وسط جملة التحولات المتصاعدة، إثر رغبة المجتمع الدولي المتنامية في إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، تبرز تساؤلات عن مدى استثمار السلطة اليمنية الشرعية لـ"الظروف المواتية"، وتطويعها في خدمة هدفها الرئيس المتمثل في استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي.
ويرى المحلل السياسي، أنور التميمي، أن التطورات الإقليمية الجارية والهزائم التي لحقت بحزب الله والنظام السوري، حليفي طهران، وتداعياتها المباشرة على الحوثيين، "تمنح الشرعية اليمنية فرصة للأخذ بزمام المبادرة مرة أخرى".
وأشار إلى أن الحكومة أهدرت سابقًا فرصًا كبيرة لتعزيز دورها الداخلي والإقليمي، بعد أن منحها الإقليم مسنودًا ببعض الدول الفاعلة في العالم، "فرصًا ذهبية"، لكن الحكومة لم تستغلها.
مسارات سياسية وعسكرية
وذكر التميمي أن الكرة ما زالت اليوم في ملعب الشرعية اليمنية، "مع وجود لاعبين وفاعلين دوليين لم يكونوا بنفس الحضور الحالي، عند سيطرة الحوثيين على صنعاء في العام 2014، وعند اندلاع الحرب اليمنية في العام التالي".
وأكد أن على الحكومة القيام بتحركات دبلوماسية فاعلة، لتقديم نفسها بأنها الطرف الشرعي الأوحد، وليست مجرد قطب مقابل للحوثيين، والتوجه نحو مخاطبة الدول والهيئات التي منحت الحوثيين صفة لا يستحقونها، وطالبتهم بضرورة التوقف عن ذلك.
وشدد على أهمية مغادرة الحكومة اليمنية "موقفها الضبابي من التحالف الدولي المناهض للحوثيين وإسناد توجهاته الرامية إلى محاربة الميليشيا، فضلًا عن تحديد موقفها من الطرح الغريب وغير الناضج، لبعض أطرافها تجاه أي عمليات عسكرية دولية ضد الحوثيين؛ لأنها تقدم الميليشيات كمدافعة عن السيادة، وليست مجرد عصابة انقلابية مارقة".
وبشأن التحركات العسكرية الداخلية، قال التميمي إنها تتطلب قرارًا تشاركيًا مع الإقليم وكبريات الدول المؤثرة، "إلا أن هناك ممكنات أخرى، كأن يكون هناك تحرك عسكري محدود ومؤثر، كرد مبرر على تجاوزات الحوثيين الكثيرة، يمكّن قوات الشرعية من السيطرة على ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين".
العودة للسلام
من جهته، يقول خبير الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، الدكتور علي الذهب، إن خيارات السلطة الشرعية، على الصعيد العسكري، محدودة ومحكومة بالداعمين الإقليميين والدوليين وتوجهاتهم "إما إلى السلام أو العودة للحرب".
ويعتقد الذهب، أن الرغبة الدولية ما تزال بعيدة عن الخيار العسكري الحاسم ضد الحوثيين حتى الآن على الأقل، وبالتالي فإن من الوارد أن تبقى الأمور كما هي، وأن يكون الخيار القادم ماضيًا نحو عملية سياسية تمهد للوصول إلى السلام.
وأشار إلى مارثون المشاورات الجاري في الرياض على مدى الأيام الماضية، والذي قال إن المتوقع أن يتم الكشف عن نتائجه خلال الساعات المقبلة، من خلال الإعلان عن صيغة جديدة لاتفاق سياسي.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن مجلس القيادة الرئاسي سيعقد اليوم الثلاثاء، في العاصمة السعودية الرياض، اجتماعًا مهمًا بحضور جميع أعضائه، يتعلق بالمرحلة المقبلة وخيارات التعامل مع ميليشيا الحوثي، تتلوه لقاءات أخرى مع عدد من سفراء الدول العربية والدولية واللجنة الدولية الرباعية.
ويأتي هذا الاجتماع المرتقب، بعد سلسلة نقاشات يمنية مع عدد من المسؤولين الدوليين، تطرقت إلى مستجدات الأوضاع المحلية والتهديدات الحوثية المتزايدة على ممرات الملاحة البحرية، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ، قد عبّر خلال لقائه رئيس مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، وسفير واشنطن لدى اليمن، عن تطلعات بلاده لمضاعفة الضغوط الدولية على الحوثيين، بما في ذلك تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية، وتجفيف مصادر تمويلهم وتسليحهم.
انتزاع التنازلات
ويشير المحلل السياسي، خالد سلمان، إلى توصيات إيرانية تحثّ ميليشيا الحوثي "على القبول بأي تسوية مهما كانت ضآلة حصتها فيها؛ لأن طهران تدرك تغيّر المعطيات، وأن رفض عروض الراهن يحث على الإطاحة بالحوثيين".
وذكر سلمان في تدوينة على منصة "إكس"، أن إيران تعيد رسم تصوراتها، ولا ترى ما يمنع العودة ثانية إلى البدايات، من خلال التغلغل التدريجي سياسيًا والإمساك بمفاصل الدول من داخلها بعملية سياسية، بدلًا عن الطريقة المسلحة الصاخبة.
وبحسب قوله، فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الشرعية اليمنية بموازاة تفاهمات الداخل وقرار الخارج، "إغلاق كل أسباب الاختراقات والصراعات البينية، وإعادة رسم الأولويات حيث لا أولوية للقوى المؤتلفة تفوق الخلاص من الحوثي".
وشدد على أهمية التخلص من إدارة الصراع "بعقلية الكمين، واستبدالها بوضوح مسبق، يغطي كل تفاصيل دولة ما بعد الإطاحة بالحوثيين، وإنهاء التعاطي مع الأطراف العسكرية الفاعلة بذهنية انتهازية"، تؤدي بعد استعادة الدولة، إلى تفجير حروب داخلية أخرى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news