د/ أيوب الحمادي:
عندما أشاهد حالنا اليوم أفهم، لماذا لم نفلح منذ ١٥ قرنا؟
فالأحباش سيطروا على اليمن، ولم نكن قلة ، وإنما مثل اليوم ، وبعدها الفرس، وبعدها قريش والاتراك وغيرهم برغم امتلاكنا كل مقومات ان نكن امبراطورية وقتها.
وعلى سبيل المثال قبيلة يمنية واحدة-بجيلة – كانت ثلث الجيش في القادسية ، ولم أذكر بقية القبائل اليمنية ، لكن كانوا شقاة باليومية .
وفي اليرموك كان أغلب الجيش قبائل يمنية وغيرها ، لكن كانوا شقاة باليومية.
في الوقت الذي كانت قريش تطمح لبناء حقبة جديدة وتهدم امبراطوريتين ، ونحن نطمح نكون فقط شقاة باليومية.
دخلت قريش الإسلام بعدنا وصارت إلى اليوم مركز المنطقة كمملكة ، وتنافس أمم، والأتراك، وايران، واثيوبيا، والامارات، وحتى قطر الكل يطمح وهذا حقهم، ونحن لازال طمحونا نكن شقاة باليومية عند الغير حتى في بلدنا.
يظل في ابناء اليمن خصلة غريبة إلى اليوم، وهي أنهم يحاربون بعضهم بعضا ، ويستبسلون على مر التاريخ، وكل واحد منهم ينافس يمني آخر ، ويريده أن يفشل وبشدة ليشبع غروره .
ولذا نجحوا فقط في إعاقة بعضهم بعضا ، فكانوا اسهل فريسة لغيرهم.
فمثلا لم يطمحوا أن يكون واحد منهم في رأس الدولة الإسلامية ، برغم أنهم عرفوا الدولة وتركيبها قبل غيرهم ، وأبناؤهم بعدد الحصى في الجيوش المختلفة، بمعنى في كل تأريخهم كانوا شقاة مع غيرهم وإلى اليوم باليومية.
فالخلافة الإسلامية والأموية والعباسية كانت في قريش، وحتى في الأندلس على سبيل المثال ، كانوا أكثر تفوقا وعددا ، ولكن ما أن وصل إليهم قريشي، وهو ” الداخل ” إليها هاربا ، حتى صاروا شقاة معه باليومية، ولقرون بعده.
عني معجب بالتاريخ التركي لأنه وجد من الصفر، ومابين القبيلة والدولة أقل من جيل فقط.
فمن ارطغرال ولدت الفكرة ومع إبنه كان ميلاد دولة سوف تغير التأريخ وأوروبا.
فالأتراك انتزعوا الخلافة مثلا في منطقة صراع وأسسوا دولة من بين التتار والسلاجقة والروم ، وأصبحوا خلافة بجهد ومثابرة وبقيم وفضيلة.
والمماليك سيطروا على العالم الإسلامي ، وتركوا أثرا .
والتتار بعد ماعصدوا العالم اسلموا، وسيطروا على الهند والسند وغيرها وتركوا أثرا .
ونحن لازلنا ندور واحد من قريش أو من الخارج إلى اليوم نشقي معه باليومية، ونشغل حالنا بمفهوم وسلوك من منا يرتزق أكثر على حساب بناء دولة نكبر بها وتكبر بنا بين الأمم.
فمن دون زعل انظروا لحالنا، فالكثير من أبناء اليمن لا يحلمون إلا أن يكونوا مجرد أتباع أي شقاة باليومية عند الجوار أو عند إيران أو عند غيرهم، نخب وقيادات وحتى شيوخ وعسكر.
قيادات البلد أيضا لا تشاهد على وجوهم عزة النفس، ولا قوة اليمن، ولا آثار التأريخ، ولا الشغف إلى امتلاك القرار، أو القدرة والمعرفة.
والله الشاهد أن الإنسان يخجل أنهم دائما أصحاب ثقافة استجداء، وليسوا أصحاب مبادرة أو مشروع .
حتى أحلام النخب لم ترتق أن تكون مبادرة أو مشروعا يمنيا بحتا ، وإنما أصحاب مشاريع استجداء واستعطاف إن كبرت.
وحتى في مبادرتنا كنخب، كل مجموعة تسفه المجموعة الأخرى، أو تتهمها أو تتجاهلها لنثير إعجاب الغير بفكرنا أننا نفهم أو أننا محور ارتكاز، أو نحاول نحبط بعضنا بعض لنفشل كنخب، فينتهي بنا المطاف ان نكون شقاة باليومية كقدر ولعقود قادمة.
نحتاج فعلا مصحات نفسية لنعرف معنى الدولة، والتدافع لبنائها، وأننا اليوم بسلوكنا، ونهجنا، وعملنا في ميزان الدول مجرد صفر.
وأخيرا كانت هناك مقولة عنصرية تقول للامريكان إن قتلت عبدا اسودا هاربا فلا تحمل هم ، ففي الحياة الأخرى يبعثه الله لك أيضا عبدا .
وأخاف أن المرتزق اليمني الذي يبيع ببلده يبعثه الله يوم القيامة أيضا مرتزقا وشاقيا باليومية عندهم.
ومختصر الموضوع عندنا وطن رائع، وبشر يمكنه يبدع إن وجد مشروعا وقيادة تحب وطنها، وطبيعة وموارد وموقع، فماذا ينقصكم حتى تعيشوا بكرامة وسلام دون استجداء أو ارتهان أو بيع سيادة الوطن .
تعيشون دون صراع وقتل وبلطجة وتتنافسون في البناء والتنمية مثل الجوار.
لا أنكركم أنه يمكن أن نعيش نحن واجيالنا الجنة فيه لو تغير تفكيرنا ٤٥ درجة نحو الداخل في اتجاه الكرامة والمثابرة والعمل.
أقلها تكونون دولة تكبر بنا ونكبر بها ، يحترمكم الجوار والعالم بدلا من مشاريع الوهم، فالدول لا تبنى وأحلام أبنائها أن يكونوا مجرد شقاة وأتباع عند الغير ويبيعوا ويشتروا بثوابت بلدهم مع كل فرصة ومن دون زعل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news