إلاّ وطني – فلسطين عيني ولبنان عيني الأُخرى

     
يمن اتحادي             عدد المشاهدات : 375 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
إلاّ وطني – فلسطين عيني ولبنان عيني الأُخرى

 

 

بقلم : طلال أبوغزاله

 

أتابع بأسىً بالغٍ مشاهدَ الآلام التي تُدميّ الشاشات الصغيرة، وتَفطر القلوب التي تَنبِض باسم الوطن، وبحبِّ الأرض، أرض فلسطين التي كانت مهد الطُهر والقداسة والصلوات.. وأرض لبنان وطن الخير والحبّ والجمال.. أغالب الشعور بالقهر، أغالب اليأس، والتشاؤم، فأنا أؤمنُ أنّ الإنسان يد الحقّ الطولى على الأرض، سخّرها من خلقها لصون الكرامة والكبرياء.. وقد أثبتَتْ هذه الأرض أنها لم تُنبِتْ شجر الزيتون الأخضر الذي لا مثيل لزيته وجوده وجودته.. بل هي أرض الرجولة التي لا يمكن أن تدخل "دهاليز " الالتباس التي نراها في كثير من الأشباه التي تنمو كالعشب الضار، والفطر السام في المجتمعات العربية والغربية والأخرى على حدٍّ سواء.

لن أكرر تفاصيل المشهد هنا، فالمشاهد في كلّ مكان بات على علمٍ بما جرى منذ ال1948 حتى اليوم، كان الكثير من هؤلاء يساورهم الشكّ، لكن الأحداث المتسارعة توثّق ما تعنيه منظومات شائعة ومكرّسة كثيرة مثل "حقوق الإنسان "، و "حريّة التعبير"، و"احترام الرأي"، "الإبادة"، "جرائم الحرب" وغيرها من العناوين التي احتلّت لسنواتٍ طوال أفخم القاعات، وأعرق الصفحات في أعتى الجرائد، ولكن في هذا الامتحان سقط الكثير من المنظومات في فخاخ الادعاء، والنفاق السافر، الذي أفقدها احترام حتى المقربين من محافلها الدولية وهي تقف مكتوفة الأيدي لا تقدّم موقفاً، ولا تُأخّر بشاعة لم يرتكبها العدو الغادر بحق الشعبَين الفلسطيني الحبيب واللبناني العزيز.

لستُ هنا بصدد سرد الوقائع فهي لم تعد خافية على أحد، ولكن لفتني ريبورتاجاً قصيراً على شاشة تلفزيون الجديد، يلقي الضوء على تجربة اختين من "عكار " تحاولان ما أمكنهم بمد يد العون لإخوانهم النازحين اللبنانيين، وذلك بتفصيل الحرامات الصوفيّة لتقديمها لبعض الذين استقبلتهم مراكز الإيواء من صفوف المدارس وبعض أبنية الدوائر الرسميّة، كانت إحداهما توضّب الأغطية الصوفية وقد اقترب موسم الشتاء الذي يُنذر بالكثير من الصقيع في تلك المناطق الجبليّة الباردة، وليس هنا مربض المتابعة، بل عندما لفتتني الأخرى بحديثها عن ابتكار تصميمٍ للمتبقّي من قماش الأغطية الصوفي وبعدة ألوان ونقشات مختلفة خاطتها "جاكيتاً " وهي تنوي إقامة مزاد علني له ليقدّم نظيره لكل محتاج إلى هذا المعطف القصير لمن نزحوا قبل أن يتمكنوا من حمل الألبسة الشتويّة وقد تدمّرت بيوتهم بالكامل بحيث يتعذّر عليهم الحصول على ألبسة محفوظة من الموسم الماضي.

