يمن إيكو|تقرير:
بدأ اليوم الأربعاء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، على أساس وقف العمليات العسكرية من الطرفين وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القرى الحدودية التي كان قد دخل إلى بعضها، وبالرغم من أن هذه الجبهة كان لها التأثير الاقتصادي الأكبر على إسرائيل في الحرب، فإن مؤشرات التعافي بسبب وقف إطلاق النار ليست كبيرة.
الاتفاق الذي تم إعلانه مساء أمس ودخل حيز التنفيذ صباح اليوم، نُظر إليه على نطاق واسع باعتباره “انتصاراً” لحزب الله اللبناني، بحكم أن إسرائيل لم تحقق أهدافها المعلنة على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتينياهو، وأبرزها هدف “تغيير الشرق الأوسط” والقضاء على حزب الله بشكل كامل وإعادته إلى شمال نهر الليطاني، وإعادة المستوطنين إلى الشمال.
وقد باركت حركات المقاومة الفلسطينية الاتفاق واعتبرته إنجازاً مهماً لحزب الله.
وبالمقابل سخر زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان من رئيس الوزراء الاسرائيلي قائلاً: “نتنياهو قال إن الحرب تستمر حتى النصر المطلق لكن لم يحدد من الذي سينتصر”، معتبراً أن الاتفاق يشكل “استسلاماً”، فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت الاتفاق بأنه “فشل أمني وسياسي كامل”.
وقد سارع النازحون اللبنانيون الذين أجبرتهم الغارات الإسرائيلية، خلال الفترة الماضية، على مغادرة قراهم ومدنهم وخصوصاً في جنوب لبنان، إلى العودة برغم التحذيرات الإسرائيلية، والاحتفال بـ”الانتصار”، لكن على الجهة المقابلة لم يعد الإسرائيليون إلى المستوطنات الشمالية التي أخلوها بسبب هجمات حزب الله التي بدأت منذ 8 أكتوبر 2023 وتصاعدت بشكل تدريجي على مدى أكثر من عام لتصل إلى مراكز حيوية في العمق الإسرائيلي بما في ذلك تل أبيب.
وفي خطابه الذي أعلن فيه عن الاتفاق لم يدعُ نتنياهو الإسرائيليين إلى العودة إلى المستوطنات الشمالية المهجورة، لكن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، دعا بالمقابل اللبنانيين إلى العودة لمدنهم وقراهم بشكل فوري.
وبحسب تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ورصده موقع “يمن إيكو”، فإن “الإسرائيليين متشككون في تأكيدات الحكومة أن المشكلة تحت السيطرة هذه المرة، وسوف يستغرق الأمر شهوراً من دون وقوع هجمات حتى تهدأ مخاوفهم”، مضيفة أن “الإخفاقات الاستخباراتية والعسكرية التي وقعت في السابع من أكتوبر أدت إلى إضعاف مصداقية أجهزة الاستخبارات والقوات العسكرية الإسرائيلية”.
ويبدو أن هذه القراءة تنسحب أيضاً على الوضع الاقتصادي، حيث أفادت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية العبرية بأن شركات الطيران الأجنبية لن تعود إلى إسرائيل قريباً، برغم اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، مع أن تصعيد الحرب مع الأخير كان من أبرز الأسباب التي دفعت بشركات الطيران إلى وقف رحلاتها من وإلى إسرائيل، وقد تسبب أحد صواريخ الحزب بإيقاف حركة مطار بن غوريون مطلع الشهر الجاري.
وحول الوضع في قطاع الاستثمارات، قال إيدان أزولاي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة سيجما كلاريتي للاستثمار قوله: “لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة، لأنه ليس من الواضح بعد ما هي عواقب الاتفاق على لبنان”، مضيفاً أن “هذه ليست حالة وقف واضح لإطلاق النار، لذلك لم يتغير شيء أساسي في تقييمات المخاطر”، بحسب ما نقل تقرير نشرته صحيفة “غلوبس” العبرية ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”، اليوم.
وحول إعادة إعمار البنية التحتية في مستوطنات الشمال، نقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” عن مسؤول كبير في الجهاز المصرفي، قوله: “لا يوجد من يعيد الترميم، حيث لا توجد أيادٍ عاملة، ولذا فإن مجرد إعطاء الأموال يمثل إشكالية”.
وأشار المسؤول إلى أنه لا يوجد أي خيار سوى الاستعانة بالشركات الأجنبية.
لكن إذا كان الإسرائيليون أنفسهم سينتظرون لعدة أشهر قبل اتخاذ قرار العودة إلى المستوطنات الشمالية، بحسب قراءة “فورين بوليسي” فإن الشركات الأجنبية لن تكون أكثر انفتاحاً على القدوم إلى تلك المستوطنات.
ويبدو من خلال هذه التقييمات أن تعافي إسرائيل من الخسائر الاقتصادية التي سببها حزب الله سيكون بطيئاً جداً، وهذا في حال ثبوت حالة وقف إطلاق النار، لكن عدم اليقين بشأن هذه الحالة سيبقى مخيماً على الأجواء لفترة طويلة بحسب كل التقييمات، وهو ما سينعكس سلبياً على الوضع الاقتصادي.
وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل من بقية أطراف ما يعرف بـ”محور المقاومة” قائمة، خصوصاً في ظل التأكيدات الإيرانية المستمرة على حتمية القيام برد عسكري كبير على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف إيران نهاية أكتوبر الماضي، وتصاعد الضربات التي تنفذها قوات صنعاء والمقاومة الإسلامية في العراق على العمق الإسرائيلي، كمّاً ونوعاً، وهو ما سيبقي الاقتصاد الإسرائيلي في حالة جمود وعدم يقين مستمرة ستعيق التعافي من خسائر جبهة حزب الله بشكل سريع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news