مأرب الورد
ضع مصلحتك الخاصة أولا وأخيرا قبل مصلحة حزبك أو جماعتك أو كيانك. قيادات جميع الأطراف تفكر بمصالحها فقط ولا تهتم بأمرك والدليل واقعك.
تعرف قياداتك كيف كانوا قبل الحرب وكيف أصبحوا؛ فمن الحياة العادية والوظائف البسيطة إلى المناصب العليا والثراء الفاحش.
وتعلم أيضا أن هذه القيادات في أي طرف، لا تخضع لأي نوع من المحاسبة سواء داخل كياناتها أو في مؤسسات الدولة، وبالتالي فإن الأموال التي اكتسبوها مشبوهة حتى لا نقول شيء آخر.
أنا وأنت وهو وهي وهم وأولئك من الأعضاء في الأحزاب أو أنصار الجماعات والكيانات، معظمنا غير مستفيد من مغانم سلطة الطرف الذي ينتمي إليه؛ فكم طالب وظيفة لا يجدها وكم تلميذ عاجز عن تحمّل تكاليف الدراسة وكم مريض غير قادر على العلاج وكم شاب محطم الأحلام وكم وكم، بينما قلة هم المستأثرين بكل شيء وهؤلاء هم القيادات والمطبلين لهم.
كم نسبة المستفيدين من “سلطة” الحوثيين من أنصارهم ويُمكن استخدام نفس المقياس على بقية الأطراف، مع أنه لولا دعم وتأييد والتفاف الأعضاء والمؤيدين لما اكتسبوا النفوذ بالسلم أو الحرب.
يجب أن يضع الجميع مصالحهم الذاتية قبل انتماءاتهم التي أصبحت عبئا عليهم وسببا في بؤسهم، وما أقصده هنا هو أن تقايض دعمك وولائك لحزبك أو جماعتك باستجابتها لحقوق الأساسية المشروعة المكفولة في الدستور والقانون وحتى في اللوائح الداخلية خاصة في الأحزاب، وأن تسحب دعمك وتأييدك في حال خذلانك.
كيف تقبل أن تبقى مجرد “غرّام” تضحي بنفسك ومالك ووقتك دون فائدة وكيف تقبل المشاركة في المغرم وحرمانك من المغنم؟
لست هنا ضد الانتساب لأحزاب أو جماعات طالما تعمل بموحب ترخيص رسمي، بقدر ما أحاول لفت انتباهك إلى أنه يُمكنك أن تكون عضوا في هذا الحزب أو مؤيدا لهذه الجماعات كإنتماء سياسي أو فكري مع تغلّيب حقوقك منها ومن التي تشارك بها أو تحكمها منفردة.
المطالبة بحقوقك ومقايضتها بولائك للجهة التي تنتمي لها حق أصيل ولا يتناقض مع انتمائك لها، وطالما تتمتع قياداتها بالمال والمزايا الأخرى التي تضمن لها حياة كريمة مريحة فمن حقك أيضا الحصول على نفس الحقوق والحياة الكريمة.
إذا لم تستوعب هذه البديهيات وتعمل بها ستستمر معاناتك وستكون سببا في إطالتها بتطبيلك ودفاعك الأعمى وتعصبك غير المنطقي لهذه القيادات لتبقى في أماكنها مرتاحة بدون الخوف من أي محاسبة أو مساءلة.
من حقك محاسبة قياداتك من أين لها الأموال وكيف اشترى هذا منزلا وهو لم يكن تاجرا ولا أسرته غنية وكيف أصبح ذاك صاحب شركة ولم يكن شيئا قبل الحرب وتوليه منصبا ما؟
لن يتغير حالك طالما كنت مؤيدا أعمى لا تستخدم حقك في المساءلة ومقايضة الانتماء بالحقوق، ولن تغير حالك أي جهة داخلية أو خارجية حتى تنتظر دونما بذل تلك الأسباب التي تحدثت عنها.
انظر كيف تعاني في الحصول على إيجار المنزل أو الشقة وكيف تجوع أسرتك لانعدام الدقيق والزيت وكيف حُرم أولادك من التعليم لعجزك المالي وكيف تدهورت صحتك لفقدان وظيفتك أو حرمانك من حقك فيها من قبل هذا الطرف أو ذاك.
ينبغي أن تتذكر أن أي جهة تحكم عليها مسؤوليات والتزامات تجاه المحكومين ولا تسقط هذه الالتزامات في السلم أو الحرب ولا يجب أن تقبل أعذارها بذريعة وجود الحرب أو شُح الموارد، ذلك أن هذه مسؤوليتها فإما تتحملها باقتدار أو تدع الحكم للقادرين عليه.
إذا كنت لا تستطيع ممارسة حقك الدستوري في التظاهر فلا يزال بيدك حق التخلي الفعلي والعلني عن تأييد هذا الطرف أو ذاك، وأضعف الإيمان التوقف عن الدفاع عنهم في مواقع التواصل، إذا لم تكن راغبا في انتقادهم علنا.
إذا قلت وهل سيتغير حالي بمجرد حدوث ذلك، والجواب ليس حالا ولكن اتخاذك هذه الخطوة يقلل التزاماتك تجاه انتمائك ويحررك من القلق والخوف والاختلاف مع الآخرين بسبب الانتماء، وكلما اتخذ غيرك نفس الخيار كلما قلّ عدد أتباع هذا الطرف أو ذاك وشعروا أنهم يخسرون قوتهم في الواقع ومع الوقت قد يكون هناك تغيير طوعي أو إجباري.
التغيير طويل ولكنه يبدأ من عندك وإذا وضعت أقدامك في الطريق الصحيح فهذه الخطوة الأولى التي سيتخذها غيرك في يوم ما.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news