فوضى الشرعية في اليمن

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 262 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
فوضى الشرعية في اليمن

في السابع من أبريل (نيسان) 2022 تنازل الرئيس عبدربه منصور هادي من دون رجعة عن كامل صلاحياته إلى كيان جديد (مجلس القيادة الرئاسي)، على أمل أن يتمكن رئيسه وأعضاؤه السبعة من إخراج البلاد من واقع الفوضى السياسية والجمود العسكري والانهيار الاقتصادي والمعيشي التي كانت ولا تزال البلاد تعانيها.

وسبق هذا الإعلان التوقيع في الرياض في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على ما عُرف بـ "اتفاق الرياض" بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي على أمل استقرار وتنمية المناطق البعيدة من سيطرة جماعة الحوثي.

وكان الهدف من هذين الاتفاقين إعادة ضبط المسار وتنشيط الخلايا الخاملة وإعادة الحياة إليها، لكن الواقع المعاش برهن العجز الكامن حد التهالك في البناء الذي قاده الرئيس هادي منذ فبراير (شباط) 2012 ولم يتمكن من إثبات جدارته في قيادته نحو ما كان يقول إنه "اليمن الجديد".

والكل يعلم أنه لولا الدعم المادي والعسكري الذي قدمته الرياض ولا تزال، لانهار الوضع الداخلي كاملاً وسقطت البلاد كاملة تحت سيطرة جماعة الحوثي، لكن هذا الدعم لا يمكن أن يكون مستداماً نظراً لكلفته المالية العالية، ومن دون تلبية الاشتراطات الصارمة في الحصول عليه والرقابة اللصيقة على وجوه إنفاقه، وهذا طبعاً غير المشاريع الحيوية التي ينفذها ويشرف عليها مباشرة البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

والواضح الآن أن الفشل الواضح والعجز الفاضح في إدارة الأوضاع في المناطق البعيدة من سيطرة الحوثيين يحتاجان إلى تدخل سريع وجاد لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والبداية للخروج من هذا المأزق يحتاج إلى تفرغ كامل وصراحة بلا مجاملات ووضوح في المواقف ونقاط الاختلاف.

إن أي خطاب عن تشكيل كتلة منسجمة تتمكن من مجابهة الحوثيين يحتم أن تكون مفرداته صريحة من دون غموض وتركز على تصحيح العلاقة داخل مجلس القيادة الرئاسي، وخصوصاً مع المجلس الانتقالي الجنوبي.

وكذلك فهناك ارتباك في العلاقة بين "المجلس" ومجلس الوزراء، إذ ليس سراً أن العلاقة غير واضحة المعالم ولا تتقيد بما بقي من الأطر الدستورية الحاكمة، والصلة بين المجلسين وداخلهما تشهد توتراً يدركه الجميع ولا يجوز التغافل عنه ولا التساهل في معالجته.

لقد أحدثت الفوضى السياسية قصوراً في الفعالية الإدارية الركيكة أصلاً، وهذا بدوره منع اتخاذ كثير من الإجراءات واجبة الحدوث، ومنها إبدال رؤساء البعثات الذين تجاوزوا المدة القانونية المحددة في القانون، وإبدال المحافظين الذين لم يقدموا ما يستحق مقابل ما يتقاضونه من المخصصات المالية، وتغيير قادة الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية الذين تجاوزوا كل المدد القانونية ولم يتم إحلالهم لأن التعيينات تجري بخطوط مناطقية.

وليس في الأفق ما يرجح أن يتمكن "المجلس" من تجاوز العقبات التي يقف أمامها دون اقتحام دورة مصارحة كاشفة، وتحديد الأوليات التي من أجلها جاء بديلاً للرئيس هادي، إذ إن التعامل مع القضايا الوطنية من منطلق المحاصصة الوظيفية باتجاهات مناطقية تبتعد كثيراً من معايير الكفاءة والنزاهة، سيتسبب في مزيد من الإخفاقات وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين يعانون آثار الخيبة السياسية والإدارية.

إن التقيد بالقواعد مقرون بالتفاهمات الوطنية بوابة معلومة لتسيير شؤون السلطة واستقرار العمل الإداري، ومن دون ذلك فليس هناك إلا مزيد من الاضطراب الذي لا يسهم في تحسين مقدرات الحكم، وسيبقى البلد يدور من دون بوصلة ولا نطاق للجاذبية في حلقات من العبث والإهمال، وستتوالى الانهيارات داخل كل الجغرافية البعيدة من سيطرة جماعة الحوثي، من دون تدخل سعودي مباشر وقوي وتفاهمات مع أبوظبي لقمع جماح الانزلاق نحو التفتت الشامل الذي لن يبقي أي منطقة بعيدة من مرمى شهية جماعة الحوثي والجماعات الإرهابية التي تتابع المشهد عن كثب، لتحدد موعد فرصتها للظهور أمام الجميع والإغارة عليهم، ونيل حصتها من أراضي البلد المريض.

قد يكون الكلام معاداً ولكن من اللازم ترديده، واستتباب المجتمع في عدن هو المدخل، وتثبيت الأمن فيها هو بداية الاستقرار، وهذا يلزمه أن تفوض إدارة المدينة إلى جهة واحدة لإدارتها، فالسيطرة عليها ستفتح الأبواب مشرعة للدخول في طريق السلام والنقاش حول مستقبل البلاد، وهذا الأمر يستدعي الحضور المستدام لكل المسؤولين، وألا يظن أي فريق أنه يستطيع حسم القضايا بالقوة.

إن استمرار الفوضى السياسية والتسيب الإداري وانتشار الفساد على كل المستويات هي البيئة التي لا يمكن فيها الحديث عن سلطة تتمكن من القيام بواجباتها، وتكون قادرة على إنجاز مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مارب.. هجوم حوثي مباغت يسقط مواقع عسكرية وتشيّيع أكثر من 15 جنديًا قضوا بالمواجهات

الأمناء نت | 982 قراءة 

ظهور وزير بالشرعية وهو نائم اثناء الاجتماع بعيدروس الزبيدي في عدن

كريتر سكاي | 815 قراءة 

تصعيد جديد في حضرموت.. هذه تفاصيله والجهة التي تقف وراءه!

موقع الأول | 681 قراءة 

فيديو لمعارك شرسة بين مليشيا الحوثي والانتقالي الجنوبي.. ما حقيقته؟

المشهد اليمني | 614 قراءة 

مقاطعة حكومية واسعة لاجتماع الزبيدي في عدن بإيعاز سعودي

موقع الجنوب اليمني | 548 قراءة 

الانتقالي ينقلب مجددا ويعلن التأييد عبر وزاراته في الحكومة لمطالبه الانفصالية (محدث)

الموقع بوست | 467 قراءة 

وزارة الإعلام تعلن تأييد إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة

المشهد العربي | 437 قراءة 

الانتقالي يجتمع بحكومته المصغره في القصر الرئاسي بعدن

مندب برس | 435 قراءة 

الأرصاد: أمطار متفرقة وأجواء باردة تضرب عدة مناطق اليوم

حشد نت | 423 قراءة 

نبوءة السياسي المخضرم ‘‘باصرة’’ بشأن حضرموت تعود للواجهة بعد 16 عامًا .. ماذا قال؟ (فيديو)

المشهد اليمني | 386 قراءة