بشرى العامري:
في اللحظة التي تمارس ميليشيا الحوثي المتمردة التعذيب الممنهج على المواطنين لتغرق في مستنقع القمع والوحشية دون هوادة، تسارع إلى نسج أكاذيب ساذجة لتزييف الحقيقة في محاولة بائسة للتغطية على بشاعة أفعالها.
فما أن تكشفت جرائم نظام بشار الأسد تجاه المعتقلين، وبشاعة الأساليب الوحشية التي تمارس في سجونه، حتى هرعت ميليشيات الحوثي في محاولة يائسة لتجميل صورة أقبية الموت التي حولتها إلى مسالخ للتعذيب والإذلال.
ولأن الكذب هو ديدنها، أعدت الميليشيات فيلماً دعائياً أسمته “نعيم السجون”، في مشهد أقرب إلى الكوميديا السوداء، زعمت فيه أن السجون التي تملأها أجساد المعتقلين، تفيض برفاهية الفنادق الفاخرة وتضم ملاعب مكيفة ومكافأة لكل سجين!
لكن المشاهد لم تحتج إلى تحليل طويل لكشف زيفها، إذ أظهر الفيلم نفسه كذب ادعاءاتهم، حتى أن صانعيه لم يتمكنوا من إخفاء ابتساماتهم اللئيمة التي فضحت سخريتهم من ضحالة قادتهم، الذين يتوهمون أن هذا التزييف يمكن أن يخدع العالم، فيما هو لايصدقه طفل لكن ذلك هو ديدنهم.
هذا الكذب سرعان ما انكشف وقع جريمة جديدة هزت الضمير الإنساني، جريمة مروعة نفذتها الميليشيات في أحد سجون صنعاء بتصفية سبعة مواطنين من أبناء تهامة، كانت قد برأتهم محكمة حوثية قبل أيام، لتعدمهم لاحقاً بدم بارد بحقن تحوي مواد سامة.
هؤلاء الأبرياء لم يكن ذنبهم سوى أنهم وقعوا في قبضة الطغاة، ورغم أن محكمة حوثية أصدرت حكماً بتبرئتهم قبل أيام، إلا أن يد الغدر لم تتراجع عن تنفيذ جريمة تضاف إلى سجلها الدموي.
لم تكتف المليشيا بإزهاق أرواحهم، بل أضافت إلى مأساة ذويهم عندما استدعوا أهالي الضحايا لاستلام جثثهم، وكأنهم يستمتعون بإتمام دائرة الألم والمعاناة.
جرائم الميليشيات تلك لا تتوقف عند القتل والتعذيب، فهي تقتل مرتين مرة حين تقضي على الأرواح تحت وطأة التعذيب والسموم، ومرة أخرى حين تسعى لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب، ضاربةً بعقول الناس واستفزازهم عرض الحائط.
وفي ظل إدانة المنظمات الدولية المتواصلة، التي تؤكد تورط قيادات الحوثي في جرائم تعذيب ممنهج وجرائم ضد الإنسانية، تحاول هذه الجماعة المجرمة عبثاً الهروب إلى الأمام، معتقدة أن التمثيليات الهزلية والأفلام الدعائية كفيلة بتطهير يديها الملطختين بالدماء.
اوهامهم تلك لم تعد تجدي، فقد تجاوزت بشاعة جرائمهم حدود التصور، إلى درجة تجعل الشيطان نفسه يتبرأ منها. وبلغت فظائعهم حداً يفوق وحشية أسوأ السجون في سوريا وايران.
هذه الميليشيات، التي تتغذى على الحقد والكراهية، ترى المجتمع عدوها الأول، فتصب عليه كل أنواع القهر والتنكيل. لذلك، ستبقى رمزاً للانحطاط والهمجية، وعدوةً للإنسانية، وشاهداً أبدياً على الظلم الذي لا يُغتفر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news