ناحية ولا زاوية ولا بيتاً من الألم! يأتي عليك أوقات تتكدر فيها روحك أليس كذاك؟ وعندها تظن أن العالم كله سعيد إلا أنت، وأن جميع المشاكل والهموم قد أصابتك، وكأن العالم كله قد انقض فوق رأسك، حتى إنك تظن أن روحك خرجت إلى عالم الهموم! هنا تتجلى الإنسانية ويتضح إننا متميزون عن المخلوقات الأخرى بل إننا منفردون! الإنسان عجين من المشاكل والهموم، عندما نريد أن نخبز العجين نعجنه أولاً ثم ننتظر ليخمر، كذلك الإنسان لا يعرف حالة عجينه أي (طبعه) إلا عندما تصبه المشاكل والهموم.. فهل يستوي المخبوز والنيء؟! كل مشكلة تمر على الإنسان تجعله أكثر نضجاً ويعتاد عليها كلما زادت فيستطيع التعايش معها إضراراً، فيصبح أكثر نضجاً وأكثر قدرة على التحمل وأكثر عطفاً على الآخرين وأكثر تسامحاً معهم وإلخ.
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news