كشفت منظمة سام للحقوق والحريات، عن وجود شبكة معقدة من التجنيد القسري، حيث تقوم مجموعات محلية بالتعاون مع وسطاء دوليين لتجنيد شباب يمني تحت وعود كاذبة بوظائف وأجور مغرية، تصل في بعض الأحيان إلى 10,000 دولار أمريكي، مضيفةً أنه ومع غياب الرقابة وضعف الوعي القانوني، يصبح الشباب اليمني فريسة سهلة للاستغلال في النزاعات العسكرية.
وقالت "المنظمة" في بيان، "إنّ الظروف الاقتصادية المزرية في اليمن، بما في ذلك البطالة والفقر المنتشر، تجعل من الشباب هدفًا سهلًا للاستغلال، إضافة إلى أن غياب الوعي بالقوانين الدولية والمحلية يزيد من تعرضهم للاستغلال من قبل الشبكات القسرية، ويجعلهم أكثر عرضة للانتهاك في محيط النزاع العسكري".
ووفق البيان، فإنّ الشهادات التي حصلت عليها سام تكشف عن وجود شبكة منظمة تُدار بعناية لتنفيذ عمليات نقل الأفراد، مع استخدام واجهات متعددة للتمويه على أنشطة التجنيد.
ولفتت "سام" إلى أن شبكة التجنيد القسري لا تقتصر على الوكلاء المحليين بل تشمل أيضًا أفرادًا مرتبطين بجماعات سياسية داخل اليمن، مثل عبد الولي الجابري، الذي يعد من الأسماء البارزة في هذه الشبكات، حيث يتم استدراج المجندين عبر وعود بالهجرة والعمل، ثم يتم نقلهم عبر قنوات غير قانونية إلى روسيا، ويُحتجزون في معسكرات تدريب عسكرية قسرية، مضيفةً أن هذه العمليات غالبًا ما تتم دون علم المجندين الكامل بالعواقب القانونية أو الإنسانية المترتبة على توقيعهم على عقود غير مترجمة.
واعتبرت منظمة سام، في البيان، أن هذه المعطيات لا يمكن فصلها عن المشهد السياسي الإقليمي، إذ ألمحت تقارير مختلفة إلى تطور العلاقة بين جماعة الحوثيين وموسكو، ويُعتقد أن هناك تنسيقًا غير مباشر في عمليات استقطاب اليمنيين للقتال في مناطق النزاع. يأتي ذلك في ظل علاقات الحوثيين الدولية المتنامية، وخصوصًا مع القوى الداعمة لمواقفهم، مما يثير تساؤلات حول مستوى التنسيق في استغلال اليمنيين كوقود لصراعات دولية.
بحسب البيان، فقد قدم عدد من المجندين شهادات لمنظمة سام حول الآلية التي تستخدمها شبكة التجنيد التي تديرها شركة الجابري لتجنيد الأفراد ونقلهم إلى روسيا، وأفادوا بأن إصدار التأشيرات يتم من قبل السفارة الروسية في سلطنة عمان. بعد ذلك، يُطلب من المجندين من مختلف المحافظات السفر إلى مدينة الغيضة، عاصمة محافظة المهرة، حيث يتم تجميع أصحاب التأشيرات. أوضح الشهود أن الشبكة تعتمد على شركة سفريات وسياحة يديرها مكتب الجابري، ويبدو أن هذه الشركة أُنشئت كواجهة لتغطية أنشطة التجنيد.
وقالت المنظمة، إنه تُظهر شهادات عديدة، أنّ المجندين اليمنيين تعرضوا لعملية خداع ممنهجة من قبل شركة "الجابري وشركائه"، حيث تم استقطابهم بوعود مالية مغرية شملت دفعات تصل إلى 10 آلاف دولار، وراتب شهري قدره 2500 دولار، بالإضافة إلى حوافز أخرى كالتأمينات والجنسية. بيد أن الواقع كان مختلفًا تمامًا؛ إذ وجد هؤلاء العمال أنفسهم محتجزين في معسكرات داخل روسيا، تُفرض قيود صارمة على حركتهم، فلا يُسمح لهم بالمغادرة إلا تحت حراسة مشددة ولأغراض محدودة جدًا كشراء احتياجات أساسية، ليعودوا بعدها مباشرة إلى مواقع احتجازهم.
ودعت منظمة سام للحقوق والحريات الحكومة اليمنية إلى ضرورة اتخاذ خطوات حازمة لملاحقة ومعاقبة المتورطين في عمليات التجنيد القسري، من خلال تشديد القوانين الوطنية لحماية الشباب من الاستغلال، وتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر التجنيد القسري وتوفير الدعم اللازم للمجندين العائدين.
كما طالبت المنظمة المجتمع الدولي بضرورة تكثيف الرقابة على المنافذ التي يتم من خلالها تجنيد اليمنيين، مثل سلطنة عمان وروسيا، وفتح تحقيقات دولية حول هذه الانتهاكات، والضغط على الأمم المتحدة والمجالس الحقوقية المختصة للتحقيق في الانتهاكات المتعلقة بتجنيد المرتزقة، كما دعت الأطراف الدولية إلى تعزيز آليات الحماية وتوفير الدعم الإنساني لليمنيين، بما يخفف من استغلال أوضاعهم الاقتصادية في أجندات سياسية وعسكرية.
وأكدت "سام" أن إقحام الشباب اليمني في الحرب الروسية-الأوكرانية من خلال شبكات تجنيد قسرية يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويرقى إلى مستوى الاتجار بالبشر، وهو ما يستدعي اتخاذ خطوات حازمة لملاحقة ومعاقبة المتورطين، من خلال تشديد القوانين الوطنية لحماية الشباب من الاستغلال، وضرورة تكثيف الرقابة على المنافذ، إضافة إلى فتح تحقيقات دولية حول هذه الانتهاكات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news