منظر الجاكيت أعادني// 73// سنة إلى الوراء، أعادني إلى ذاك الطفل الذي كُنتُه، أعادني إلى عائلتي التي كانتْ تتكافل ببضعها البعض لتأمين الدفء في ليالي الشتاء الباردة ونحن نتقاسم اللقمة وحبّات الفاكهة التي أذخرها من أسبوع إلى أسبوع، أعادني لحكمة أمّي وحِنكتها التي لم تشأ أن تتركني فريسةً للصقيع في مشواري الطويل إلى المدرسة الرسمية في "الغازية " لتحصيل الدراسة فخاطت لي معطفاً من بطانيّة المعونات في منظّمة "الأونروا " التي يتكالب عليها العدو هذه الأيام ليسلبها دورها وواجباتها تجاه المتضررين من العدوان الآثم اللعين، أعادني إلى التفوّق والبسالة في تحدّي الظروف القاهرة التي أعطتني القدرة على التصميم والإرادة والصمود، أعادني إلى تعليقات الزملاء، وكأنما الأمس هو اليوم حرفيّاً، يا لها من مقولة مقيتة الآن وهي تحضرني بشراسة "التاريخ يعيد نفسه"، نعم يتشابه تاريخ الوجع في كل مكان وزمان، ولكن فلسطين اليوم أقوى من أيّ وقت مضى، إذ لم يهجرها أهلها ولم يهربوا خارجها من المواجهة، بل منذ سنة وبضعة أسابيع وآلات القتل والتدمير العدوانية لم تتوقّف، والشهداء بالعشرات يومياً يروون الأرض بدمهم، وكل فلسطيني أعزل في غزّة يتأهّب ب"جسده " لا أكثر للدفاع عن غزّة، ومثل هؤلاء الأبطال في الجنوب اللبناني، فالأرض تشهد لمخلصيها إذ تفسح للأزهار أن تنمو فوق ترابها جيلاً بعد جيل، وعند الفواجع تنبش أعماقها لتحتضن الأبطال شهيداً تلو الشهيد، أمّا الغرباء فهم يحزمون أمتعتهم ويتوجّهون إلى منفذ وحيد لا عودةَ إليه على متن أول طائرة متوفّرة لوجهة تذكّرهم عند أعتاب الوصول لوِجهَتِهِم كم كانوا واهمين باحتلال أرضٍ زعموا أن لا شعب لها، ليدركوا أخيراً أنّ الفلسطيني ليس مجرّد مواطن يعيش يومياته بمزاج عنيد، بل الفلسطيني تاريخ حافل بالحقائق الكثيفة، وقد آن الأوان ليقرأها العالم جيداً مهما أرجأ لأجلها الاهتمام..

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اندلاع اشتباكات بين مواطنين والافارقة عقب سيطرتهم على قريتهم وحملة عسكرية تهجر اليمنيين

كريتر سكاي | 426 قراءة 

بحيرة يسكنها الجن في شبوة تثير الدهشه

كريتر سكاي | 363 قراءة 

ضغوط لإعادة تشغيل مطار صنعاء وتوجهات لتحديث أسطول اليمنية

المشهد اليمني | 335 قراءة 

تقرير خبراء مجلس الأمن يسرد تفاصيل “صادمة” عن فرقة “الزينبيات” التابعة للحوثيين ودورها الإستخباراتي “الخطير”

بران برس | 325 قراءة 

وزير الأوقاف السابق: مطار المخا إنجاز وطني يخدم ملايين اليمنيين ولا يجوز حشر السياسة في مشاريع التنمية

حشد نت | 323 قراءة 

اشتباكات وقصف متبادل بين مليشيا الحوثي و‘‘دفاع شبوة’’ والطيران يتدخل

المشهد اليمني | 317 قراءة 

اشتباكات وقصف مدفعي.. الحوثيون يسيطرون على مخيم للمهاجرين الأفارقة في صعدة بسبب خلافات حول تهريب المخدرات (فيديو)

المشهد اليمني | 285 قراءة 

استنفار مفاجئ للأطباء الجراحين في صنعاء

نيوز لاين | 280 قراءة 

توجيهات رئاسية عاجلة إلى رئيس الحكومة بسرعة العودة إلى عدن وقطع زياراته الخارجية

مراقبون برس | 279 قراءة 

تصويت جديد لمجلس الأمن على تجديد العقوبات

نافذة اليمن | 257 قراءة